مصر: غلق ملف "فساد القمح" بأوامر رئاسية

مصر: غلق ملف "فساد القمح" بأوامر رئاسية

01 اغسطس 2016
فساد في ملف القمح المحلي في مصر (Getty)
+ الخط -


كشف مصدر برلماني مطلع، لـ"العربي الجديد"، أن الرئاسة المصرية تدخلت لدى مجلس النواب لغلق ملف فساد توريدات القمح، على خلفية الأرقام التي أعلنتها لجنة تقصي الحقائق البرلمانية عبر وسائل الإعلام بشأن وقائع الاختلاس الضخمة في صوامع التخزين، والمتعلقة بالتوريدات الوهمية، وخلط الأقماح المستوردة بالمحلية.

وكان عضو لجنة تقصي الحقائق، مدحت الشريف، قد صرح بأن اللجنة رصدت اختلاسات بقيمة 557 مليون جنيه، ما يعادل 64.9 مليون دولار، خلال زياراتها الميدانية لعشرة مواقع لتخزين القمح، بما يعادل نسبة 42% من حجم المخزون بها، التي تعد عينة محدودة للغاية من أصل 517 موقعا لتخزين القمح في كافة أرجاء البلاد.

وأضاف المصدر، لـ"العربي الجديد"، أن رفض رئيس البرلمان، علي عبد العال، مد عمل لجنة تقصي الحقائق لمدة شهر، لزيارة عدد آخر من صوامع القمح في المحافظات، جاء بعد "استياء رئاسي" بسبب تصعيد أعضاء اللجنة، وكشف وقائع الفساد للرأي العام، بما يعطي مؤشرا سلبيا عن إهدار المال العام، في وقت تعاني فيه الدولة من وضع اقتصادي متأزم.
وأشار المصدر إلى نقل الرئاسة انزعاجها من "تداخل عمل اللجنة البرلمانية مع اختصاصات أجهزة تنفيذية ورقابية"، فضلا عن اتهام أعضاء اللجنة المستمر لوزير التموين، خالد حنفي، والذي يعد من المجموعة الوزارية المقربة من السيسي، بالتستر على وقائع الفساد.


 
وكان الوزير قد نفى "وجود أي محضر مُحرر من اللجنة يثبت وجود قمح مستورد في الصوامع، ولكن المحاضر أثبتت وجود نقص في الكميات".

وقال حنفي، في لقاء خاص بمكتبه مع محرري البرلمان، الخميس الماضي، إن البلاغات التي أحيلت للنيابة العامة، سواء من خلال اللجنة البرلمانية أو لجان التفتيش التابعة لوزارته "يُقدر بنحو 4% من إجمالي كميات القمح الموردة الموسم الحالي، بمخالفات تبلغ 230 ألف طن من القمح بقيمة 644 مليون جنيه".
ووجهت حكومة السيسي دعماً للقمح في الموازنة الجارية بقيمة 3.4 مليارات جنيه، شملت دعما مباشرا للمزارعين بقيمة 1300 جنيه للفدان، وشراء الإردب بسعر 420 جنيها، بما يزيد عن السعر العالمي بنحو 1200 جنيه للطن الواحد، في حين يُمرر التجار شحنات ذات جودة منخفضة من القمح المستورد إلى الصوامع، باعتبارها أقماحا محلية.

رفض المد

وقال رئيس لجنة تقصي الحقائق البرلمانية، مجدي ملك، إنه طلب قصر طلب اللجنة بمد عملها إلى أسبوعين فقط بدلا من شهر، إلا أن الطلب قوبل بالرفض أيضا، ونقل عن رئيس البرلمان قوله "لا داعي للمد، والمجلس سيناقش تقرير اللجنة، وينتهي منه في إحدى جلساته المنعقدة أيام (7 – 8 – 9) أغسطس الجاري".
واستند عبد العال في رفضه إلى "نص قرار تشكيلها لمدة شهر واحد، بدأ في 29 يونيو الماضي، وينتهي في 29 يوليو"، فيما كلف رئيس البرلمان مستشاره القانوني، محمود فوزي، بمعاونة اللجنة في سرعة استصدار تقريرها النهائي.

توصيات شكلية

ووفقا للمصدر، تنتهي اللجنة في تقريرها إلى وضع عدة توصيات غير ملزمة للحكومة، الذي سيناقش أمام جلسات البرلمان، ليغلق بعدها ملف فساد القمح، على أن تتضمن "دعم الفلاح بشكل مباشر، دون وسيط، ومساواة سعر القمح المحلي بنظيره العالمي، لغلق باب التربح من أموال الدعم على أصحاب الشون والصوامع".
كما ستتضمن التوصيات "توجيه القوات المسلحة، ومباحث التموين، والجهات الرقابية، باستمرار عمليات التفتيش على جميع الصوامع الخاصة، ومنع تأجير شركتي الصوامع العامة والقابضة، التابعتين لوزارة التموين، من تأجير بعض الشون للقطاع الخاص، بعد كشف تورطهما في عمليات الفساد التي كشفتها اللجنة".

دور "دعم مصر"

ولم يكن ائتلاف الأغلبية "دعم مصر"، المحسوب على الدائرة الاستخباراتية الرقابية للسيسي، بعيدا عن المشهد، حيث مارس نوابه ضغوطا متواصلة على رئيس البرلمان لغلق ملف فساد القمح، خاصة بعد علمهم بتقديم اللجنة طلبا لمد عملها، معتبرين أن اللجنة "تجاوزت صلاحياتها خلال جولاتها الميدانية بتفتيش الصوامع الخاصة، واستجواب مسؤوليها".
وتقدم أكثر من 80 نائبا بمذكرة لرئيس المجلس، طالبوه فيها بتعديل تشكيل اللجنة، بدعوى وجود 11 من أصل 18 عضوا من المنتمين لمحافظة المنيا بشمال صعيد مصر، ما يثير الشبهات حول عملها، متهمين اللجنة بـ"تصدير أرقام مبالغ فيها عن الفساد للرأي العام، كما قال رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات المُقال من منصبه"، في إشارة إلى المستشار هشام جنينة.

ورصدت اللجنة مخالفات بقيمة 28 مليون جنيه بصومعة "الياسمين" بمدينة السادس من أكتوبر غرب القاهرة، المملوكة لشقيق عضو الائتلاف طارق حسانين، ويشغل الأخير منصب رئيس غرفة الحبوب، التابعة لاتحاد الصناعات المصرية، وأحد كبار المتورطين في استيراد القمح المصاب بفطر "الإرجوت".


المساهمون