ضعف الاستثمارات السورية في بريطانيا يقلل تأثرها بقرار الخروج

ضعف الاستثمارات السورية في بريطانيا يقلل تأثرها بقرار الخروج

26 يونيو 2016
تداعيات الخروج البريطاني من الاتحاد الأوروبي مستمرة(Getty)
+ الخط -
 

 

يرى خبراء سوريون أن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، لن يؤثر على العلاقات التجارية مع دمشق، خاصة في ظل العقوبات الأوروبية المفروضة على نظام الأسد منذ عام 2012، مشيرين إلى أن سورية هي البلد المتوسطي الوحيد الذي لم يوقع على اتفاق الشراكة الأورو متوسطية، كما أن الاستثمارات البريطانية بسورية قليلة مقارنة مع الفرنسية.

ويقول الاقتصادي السوري حسين جميل من إسطنبول: "رغم أن الاتحاد الأوروبي، كان قبل الثورة أكبر شريك تجاري مع سورية، بنسبة أكثر من 50 % من مجمل التجارة الخارجية السورية إلا أن الأرقام مع بريطانيا كانت الأقل، كما أن الصادرات السورية تنحصر بمجملها حول المواد الخام، وفي مقدمتها النفط والقطن والنسيج وبعض الخضر والفواكه".

وعن أثر تأثر الجنيه الإسترليني سلباً على الاحتياطي النقدي بسورية، يضيف جميل لـ"العربي الجديد": رغم أن سورية فكت ربط عملتها بالدولار فقط، وربطتها بوحدة السحب الخاصة "سلة العملات" إلا أن الاحتياطي النقدي الأجنبي بالمصرف المركزي كان جله بالدولار، وبعض المبالغ باليورو، وهذا قبل أن يشارف على النفاد كما أكد البنك الدولي الشهر الفائت، ما يعني أن الأثر قليل على الاقتصاد السوري.

ورأى مستثمرون واقتصاديون سوريون، أن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، لن يؤثر على اقتصاد حربي متهالك لم يعرف أيام السلام جذب استثمارات بريطانية ولم ينوع احتياطياته النقدية بالجنية الإسترليني رغم فك ارتباط عملته بالدولار فقط منذ عقود.

ويقول الدكتور حسين العماش، إن تأثير خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، على الاستثمارات السورية في بريطانيا سيكون محدوداً، لأن الاقتصاد البريطاني لم يندمج بنظام العملة الأوربية الموحدة اليورو، كما أن نظامها المصرفي لم يتحول كثيرا تجاه أوروبا وبقي على مسافة حذرة منه، وبقي مستقلا وأمسك العصا من الوسط باتجاه أموال النفط الفائضة أو الأسواق المالية الأميركية من جهة، والسوق الواعدة في أوروبا الموحدة ولكن المتعثرة من جهة أخرى.


وأضاف رئيس هيئة مكافحة البطالة بسورية سابقاً، العماش لـ"العربي الجديد" أنه ليس من رقم محدد لاستثمارات السورية، رغم أن كبار المستثمرين السوريين يستثمرون ببريطانيا في قطاع النفط والعقارات والمصارف، مشيراً إلى استثمارات كبيرة سرية لمن سماهم أنصار نظام بشار الأسد، وما يقال عن استثمارات أيمن الأصفري وتوفيق سعيد وغيرهما، فمعلوماتنا تشير إلى أنها استثمارات محلية وعقارية بالدرجة الأولى، أو موجهة إلى خارج الاتحاد الأوروبي في أسواق السلع. ولا أعتقد أنها ستتأثر بخروج بريطانيا، لأنها موطنة نفسها على سرعة التقلب والتأقلم.

ورجح مستثمرون سوريون أن خروج بريطانيا من شأنه أن ينعكس سلباً على سعر الجنيه الإسترليني، وإن لفترة محدودة، وبالتالي على الاستثمارات العربية، ورجح آخرون أن التأثير سيحمل صفة الديمومة، وخاصة على التجارة الخارجية وجذب بريطانيا للاستثمارات والأموال، متخوفين في الوقت نفسه من أن التصويت لخروج بريطانيا قد يحدث انقساماً داخل الاتحاد الأوروبي وربما يفتح الباب أمام ألمانيا وفرنسا للتصويت وإعادة التجربة البريطانية.

ويقول رجل الأعمال السوري محمد عنتابلي: لا توجد إحصائية دقيقة عن قيمة الاستثمارات العربية في بريطانيا، هناك تقديرات تراوح بين 100-150 مليار جنيه، مشيراً إلى أن معظم الاستثمارات "الظاهرة" تتركز بالاستثمارات العينية، شقق وبيوت خاصة بالتجارة، فنادق صغيرة وضخمة، مطاعم متنوعة عربية وغربية وشرق آسيوية، مخازن (هارود مثلاً لقطر وهو أشهر مخزن بالعالم)، محلات لبيع الأغذية، معامل حلويات، صناعات خيوط - نسيج -ملابس، محلات تجارية، شركات استيراد وتصدير، شركات بيع سيارات وتصليحها وتصدير قطع غيار، إضافة إلى استثمارات بالقطاع الصحي كالعيادات ومستشفيات، فضلا عن  استثمارات غير عينية، تتمثل بالاستثمار بالمصارف، أو استثمارات بقطاع الطاقة، كالبترول والغاز واستثمارات بقطاع النقل الجوي والبري والبحري.

وعن توقعه بأثر انسحاب بريطانيا من الاتحاد الأوروبي على الاستثمارات العربية، أضاف المستثمر السوري بلندن عنتابلي: بالتأكيد سيضعف قيمة هذه الاستثمارات إلا أن هذا لا يعني بالضرورة مغادرتها بريطانيا، إذ من المتوقع وبحسب ما بدأ يتم تداوله، أنه سيغادر قسم منها، خاصة الاستثمارات ذات الإنتاج الصناعي التي ستتأثر بفرض رسوم بين بريطانيا والاتحاد الأوروبي.

وتحوف المستثمر السوري بقطاع الأغذية، عنتابلي، من وصول اليمين المتطرف للسلطة، فوقتها ستتغير كثير من قوانين الهجرة وحقوق الإنسان نحو الأسوأ وستزيد نسبة البطالة.

وحول حجم الاستثمارات السورية ببريطانيا يقول المستثمر عنتابلي: استقطبت بريطانيا الكثير من المستثمرين ورجال الأعمال السوريين، ولكن لا توجد أرقام محددة نظراً لتنوع الاستثمارات ومنها الصغيرة، ويوجد مستثمرون سوريون كبار وعلى مستوى المملكة المتحدة، أمثال أيمن الأصفري ووفيق رضا سعيد وفيصل قدسي وفواز الأخرس وغيرهم.

ويكمل عنتابلي "ما أعرفه عن استثمارات أيمن الأصفري، على سبيل المثال، أنها تبلغ بحسب التقديرات البريطانية 850 مليون جنبه وتبلغ ميزانية رضا سعيد 3500 مليون جنيه وفيصل قدسي مئات الملايين وفواز الأخرس يقولون 150 مليون ولكن هذه أرقام متداولة، ولا يوجد أي دليل أو رقم دقيق".

ويختم عنتابلي لـ"العربي الجديد": "أنا بريطاني سوري وهذه بلدي الآن وعشت هنا حوالي 39 سنة ولن أغادر إلا إلى سورية، وأعتقد أن هذا رأي جميع البريطانيين، وربما المستثمرين من غير البريطانيين هم من يمكن أن يغادروا أو ينقلوا بعض استثماراتهم".

وحول تأثر الاستثمارات السورية في بريطانيا، يقول الاقتصادي السوري محمد خضر، سيكون التأثير السلبي على الاستثمارات ذات الطبيعة الصناعية والانتاجية التي تعتمد على التصدير، أما الاستثمارات الخدمية والمالية، فربما تخسر على المدى القريب ومن ثم تعود إلى وضعها الطبيعي خلال سنة، أما الودائع النقدية فستكسب لأن المركزي البريطاني سيرفع أسعار الفوائد لحماية الجنيه والحفاظ على استقراره، مشيراً إلى أن الاستثمارات السورية الكبيرة ببريطانيا، لها فروع واستثمارات خارجها، ويركزون في بريطانيا على الأموال، نظرا للسرية والحصانة واشتهار لندن بأنها مدينة المال العالمية.

ورأى خضر المقيم بلندن لـ"العربي الجديد" أن الاتحاد الأوروبي هو الخاسر الأكبر وعلى المدى الاستراتيجي من خروج بريطانيا عن الاتحاد، ففضلاً عن السياسات المالية الصارمة للاتحاد الأوروبي التي كانت موضع جدل داخل البرلمان البريطاني، ستنعتق بريطانيا من المعونات المالية لدول الاتحاد شبه المفلسة، كإسبانيا وإيطاليا والبرتغال واليونان.

ويضيف، سيكون التأثير السلبي على بريطانيا خلال الأشهر الأولى من خروجها عن الاتحاد الأوروبي، نتيجة اهتزاز سعر الجنيه واعتماد الاقتصاد البريطاني بالدرجة الأولى على المؤسسات المالية والمصارف، فضلاً عن الخسائر الناتجة عن تقييد التجارة، لكن تلك الآثار ستزول بعد تدخل المصرف المركزي البريطاني برفع أسعار الفائدة لإعادة الثقة بالإسترليني، ولأن بريطانيا لا يوجد فيها سلع ذات قدرة تنافسية خارج حدودها واعتمادها ربما محدود على تصدير المنتجات.