إتاوات الأمن تربك حركة التجارة بين المدن العراقية

إتاوات الأمن تربك حركة التجارة بين المدن العراقية

18 مايو 2016
قوات أمن تنصب نقاط تفتيش وهمية لتحصيل إتاوات (Getty)
+ الخط -
يواجه التبادل التجاري بين العراق وكل من تركيا وإيران والكويت، تحدياً جديداً يتمثل في فرض إتاوات على سائقي الشاحنات، ما يعقّد حركة التجارة المتأزمة أصلاً بفعل سلسلة من الصعوبات تتعلق بالتوتر الأمني في البلاد، ما ساهم في ارتفاع أسعار المواد المستوردة من تلك الدول لمستويات قياسية.
ويرتبط التحدي الجديد بملف الفساد في أجهزة الأمن العراقية المرابطة على حدود المدن وخاصة بغداد، التي تفرض إتاوات على سائقي الشاحنات بمبالغ محددة، مقابل السماح لها بالمرور من حواجز التفتيش ونقاط المراقبة حول المدن.
وشكا سائقو شاحنات من العراقيين والأتراك على وجه التحديد، من تضييق الخناق على حركة دخولهم إلى الأسواق التجارية الرئيسية في العاصمة بغداد من قبل نقاط التفتيش وعدد من المنافذ الحدودية التي تطالبهم بمبالغ مالية تبدأ من 500 دولار صعوداً، حسب نوع الحمولة.
ويقول السائقون إن الإتاوات التي يتم جمعها منهم، يجري توزيعها بين أفراد النقطة الأمنية أو حاجز التفتيش، لكن الأمر زاد صعوبة، بعدما توسعت قوات تابعة لمليشيات الحشد الشعبي، في نصب حواجز ونقاط تفتيش وهمية لهذا الغرض.
واعتبر برلمانيون أن إتاوات الأمن العراقي على الشاحنات أنهكت السوق وسببت انكماش المعروض السلعي في بعض المناطق، في حين اعتبر تجار ورجال أعمال عراقيون أن ابتزاز الأمن للشاحنات، رفع الأسعار لمستويات قياسية جديدة.
ويرتبط العراق مع الدول المجاورة من خلال ثلاثة عشر منفذاً حدودياً، إضافة إلى خمسة منافذ جوية وخمسة منافذ بحرية. ومن أبرز المنافذ البرية للعراق، منفذا الوليد وربيعة مع سورية، وطريبيل مع الأردن، وعرعر مع السعودية، ومنفذا الشلامجة والمنذرية مع إيران، وإبراهيم الخليل، الذي يربط العراق بتركيا.
وقال عبدالقادر جبار، وهو أحد سائقي الشاحنات التي تنقل البضائع من إقليم كردستان العراق إلى بغداد، "سائقو الشاحنات يعانون من فرض الإتاوات في المنافذ ونقاط التفتيش، من لم يدفع 500 دولار على الأقل، فهو معرض للوقوف عند المنفذ أو النقطة التفتيش لمدة لا تقل عن عشرة أيام بأي حال".
ويجزم جبار، في حديث مع "العربي الجديد"، أن "ضباطاً ومنتسبين في تلك المنافذ متورطون في الفساد، خاصة في نقاط تفتيش منطقة حمرين ومدينة الشعب، ومن جهة مدينة كربلاء باتجاه بغداد".
وقال أحمد السعدي، أحد التجار في سوق "جميلة" في بغداد، إن منع دخول الشاحنات خلق حالة من الركود الاقتصادي وأضر بالمخزون التجاري الذي يعتمد على الاستيراد.

وقال عضو غرفة تجارة بغداد، جاسم عمران، لـ "العربي الجديد"، إن "الغرف التجارية نقلت بلاغات رسمية من التجار بوجود إتاوات تفرض على المواد التجارية التي تنقل من المنافذ الحدودية ونقاط التفتيش من جهتين الأولى منفذ كربلاء بغداد والثانية من جهة كركوك-بغداد عند نقطتي تفتيش حمرين وسيطرة الشعب شمال بغداد". وأضاف أن قيمة الإتاوة تُفرض بناء على نوعية البضائع المحملة، فيما يُجبر سائقو الشاحنات على الدفع، خاصة إذا كانت حمولاتهم مواد غذائية قابلة للتلف ولا يمكن تأخير تسليمها.
ويعتقد عمران أن بعض الضباط باتوا يدفعون رشى مالية لمسؤوليهم في الأجهزة الأمنية، لنقلهم إلى المنافذ الحدودية، بعدما باتت فرصة تربّح كبيرة لما تعانيه من فساد إداري ورقابي، مشيرا إلى أن تزامن تلك الإتاوات مع توجهات الحكومة بالتوسع في فرض الضرائب تماشيا مع الظروف المالية التي تعانيها الدولة، يشكل عنصر ضغط إضافي على المواطنين، نتيجة الارتفاع الحتمي في الأسعار.
من جهته، قال النائب في البرلمان حنين القدو: "على رئيس الوزراء حيدر العبادي وضع حد للموضوع". وأوضح لـ "العربي الجديد" أن فتح الطريق لمرور الشاحنات التي تتعرض لابتزاز يصل على بعض الحملات إلى 1500 دولار، صار واجباً على الحكومة في ظل غلاء الأسعار.
وكان محافظ البنك المركزي العراقي علي العلاق، قد صرح في وقت سابق بأن الرسوم الجمركية يعتريها الكثير من الخلل والفساد وضعف في الأداء، وأن ما يتم تحصيله في المنافذ يفوق إيرادات الدولة الأخرى، وطالب بإخضاع جميع المنافذ لنفس المعايير في التدقيق.
وأكد العلاق أن الموارد الأخرى غير النفطية كثيرة، إلا أنها بحاجة لرقابة دقيقة من قبل المؤسسات المعنية، ومنها هيئة الجمارك، التي من المفترض أن تخضع للمساءلة عندما تفشل في تحقيق المستهدف المالي المطلوب منها وفق ميزانية الدولة، مشيرا إلى أن خللا كبيرا يعتري الرسوم الجمركية المقررة.
وحسب العلاق، فإن حجم الفساد الذي تشهده المنافذ الحدودية من قبل المخلّصين، يتجاوز الإيرادات التي تدخل خزانة الدولة من الجمارك.
ويواجه العراق أزمة اقتصادية بسبب تهاوي أسعار النفط في الأسواق العالمية، وهو ما أجبره على تقليص حجم موازنته للعام الجاري والبدء بسياسة التقشف، وتفعيل قوانين الضرائب. ويعتمد العراق على واردات النفط لتمويل 95% من الموازنة، وهو ينتج حاليا نحو 3 ملايين برميل يومياً، مع خطط لزيادة الإنتاج إلى أربعة ملايين برميل يومياً.

المساهمون