قانون جريء لمحاربة الفساد يحول بريطانيا إلى "الجنة المفقودة"

قانون جريء لمحاربة الفساد يحول بريطانيا إلى "الجنة المفقودة"

12 مايو 2016
متظاهرات يسخرن من القمة (Getty)
+ الخط -

في خطوة جريئة نحو تنظيف بريطانيا من الأموال القذرة وعمليات غسل الأموال المتفشية في السوق المالي والعقاري اللندني، أعلن رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون في قمة مكافحة الفساد التي بدأت أعمالها أمس في لندن، عن مشروع قانون جديد لمكافحة الفساد المالي عبر التحقق من هوية المالك الحقيقي ومصدر أمواله، وإلزام المصارف والبنوك بتحمل المسؤولية الكاملة في حال ارتكاب موظفيها جريمة مالية.
ووصفت منظمة الشفافية الدولية على موقعها خطوات إصلاح القانون البريطاني بأن بريطانيا أصبحت "الجنة المفقودة" بالنسبة لأموال الفساد وعصابات الجرائم المالية.
وأعلن كاميرون في القمة أن المقترح الجديد يتناول إصلاح قانون الشركات والعقارات والملكيات الأجنبية في بريطانيا.
ويعتبر مقترح القانون خطوة متقدمة نحو إغلاق الثغرات التي كان يستغلها الساسة الفاسدون وتجار المخدرات وعصابات الإرهاب في غسيل أموالهم المسروقة أو التي تم جنيها من خلال الجريمة وتنظيفها في قنوات الاستثمار البريطانية وعلى رأسها العقارات وبورصة لندن. ويذكر أن تقارير بريطانية تقدر حجم الأموال التي تم غسلها في العقارات البريطانية بحوالى 120 مليار جنيه إسترليني (حوالى 175 مليار دولار).
وعلى صعيد الشركات، فإن مقترح القانون الجديد الذي سيعرض على البرلمان في دورته الحالية، يلزم البنوك والشركات المتعددة الجنسيات العاملة في بريطانيا بتحمل تبعات أية عمليات مالية غير قانونية يجريها موظفوها في بريطانيا.
وحسب مسودة القانون فإن البنوك والشركات متعددة الجنسيات ستكون مسؤولة قانوناً أمام القضاء البريطاني في حال قيام أي من موظفيها بالتلاعب المالي أو التورط في عمليات غسل أموال أو مساعدة عملائها على التهرب من الضرائب.
وقال رئيس الوزراء البريطاني إن مقترح القانون يعمل على التحقق من مصدر أموال المستثمرين في العقارات البريطانية في حال الشك في أن الأموال غير شرعية.
وينص مشروع القانون على إجبار مشتري العقارات البريطانية في حال الشك في نزاهة أمواله، أن يطلب منه إثبات أن مصدر الأموال المستخدمة في الصفقة العقارية حتى جمعها بوسائل شرعية.


كما تجري الحكومة البريطانية كذلك مشاورات بشأن تحميل الشركات مسؤولية الجرم المالي في حال تورط أطراف تتعامل معها في الجرائم المالية.
وحسب مراقبين، فإن هذا القانون سيدعم القضاء على الرشى التي تمنحها الشركات الغربية للمتنفذين ومسؤولي العالم الثالث في سبيل الحصول على عقود وعطاءات.
وعلى صعيد العقارات ألزمت الإصلاحات الجديدة الشركات الأجنبية التي تملك أكثر من 100 ألف وحدة عقارية في بريطانيا بالتسجيل في السجل العام والكشف عن هوية مالكها.
يذكر أن القانون الساري حالياً في بريطانيا يسمح لشركات الواجهة بتملك العقارات من دون معرفة هوية المالك الحقيقي، وهو ما أدى إلى استخدام العقارات البريطانية في عمليات غسل الأموال القذرة التي جمعت بواسطة تجارة المخدرات أو الرشى أو السرقات المباشرة التي يرتكبها ساسة العالم الثالث.
ويشير مقترح القانون إلى أن أية شركة ترغب في شراء عقار في بريطانيا عليها أولاً التسجيل في سجل التملك العام الرسمي الذي يطالبها بضرورة الإعلان عن المالك الحقيقي ومصدر الأموال.

كما يلزم مقترح القانون كذلك الأعمال التجارية التي ترغب في التقدم للحصول على عطاءات حكومية بالتسجيل أولاً في السجل العام البريطاني قبل أن تتقدم للعطاء.
ووصفت منظمة الشفافية الدولية أمس على موقعها مقترح القانون البريطاني بأنه خطوة جريئة في اتجاه تجفيف منابع الفساد.
وقالت إن المقترح سيجعل من الصعب على الأفراد الفاسدين التخفي تحت ستار الشركات الوهمية كما كان في السابق.
وأشارت إلى أن خطوات إصلاح القانون البريطاني ستجعل من بريطانيا "الجنة المفقودة" بالنسبة لأموال الفساد وعصابات الجرائم المالية.
وحضر قمة مكافحة الفساد عدد من رؤساء وممثلي دول العالم، على رأسهم وزير الخارجية الأميركي جون كيري، وذلك إضافة إلى ممثلي بعض الشركات الكبرى وقيادات المجتمع المدني واللجان الرياضية والمنظمات الدولية.
وألقى الرئيس النيجيري محمد بخاري الخطاب الرئيسي في القمة تحت عنوان "لماذا يجب أن نحارب الفساد معاً".
وكان الرئيس النيجيري قد دعا الحكومة البريطانية إلى إرجاع الموجودات التي سرقت من نيجيريا وأودعها فاسدون في المصارف البريطانية ووظفت في شراء عقارات بريطانية إلى الشعب النيجيري.
وتستهدف قمة لندن اتخاذ خطوات عملية تشترك في وضع قوانينها الحكومات والشركات والدول لمحاربة الفساد المالي بكل أشكاله، وعلى رأسه فساد الساسة الذين يسرقون ثروات العالم الثالث ويحولونها إلى حسابات في مصارف غربية ومناطق الأفشور وفساد الشركات التي تستخدم الرشى في كسب العقود التجارية، وكذا فساد المصارف وشركات المحاسبة والشركات القانونية التي تحمي الفاسدين وتيسر لهم تمرير أموال الفساد وشركات توظيف الأموال التي لا تتساءل كثيراً حول مصادر الأموال التي تصلها.
ودار في القمة نقاش واسع حول السبل الكفيلة بمكافحة الفساد المالي بإدارة كل من رئيس البنك الدولي جيم يونغ كيم ورئيس منظمة الشفافية الدولية جوزيه يوغاز ومديرة صندوق النقد الدولي كريستين لاغارد.

المساهمون