العالم يبدأ تحقيقات بشأن فضيحة "أوراق بنما"

العالم يبدأ تحقيقات بشأن فضيحة "أوراق بنما"

06 ابريل 2016
بنك HSBC متورط في قضايا كشفتها "أوراق بنما"(فرانس برس)
+ الخط -
سرعان ما ظهرت آثار الزلزال، الذي أحدثته الوثائق المسربة من مكتب المحاماة البنمي "موساك فونسيكا" والواقعة في 11.5 مليون وثيقة، من هزة سياسية في أكثر دول العالم. وبدأت حكومات دول مثل فرنسا وأستراليا ونيوزيلندا والنمسا والسويد وهولندا والولايات المتحدة تحقيقات.
وأسست شركة موساك فونسيكا البنمية، وهي محور التسريبات، أكثر من 240 ألف شركة للمعاملات الخارجية لعملائها في جميع أنحاء العالم وتنفي ارتكاب أية مخالفات. وتصف الشركة نفسها بأنها ضحية حملة ضد الخصوصية وتزعم أن التقارير الإعلامية تسيء تفسير طبيعة عملها.

مصارف متورطة

وتشير التسريبات إلى أن مئات المصارف حول العالم استعانت بخدمات "موساك فونسيكا"، منهم نحو 30 مصرفا ألمانيا بينها "دويتشي بانك" و"كوميرسبانك".
ونفى بنكا "كريدي سويس" و"إتش.إس.بي.سي"، وهما اثنان من أكبر البنوك في العالم، أمس الثلاثاء، التلميحات بأنهما استخدما شركات معاملات خارجية لمساعدة عملائهم على التحايل الضريبي.
ووفقا للاتحاد الدولي للصحافيين الاستقصائيين، فقد ورد اسما البنكين ضمن قائمة بأسماء بنوك، ساعدت في تأسيس شركات معاملات خارجية تجعل من الصعب على محصلي الضرائب والمحققين تعقب حركة الأموال من مكان لآخر.
وقال الرئيس التنفيذي لبنك كريدي سويس، تيغان تيام، إن مؤسسته لا تستهدف سوى الأصول القانونية. ويضع البنك نصب عينيه أثرياء آسيا لتحقيق النمو.
وخلال مؤتمر صحافي في هونغ كونغ أمس، أقر بأن البنك يستخدم شركات معاملات مالية خارجية لكن فقط لإدارة حسابات العملاء الأثرياء، الذين لهم أصول في أكثر من منطقة تخصص قضائي، ولا يدعم استخدامها للتهرب من الضرائب أو السماح بأنشطتها دون معرفة هويات الشخصيات المعنية.
وقال: "لا ندعم الشركات للتهرب الضريبي. عندما تكون هناك شركة ينتفع منها طرف ثالث نصر على معرفة هوية هذا المنتفع".


ومن ناحية أخرى، قال بنك (إتش.إس.بي.سي)، إن تاريخ الوثائق يعود إلى فترة تسبق إصلاحات شاملة لنظام عمله.
ودفع البنكان غرامات كبيرة في السنوات الأخيرة للسلطات الأميركية، بسبب إدارتهما للثروات أو عملياتهما البنكية.
ووافق بنك "كريدي سويس" في 2014 على دفع غرامة قيمتها 2.5 مليارَي دولار لمساعدة أثرياء أميركيين على التهرب من الضرائب. ووافق بنك (إتش.إس.بي.سي) في 2012 على دفع غرامة قيمتها 1.92 مليار دولار للسماح باستخدامه لغسيل أموال مخدرات مكسيكية.

تحقيقات موسعة

وأطلقت عدة حكومات تحقيقات. وفتح القضاء الفرنسي تحقيقا بتهم "تبييض تزوير ضريبي فادح".
وفي إسبانيا فتح القضاء تحقيقا، ووعدت مصلحة الضرائب الهولندية أيضا بمتابعة أية قضايا تهرب ضريبي. وبدأت أستراليا تحقيقات حول 800 من زبائن موساك فونسيكا.

وأعلن القضاء البنمي، مساء الإثنين، فتح تحقيق في "الوقائع التي أوردتها وسائل إعلام وطنية ودولية تحت اسم أوراق بنما".
وأوضحت النيابة العامة أن التحقيق يرمي إلى تبيان ما إذا كانت هذه الوقائع تنطوي على مخالفات قانونية وتحديد مرتكبي هذه المخالفات، وما إذا كانت قد تسببت بأضرار مالية.
وقال المتحدث باسم القسم الجنائي في وزارة العدل الأميركية، بيتر كار، أمس، إن الوزارة تفحص الوثائق المسربة من مؤسسة قانونية في بنما، والتي تكشف عن ترتيبات مالية خارجية لساسة وشخصيات عامة دولية.
وتسعى الوزارة إلى معرفة ما إذا كانت الوثائق تحمل أدلة على فساد أو انتهاكات أخرى للقانون الأميركي.
وقال كار: "تأخذ وزارة العدل الأميركية على محمل الجد كل المزاعم المتعلقة بعمليات فساد خارجية عالية المستوى، قد تكون لها صلات بالولايات المتحدة أو النظام المالي الأميركي".

شخصيات تنفي

ونفى الأرجنتيني، ليونيل ميسي، نجم برشلونة، والفرنسي ميشال بلاتيني، أي ضلوع لهما في فضيحة التهرب الضريبي.


وقال رئيس الوزراء الأردني الأسبق، علي أبو الراغب، إن الشركتين اللتين ذكرتا في أوراق بنما، لم تتخللهما أية مخالفات من أي نوع، وإنهما سجلتا وفقا للقوانين والأنظمة، وقد تم إغلاقهما لاحقا.
وكانت الوثائق قد أظهرت أن أبو الراغب، وفي يوليو/تموز 2003، قبل أشهر من استقالته من منصبه كرئيس لوزراء الأردن، أصبح وزوجته رئيسين لشركة "Jaar" الاستثمارية في الجزر العذراء البريطانية، والتي كان لها حساب مع البنك العربي في سويسرا، وتم وقف أعمالها في أغسطس/آب من العام ذاته. وكان أبوالراغب وزوجته قد ترأسا شركة "JAY " للاستثمارات القابضة، ومقرها أيضا في الجزر العذراء البريطانية مطلع عام 2008.
وجاء في صلب الفضيحة رئيس حكومة آيسلندا، ديفيد سيغموندور غونلوغسون، بعدما كشفت "أوراق بنما" أنه أسس مع زوجته شركة في الجزر العذراء البريطانية ليخفي فيها ملايين الدولارات.

وقد رفض الاستقالة رغم نزول آلاف الأشخاص إلى الشارع مساء الإثنين وأمس الثلاثاء، في العاصمة ريكيافيك، للمطالبة باستقالته، بينما سلمت المعارضة مذكرة لحجب الثقة عنه، وستعرض على تصويت في موعد لم يحدد بعد.
وبسبب هذه الأزمة، اختصر الرئيس الفنلندي، أولافور رانيار غريمسون، زيارة يقوم بها إلى الولايات المتحدة.
وفي أوكرانيا، أكد الرئيس بترو بوروشنكو، أنه يحترم القانون بحرفيته، لكن بدون أن ينفي وجود حسابات في الجزر العذراء البريطانية.
في الأرجنتين، أكد الرئيس ماوريسيو ماكري، بعد نشر تسريبات "أوراق بنما" التي كشفت أنه كان مديرا لشركة مقرها في جزر الباهاماس، أن كل ما قام به في هذا الإطار كان قانونيا ولم يرتكب أية مخالفة. كما نفت عائلة رئيس الوزراء الباكستاني، نواز شريف، القيام بأي عمل غير مشروع.
وتعرض رئيس الوزراء البريطاني، ديفيد كاميرون، للضغوط الثلاثاء لشرح القضايا المالية المتعلقة بعائلته بعد أن كشفت "أوراق بنما" المسربة أن والده الراحل كان يدير صندوق أوفشور، وتجنب دفع الضرائب في بريطانيا على مدى 30 عاما.
وأكد مكتب كاميرون أن مسألة أن يكون للعائلة أموال في استثمارات أوفشور هي "مسألة خاصة"، رغم أن مصدرا في الحكومة صرح لوكالة فرانس برس، أن رئيس الوزراء نفسه ليست له حصة في تلك الأموال.

رد فعل سلبي

وفي أعقاب التقارير، تحركت الصين لفرض قيود على تغطية التسريبات الهائلة، بعدما أشارت "أوراق بنما" إلى شركات معاملات خارجية مرتبطة بأُسَرِ الرئيس الصيني، شي جين بينغ وغيره من القادة الصينيين ممن كانوا في السلطة أو لا يزالون فيها.
وفي موسكو كان الرد شديد اللهجة مستهدفا الولايات المتحدة، حيث أعلن الكرملين أن التحقيق أجراه عناصر سابقون في وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (سي آي إيه)، ومسؤولون سابقون في وزارة الخارجية.


المساهمون