"الأوفشور"... أبواب خلفية تتستر على ترليونات الدولارات

"الأوفشور"... أبواب خلفية تتستر على ترليونات الدولارات

05 ابريل 2016
تخسر البلدان النامية 160 مليار دولار سنويّاً بسبب التهرب(Getty)
+ الخط -
جددت الفضيحة التي كشفت عنها "أوراق بنما"، حول تورط رؤساء ومسؤولين ومشاهير عرب وعالميين، في قضايا تهرب ضريبي وغسيل أموال، نقاشات مختصين بشأن خطورة حسابات "الأوفشور" أو الملاذات الضريبية، التي يتخذها مئات آلاف الفاسدين، بابا خلفيا للقيام بأنشطة محظورة.
وشركات الأوفشور هي شركات وهمية يتم إنشاؤها، دون أصول معروفة أو رقابة من الحكومة، ولا يُطلب من هذه الشركات قوائم مالية أو محاضر لاجتماعات الجمعية العمومية.
ويتم إنشاء هذه الشركات عبر رقم كودي، إذ لا تُسجل باسم صاحبها، وبذات الرقم الكودي تستطيع فتح حسابات مصرفية أو فروع للشركة في أماكن متعددة حول العالم.

لماذا بنما؟

في موقع إلكتروني لأحد الشركات التي تقدم خدمات الخصوصية، يُعلن نادي أدوات الخصوصية (Privacy Tools Club)، عن إمكانية تأسيس شركة "أوفشور" في دولة بنما، للراغبين، مقابل نحو 2970 يورو فقط (3385 دولارا أميركيا). تلك تكلفة زهيدة جدا بالنظر إلى مصروفات تأسيس الشركات في دول العالم، علما بأن تلك التكلفة تشمل مساعدة النادي للعميل على فتح حساب مصرفي سري في بنما أو خارجها.

ولا تفرض حكومة بنما أي نوع من أنواع الضرائب على شركات "الأوفشور"، طالما أنها لا تمارس الأعمال التجارية في الدولة.
وغالبا ما تعتمد المصارف، التي تسهل لعملائها حسابات "الأوفشور" السرية، على إنشاء شركات في ملاذات ضريبية مثل بنما، للتستر على عملائها.
وقد كشفت الوثائق التي سربها موظف سابق في مصرف "إتش إس بي سي" فرع سويسرا، وتم الإعلان عنها في فبراير/شباط من العام الماضي، أن مديري الحسابات في هذا المصرف يبحثون، بصفة غير قانونية، عن زبائن مفترضين، راغبين في إخفاء أموالهم والتهرب من بعض الضرائب، مما يدفع المصرف إلى شركات الأوفشور، المنتشرة عموما، في دولة بنما أو الجزر العذراء البريطانية. وقد أسس بنك "إتش.إس.بي.سي" وفروعه، أكثر من 2300 شركة في دولة بنما.
وعمل أكثر من 500 بنك والفروع والشركات التابعة لها مع مكتب "موساك فونسيكا" البنمي، الذي تسربت عنه "أوراق بنما"، منذ السبعينيات لمساعدة العملاء على إدارة شركات أوفشور. وساعد بنك "يو.بي.إس" السويسري في تأسيس أكثر من 1100 شركة في بنما.


مصارف الأوفشور

ومصارف الـ "أوفشور"، هي المصارف الواقعة خارج بلد إقامة المُودع، وتكون غالبًا في بلدان ذات ضرائب منخفضة أو مؤسسات مالية لا تخضع للرقابة الدولية.

وتتميز هذه المصارف بمزيد من الخصوصية، وهو مبدأ وجد مع قانون المصارف السويسرية 1934، فضلا عن تمتعها بضرائب منخفضة أو معدومة، وسهولة الوصول إلى الودائع، وهي مزايا يحتاجها العملاء، لا سيما للحماية من عدم الاستقرار السياسي أو المالي في بلدانهم الأصلية.

ووفق دراسة حديثة صادرة عن المركز الإقليمي، للدراسات الاستراتيجية بالقاهرة، يضم العالم أكثر من 80 منطقة أوفشور.

خسائر باهظة

وقدرت شبكة العدالة الضريبية حجم الثروات النازحة إلى 80 منطقة أوف شور بنحو 32 ترليون دولار، فيما قدر تقرير مؤتمر التجارة والتنمية التابع للأمم المتحدة (أونتكاد) لعام 2014، أن ما يتراوح بين 8 و15% من صافي الثروات المالية للدول النامية، يتم الاحتفاظ به في دول الملاذ الضريبي. وجراء تلك الأساليب الخفية، تخسر البلدان النامية 160 مليار دولار سنوياً.
وحسب التقرير الصادر لعام 2013 عن مؤشر "فايننشال سيكرسي إندكس"، فإن الثروات الخاصة المودعة في مراكز "أوفشور"، ولا تخضع لضرائب أو تُجبى منها ضرائب ضئيلة، تتراوح بين 21 إلى 23 مليار دولار. ووفقاً لتقرير نشرته "فايننشال سيكرسي إندكس"، فإن الأموال غير الشرعية التي تتكون من أموال الجريمة والمخدرات والعصابات والساسة الفاسدين، التي تتحرك بين الدول سنوياً، تقدر بنحو 1.5 ترليون دولار.

مطالب بالتصدي

يقترح مختصون، من بينهم مدير مركز موسكو للدراسات الصناعية، فلاديسيف إنيزوميتسيف، إلغاء مراكز "الأوفشور" وإنشاء وكالة تقييم دولية للفساد في دول العالم المختلفة، وحرمان مواطني الدول الفاسدة من فتح حسابات في المصارف الغربية، حتى يتمكن العالم بكفاءة من محاربة أموال الرشوة والفساد وسرقة أموال شعوب العالم النامي.
ويقول إنيزوميتسيف إن إلغاء مراكز "الأوفشور" سيحرم رجال السياسة وكبار المديرين في الدول النامية من تحويلات أموال الرشوة والتسهيلات والعقود التجارية، إلى حسابات لا يتم تدقيقها أو رقابتها في مصارف هذه المراكز.