ترامب يرعب أسواق المال.. ومخاوف على مكانة الدولار

ترامب يرعب أسواق المال.. ومخاوف على مكانة الدولار

05 مارس 2016
دونالد ترامب في إحدى جولاته الانتخابية (Getty)
+ الخط -



لم يعد ما يرعب أسواق المال العالمية حالياً الاستفتاء البريطاني حول البقاء أو الخروج من الاتحاد الأوروبي، أو حتى ركود الاقتصاد الصيني، فهذا كله يمكن معالجته مع الزمن، ولكن ما يرعب المستثمرين والأسواق العالمية حقيقة، هو تقدم المرشح دونالد ترامب في الانتخابات الأولية لاختيار مرشح الحزب الجمهوري واحتمالات فوزه في انتخابات الرئاسة الأميركية في نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل.

ويقول خبراء أسواق "ما يخيف في الواقع، ليس فقط أن دونالد ترامب ليست لديه أدنى خبرة في إدارة السياسة والاقتصاد والدبلوماسية، ولكن أفكاره الغريبة التي يروج لها حول علاقات الولايات المتحدة مع العالم، خاصة الصين، وبشأن سياسات الهجرة والدفاع وتسوية الخلافات المالية والاقتصادية".

ويرى العديد من المستثمرين وخبراء المال أن فوز دونالد ترامب بالرئاسة الأميركية سيقود تلقائياً إلى نزاع تجاري وربما عسكري مع الصين في آسيا.

وربما تكون نتيجة مثل هذا النزاع تخلي الصين عن ربط عملتها بالدولار واغتيال البترودولار ودور الدولار في تسوية الصفقات التجارية في دول البريكس ومجموعة من دول العالم النامي.
 
وحسب قراءة أولية أجرتها معاهد متخصصة في المال والاقتصاد بأميركا، فإن الخطط التي يطرحها دونالد ترامب ستهدد موقع الدولار كـ"عملة احتياط" دولية، وستقود خطط الإنفاق إلى رفع الدين العام في أميركا إلى معدلات خرافية تنهي جاذبية سندات الخزانة الأميركية التي تعتمد عليها أميركا في تمويل العجز في الميزانيات.

كما أن خطط ترامب ستخفض الدخل الفيدرالي من الضرائب بحوالى 9.5 ترليونات دولار، وتخفض كذلك الضرائب على الأثرياء بحوالى 1.3 مليون دولار في العام 2017.

ويسعى ترامب، وفقاً لخططه المالية والاقتصادية التي أعلن عنها حتى الآن، إلى خفض الضرائب على الشركات إلى 15% وتبسيط قانون الضرائب. وتبدو هذه الخطط الضرائبية جذابة للوهلة الأولى للمواطن الأميركي، ولكن عند فحصها جيداً، فإن معظم التخفيضات تخص الأثرياء وليس الطبقات الوسطى أو الفقيرة.

كما أنه يعد بحماية الرعاية الصحية وزيادة الإنفاق على الدفاع، وفي الوقت ذاته يقول إنه سيعيد التوازن إلى الميزانية الأميركية، التي تواصل مراكمة العجز منذ مجيء الرئيس بوش الابن للحكم وطيلة فترة الرئيس الحالي باراك أوباما. ولكن خبراء المال يرون أن وعود ترامب بزيادة حجم الإنفاق يتناقض تماماً مع إعادة التوازن إلى الميزانية الأميركية.

وحسب المحلل البريطاني رسيل لينش، الأستاذ في كلية "كاس" التابعة لجامعة لندن، "فإن خطط ترامب تدق جرس الإنذار حول المستقبل الاقتصادي لأميركا".

اقرأ أيضاً: دونالد ترامب يهدد بريطانيا بإلغاء استثمارات بمليار دولار

ويرى نايجل غرين، الرئيس التنفيذي لشركة دي فيير للاستشارات المالية في لندن، أن دونالد ترامب لا يهتم كثيراً بالاقتصاد، وأن هذا ليس سليماً، خاصة حينما يريد شخص أن يصبح رئيساً لأكبر اقتصاد في العالم.

وتشير قراءة لجنة الميزانية بالكونغرس في الخطط المالية التي يقترحها دونالد ترامب، إلى أنها ستضيف حوالى 15.1 ترليون دولار إلى الدين العام الأميركي خلال العقد المقبل، وبالتالي سترفع حجم الدين الأميركي من مستوياته الحالية أكثر من 18 ترليون دولار إلى 30 ترليون دولار. أي أن الدين الأميركي كنسبة من إجمالي الناتج المحلي الأميركي سيرتفع إلى نسبة 140%. وهذا المعدل من الدين، وحسب التحليلات التي نشرها الخبير لينش، يحتاج إلى معدل نمو اقتصادي تصل نسبته إلى 11% سنوياً طيلة العقد المقبل، وهذا شيء مستحيل.

ويقول ترامب إن هذا الارتفاع في الدين العام غير مهم، لأن أميركا ستتوسع تجارياً في آسيا بعد تحجيمها للصين. ويتهم ترامب الصين بأنها تخفض قيمة عملتها (اليوان) عمداً لكي تتمكن من زيادة حجم صادراتها إلى أميركا.

ولا يخفي ترامب التخطيط للدخول في حرب تجارية مباشرة وربما الدخول في مواجهة منذ اليوم الأول لرئاسته مع الصين في حال وصوله للبيت الأبيض. ولكن ليست الصين وحدها التي ستكون ضحية لدخول ترامب إلى البيت الأبيض، ولكنه ينوي

إحياء النزاعات التجارية مع المكسيك ودول أميركا اللاتينية وربما كذلك كندا. ولا يخفي ترامب خططه لبناء حائط بين أميركا والمكسيك، بحجة وقف الهجرة المكسيكية.

ولكن معهد الدراسات بمانهاتن في نيويورك، يرى أن الهجرة مهمة للاقتصاد الأميركي وأن الاقتصاد الأميركي يتوسع عبر القوة العاملة التي تأتي من المهاجرين. ويشير إلى أن الأعمال التجارية الصغيرة والمتوسطة تستفيد من هذه الهجرة، خاصة في بداية أي عمل تجاري، حيث إنها توفر اليد العاملة الرخيصة من جهة وكفاءات ربما تكون غير متوفرة في السوق المحلية.

وفي هذا الصدد، قال مستثمرون في لندن إن تقدم المرشح ترامب في الانتخابات الأولية

واحتمال فوزه بالرئاسة بات يقلق أسواق المال. وحسب الخبير ديفيد غوفت، الوسيط التجاري في شركة "ماريكس سبكترم" بلندن، فإن مجرد التفكير في فوز ترامب يدفع المستثمرين نحو التحوّط بشراء الذهب. وأضاف أن تقدمه الأخير يضع علامة استفهام كبيرة أمام كبار المستثمرين، "من يدري ماذا سيحدث غداً وما إذا كان ترامب سيتسلّم مفاتيح البيت الأبيض".

أما المستثمر جيمس سيتون، مدير فريق المتاجرة في المواد الأولية بمصرف "جي بي مورغان"، فيرى أن فوز دونالد ترامب أو حتى ساندرز سيشكل كارثة على الدولار. وأشار إلى أن فوز ترامب سيرفع من المخاطر وسيدعم الذهب ويزيد من الشكوك حول مستقبل الاستثمار في أميركا.

 

 


اقرأ أيضاً:
200 ألف توقيع تحيل حظر "ترامب" إلى البرلمان البريطاني
صناديق الأسهم العالمية تشهد أكبر نزوح للأموال