البنوك المركزية تستنجد بالذهب وسط اضطراب الأسواق

البنوك المركزية تستنجد بالذهب وسط اضطراب الأسواق

04 مارس 2016
المركزي الأوروبي يكشف عن جزء من احتياطاته الذهبية (Getty)
+ الخط -
وسط هجمة شرسة من قبل المصارف المركزية العالمية على زيادة أرصدتها من الذهب، توقعت مصارف استثمارية أن يرتفع سعر المعدن النفيس خلال العام الجاري إلى 1300 دولار للأوقية (الأونصة).
وعّدل مصرف "ايه بي إن أمرو" الاستثماري الهولندي من توقعاته أمس لسعر الذهب خلال العام الجاري إلى 1300 دولار للأوقية، فيما توقع خبراء آخرون، من بينهم جيف غيندلاش، أن يرتفع سعر الذهب إلى أكثر من هذا المعدل ويصل إلى 1400 دولار للأوقية. وبنيت هذه التوقعات على أساس فشل البنوك المركزية في إعادة الاستقرار لأسواق المال العالمية.
وحسب بيانات صندوق النقد الدولي، فإن مشتريات البنوك المركزية العالمية من الذهب تفوقت على مبيعاتها للعام الثامن على التوالي. ومنذ الأزمة المالية في عام 2008، واصلت البنوك المركزية الاستثمار في الذهب، ولكن ليس بالمستوى الذي شهده سوق الذهب خلال العام الماضي وبداية العام الجاري.
وتشير إحصائيات صندوق النقد الدولي إلى أن كميات الذهب، التي اشترتها البنوك المركزية خلال العام الماضي، تفوقت على مبيعاتها بحوالى 590 طن متري. وهذا الحجم يعادل 14% من إجمالي حجم الطلب العالمي على الذهب.
ويرى خبير الذهب العالمي، ستيفن ويلر، نائب رئيس شركة "غولد موني" في مدينة أونتاريو الكندية، في تقرير حول الذهب، أن اضطراب سعر العملات الرئيسية خلال العام الماضي، دفع البنوك المركزية إلى زيادة حيازاتها من الذهب. ولكنّ خبراء آخرين يرون أن هنالك عدة عوامل، إلى جانب اضطراب العملات الرئيسية، دفعت الدول إلى شراء الذهب.
وحسب تجار ذهب دوليين فإنه يمكن إجمال عوامل الإقبال على شراء الذهب في النقاط التالية:
أولاً: ضعف العوائد على أدوات الاستثمار الأخرى، خاصة سندات الخزانة الأميركية واليابانية والأوروبية. ويلاحظ أن استثمارات البنوك المركزية في سندات الخزانة الأميركية لا تجلب لها سوى عائد ضئيل لا يتعدى 0.5 %.
وحسب إحصائيات مجلس الاحتياطي الفدرالي،" المركزي الأميركي"، فإن لدى البنوك المركزية استثمارات في السندات الأميركية تقدر بحوالى 1.1 ترليون دولار. ومن المتوقع أن تساهم سياسة الفائدة الثابتة في كل من اليابان ومنطقة اليورو وسويسرا واحتمالات عدم رفع الفائدة مرة أخرى في أميركا، في تحول البنوك المركزية العالمية من الاستثمار في السندات الحكومية إلى الاستثمار أكثر في شراء الذهب.
ثانياً: يلاحظ أن هنالك توجهاً من بعض الدول، مثل الصين وروسيا وباقي دول مجموعة "بريكس"، نحو إضعاف مركز الدولار كعملة احتياط دولية. وبالتالي تتجه هذه الدول إلى بيع جزء من استثماراتها في سندات الخزانة الأميركية وشراء الذهب.

وفي هذا الصدد باعت الصين جزءاً كبيراً من استثماراتها في سندات الخزانة الأميركية خلال العام الماضي. واستثمرت هذه العوائد في الذهب. ولا يزال بنك الشعب الصيني" البنك المركزي"، أكبر المشترين للذهب، حيث بلغت مشترياته خلال شهري ديسمبر/ كانون الأول ويناير/ كانون الثاني 128 طناً، وذلك حسب إحصائيات مجلس الذهب العالمي في لندن.
ويقدر موقع" زيرو هيدج" أن الصين اشترت حوالى 40 % من إنتاج الذهب العالمي خلال العام الماضي، فيما يقول الموقع أن الهند اشترت حوالى 1000 طن خلال العام الماضي. ولم يعد سراً أن الصين تخطط لفك ارتباط عملتها بالدولار، في أعقاب دخول اليوان كواحدة من عملات صندوق النقد الدولي، في نهاية شهر نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي.
ويرى خبراء أن الصين ربما تحتاج إلى رفع رصيدها من الذهب إلى أكثر من 8 آلاف طن متري، إذا أرادت أن تعوم عملتها اليوان، أو تصبح عملة حرة كاملة. وهذا سيعني أن الصين ستواصل خلال العام الجار ي شراء الذهب.
ثالثاً: تطلعات روسيا لأن تصبح قوة عظمى وتستعيد أمجاد الاتحاد السوفييتي في عهد بوتين رفعت من حدة المنافسة بين موسكو وواشنطن. وهذا التنافس أو العداء، حدا بقادة السياسة النقدية إلى الابتعاد عن الدولار وتسوية الصفقات بالمقايضة أو اليوان.
كما تسعى روسيا كذلك إلى زيادة رصيدها من الذهب في أعقاب التقلبات الحادة، التي شهدها الروبل خلال العامين الماضيين. ويلاحظ منذ بداية الحظر الغربي عليها، بعد تدخلها في أوكرانيا وضمها جزيرة القرم، أن روسيا بدأت في التخلص التدريجي من موجوداتها الأميركية، وعلى رأسها سندات الخزانة الأميركية.
وتتخوف موسكو من تشديد الحظر الأميركي عليها ومنعها في أية لحظة من التعامل بالدولار، مثلما حدث لإيران وكوبا وبعض الدول التي حظرتها أميركا من قبل.
يطاول هذه الموجودات من جهة، كما أنها استخدمت السيولة التي جنتها من بيع السندات في زيادة رصيدها من الذهب، حيث تسعى روسيا ومنذ بداية الحظر إلى زيادة مشترياتها من الذهب وتقليل حيازاتها الأدوات الاستثمارية الأخرى بالدولار.
رابعاً: الاضطراب الكبير، الذي شهدته أسواق المال خلال العام الجاري، والذي بلغ مداه حينما خسر المستثمرون حوالى 2.6 ترليونَي دولار في أسبوعين، دفع مخططي السياسات النقدية في العديد من الدول إلى شراء الذهب.
ويذكر أن أسعار الذهب ارتفعت أمس لتتجاوز من جديد 1240 دولارا للأوقية (الأونصة) مع تحول الأسهم العالمية إلى الهبوط ، الأمر الذي زاد الإقبال على المعدن النفيس كأحد الأصول البديلة، لكن المكاسب جاءت محدودة قبل بيانات رئيسية عن التوظيف في الولايات المتحدة تعلن يوم الجمعة.


اقرأ أيضا: سر مشتريات الذهب الضخمة والغامضة في العالم

المساهمون