الاقتصاد يحاصربوتين ..الكلفة المالية وراء قرار الانسحاب من سورية

الاقتصاد يحاصربوتين ..الكلفة المالية وراء قرار الانسحاب من سورية

27 مارس 2016
الفقر يتزايد بشوارع موسكو(Getty)
+ الخط -

رأى محللون أن زيادة تكلفة العمليات العسكرية الروسية في سورية، بعد دخولها الشهر الخامس، هو السبب الذي لم تفصح عنه موسكو خلال قرارها بسحب قواتها من سورية، نظراً للأعباء المالية التي سببتها الحرب على الاقتصاد.
ويعاني الاقتصاد الروسي أصلاً من انكماش بسبب العقوبات الدولية، وتراجع أسعار النفط إلى ما دون 40 دولاراً.
ويخشى مسؤولو الاقتصاد أن يدخل الاستمرار بالمستنقع السوري، أن يضاعف من أزمة البلاد الاقتصادية، لأن توازن الميزانية الاتحادية، يعتمد على بيع برميل النفط والغاز.
وحسبت روسيا صادراتها على أساس 40 دولاراً للبرميل لعام 2016. وتنتج روسيا أكثر من 10 ملايين برميل نفط يومياً.

عوامل اقتصادية

في هذا الصدد، يقول العميد أحمد رحال إن العامل الاقتصادي مهم جداً كسبب في انسحاب روسيا من سورية، ولكن ليس تكاليف الحرب، لأن التكلفة اليومية على الاقتصاد الروسي لا تزيد عن 6 ملايين دولار، أي نحو مليارين ومئة مليون دولار سنوياً، مشيراً أن معظم الأسلحة التي استخدمت وقصف بها، هي منذ زمن الاتحاد السوفييتي .

ويستدرك الخبير العسكري رحال، خلال حديثه لـ"العربي الجديد"، أن خسائر روسيا نتيجة مواقفها السياسية، وخاصة ضد الثورة السورية ووقوفها إلى جانب الأسد، كبدتها خسائر تقدر بنحو 600 مليار دولار، نتيجة تراجع أسعار النفط والتضخم الذي لحق بالروبل.


ولم يأت الكرملين في تصريحاته على السبب الاقتصادي والأكلاف التي تكبدتها روسيا جراء الحرب في سورية، والغارات الجوية اليومية منذ 30 سبتمبر/أيلول 2015، واكتفى بالقول إن بوتين قال، خلال اجتماعه بوزيري دفاعه وخارجيته، سيرغي شويغو وسيرغي لافروف في الكرملين: "أمرتُ ببدء عملية الانسحاب العسكري واتصلت بالرئيس بشار الأسد لإبلاغه قرارَنا أن المهمة اكتملت".

ومن جانبه، يقول الاقتصادي سمير رمان "إن معظم نفقات الحرب الروسية على روسيا، كانت من ميزانية المناورات السنوية المخصصة لتدريب الجيش السوري، ووجدوا للأسف أرضاً وشعباً يجربون فيهم أسلحتهم ولياقة جنودهم".

ويؤكد رمان، خريج جامعة موسكو، أن للاقتصاد دوراً مهماً لسحب القوات من سورية، لأن تصاعد الهجمات والدعم المالي الذي تقدمه موسكو للنظام السوري، رفعا –مثالاً- فاتورة إنفاق موسكو خلال الفترة من 30 أيلول /سبتمبر والعشرين من تشرين الأول / أكتوبر الماضي على العمليات العسكرية، حيث تراوحت الفاتورة ما بين 80 – 115 مليون دولار، فيما بلغت تكلفة الغارات الجوية لروسيا وحشدها العسكري بين 2.4 – 4 ملايين دولار يومياً.

ويضيف رمان "أكدت مراكز الأبحاث أن التكلفة اليومية لتحليق المقاتلات الروسية بمعدل تسعين دقيقة، والمروحيات قرابة الساعة، ارتفعت إلى 710 آلاف دولار، كما أن الطائرات الحربية الروسية تلقي يومياً قنابل وقذائف تقدر تكلفتها بنحو 750 ألف دولار، ووصلت النفقات اللوجستية اليومية إلى 440 ألف دولار لمقابلة احتياجات نحو 1500 عسكري روسي في سورية.

ويشير الاقتصادي السوري إلى أن روسيا ستستمر بتكبد الخسائر من تواجدها في سورية، فضلاً عن أن قرار انسحاب روسيا لم يشمل قاعدتي حميميم وطرطوس، ما يعني استمرار استنزاف موسكو لأن التقديرات تشير إلى أن الكلفة اليومية للوحدات الموجودة، في قاعدة طرطوس على البحر المتوسط، والقاعدة في بحر قزوين تقدر بنحو مئتي ألف دولار، في حين ترتفع كلفة النفقات اليومية للأنشطة الاستخباراتية والاتصالات والأمور اللوجستية الأخرى لروسيا في سورية إلى 250 ألف دولار.

خسائر يومية

وتعاني روسيا من أزمة اقتصادية نتيجة تراجع أسعار النفط والعقوبات الاقتصادية الغربية، ما أدى بحسب بيانات رسمية لهيئة الإحصاءات الرسمية في موسكو، عن انكماش اقتصاد روسيا بنسبة 3.7% خلال العام الماضي 2015.
وعرض البنك المركزي الروسي، عبر تقريره الشهري، تصوراته للسيناريو الكابوس الذي قد تواجهه البلاد في عام 2016 في حال استمرت أسعار النفط عند مستوياتها المنخفضة. وسجلت معدلات الفقر في روسيا ارتفاعاً ملحوظاً في العام الحالي مع اتجاه الاقتصاد للتباطؤ بنسبة 4% في 2015، حيث أظهرت بيانات رسمية عن أول 9 أشهر من العام الحالي أن 20.3 مليون روسي، ما يوازي 14%من إجمالي السكان، يعيشون تحت خط الفقر، بزيادة 2.3 مليون شخص مقارنة بالفترة نفسها من 2014.

ويرى خبراء أن توتر العلاقات بين روسيا وتركيا على إثر إسقاط أنقرة طائرة روسية في نوفمبر الماضي، وتجميد بعض المشاريع الاستثمارية المشتركة ، من شأنه أن يفاقم تدهور الوضع الاقتصادي لروسيا، حيث أنها ستخسر أكبر الأسواق التي تتعاون معها، سواء على صعيد الصادرات أو الواردات، ما سيدفع بروسيا للسحب من الاحتياطي النقدي البالغ 346 مليار دولار.
وتسعى روسيا منذ شهر لإقناع بنوك غربية بتسويق سندات سيادية في الخارج ولكن المصارف الغربية ترفض وسط ضغط من حكوماتها، خاصة الحكومة الأميركية والسلطات المالية في بروكسل. فالحصول على قروض خارجية طويلة الأمد بالنسبة للاقتصاد الروسي قد يكون مسألة صعبة بسبب العقوبات الاقتصادية.

ويذكر أن المركزي الروسي عقد اجتماعاً مع كبار المصرفيين الروس في يناير الماضي بعد تراجع الروبل إلى مستوى تاريخي أمام الدولار، كما ألغت حاكمة البنك، ألفيرا نابيولينا، مشاركتها في منتدى "دافوس" الاقتصادي في سويسرا.


اقرأ أيضا: لعنة ضم القرم..عامان من الأزمات العاصفة بالاقتصاد الروسي