تصاريح العمل.. ورقة الاحتلال لكبح الهبّة الشعبية في فلسطين

تصاريح العمل.. ورقة الاحتلال لكبح الهبّة الشعبية في فلسطين

16 فبراير 2016
عمال فلسطينيون ينتظرون السماح لهم بدخول الأراضي المحتلة (Getty)
+ الخط -



فيما تدخل الهبة الشعبية الفلسطينية شهرها الخامس، قررت الحكومة الإسرائيلية، خلال اجتماع لمجلسها الوزاري المصغر مؤخرا، منح 30 ألف فلسطيني تصاريح عمل في إسرائيل تُضاف إلى نحو 100 ألف تصريح أخرى سارية المفعول حالياً، تماشياً مع سياسة الاحتلال التي ترمي إلى استغلال عوز الفلسطينيين للتخلي عن مقاومته.

ويجد الفلسطينيون القاطنون بمحافظات الضفة الغربية في سوق العمل الإسرائيلي ملاذا لهم بسبب استشراء الفقر والبطالة وتدني الأجور في السوق المحلية، في حين تحظر إسرائيل دخول العمال من قطاع غزة منذ أكثر من 10 سنوات.

ويرى مراقبون أن حكومة بنيامين نتنياهو ماضية في مشروعها القائم على توفير بدائل اقتصادية للفلسطينيين على حساب مشروعهم الوطني المتمثل بإقامة دولة مستقلة على الأراضي المحتلة عام 1967.

وبالإضافة لحاجة الاقتصاد الإسرائيلي إلى العمالة الفلسطينية الماهرة منخفضة التكاليف، تحاول الحكومة الإسرائيلية الاستفادة أمنياً من منح تصاريح العمل.

ونقلت الصحافة العبرية تصريحات لوزير الجيش الإسرائيلي موشيه يعالون جاء فيها أن "استمرار عمل العمال الفلسطينيين في إسرائيل، هو خطوة يمكنها المساعدة في القضاء على الإرهاب (أعمال المقاومة) ومنع انضمام آلاف آخرين إلى دائرة العنف"، على حد تعبيره.

ويرى يعالون أن السماح لـ 30 ألف فلسطيني جدد بالعمل في إسرائيل (بشكل قانوني) فكرة جيدة وقابلة للتنفيذ.

ويجتاز كل فلسطيني يقدم طلبا للحصول على تصريح عمل، فحصا أمنيا شاملا من قبل جهاز المخابرات الإسرائيلية (الشاباك) للتأكد من عدم وجود نية لديه بأنه يهدف لتنفيذ عمل مقاوم للاحتلال، الأمر الذي يضطر بعض العمال للمغامرة والذهاب إلى إسرائيل بحثا عن فرصة عمل في حال رفض منحهم تصاريح بذرائع أمنية.

ووفقا لتقديرات متخصصة، يعمل في إسرائيل حاليا قرابة 30 ألف فلسطيني من دون تصريح، ويصلون إلى أماكن عملهم تسللا عبر التسلق على الجدار الفاصل الذي أقامته سلطات الاحتلال في عمق أراضي الضفة الغربية.

وكانت الحكومة الإسرائيلية قررت في اجتماعها الأخير زيادة الغرامات على أي إسرائيلي يقوم بتشغيل عمال فلسطينيين دون حصولهم على تصاريح بما يصل إلى 40 ألف شيكل (نحو 10 آلاف دولار)، في حين يتقاضى كل عامل أجرا شهريا يقدر ما بين ألف وألفي دولار.

أبعاد القرار

اقرأ أيضاً: نصف عمال غزة عاطلون بسبب الحصار ..وتدني الرواتب بالضفة

ويرى الباحث الاقتصادي في المركز الفلسطيني للدراسات الإسرائيلية عاص أطرش، أن المؤشرات على أداء الاقتصاد الإسرائيلي خلال العام 2015 "لا تدل على أنه بحاجة إلى كل هذا القدر من العمالة".

ورجح أطرش أن يكون قرار منح 30 ألف فلسطيني تصاريح عمل يعود إلى "رغبة إسرائيل في إعادة ترتيب الأوراق في ظل وجود قرابة 30 ألف فلسطيني يدخلون إسرائيل بهدف العمل (تسللا) نظرا لعدم حصولهم على التصاريح المطلوبة، بحيث يجري منح جزء من هؤلاء تصاريح واستبعاد غير المرغوب فيهم واستبدالهم بعمال جدد تنطبق عليهم معايير الحصول على تصاريح".

ومنذ انطلاق الهبة الشعبية في أكتوبر/تشرين الأول من العام الماضي، تشن الشرطة الإسرائيلية حملات دهم بحثا عن عمال لا يحملون تراخيص وتقوم بالتنكيل بهم وسجن بعضهم وإبعاد آخرين إلى الضفة الغربية.

وبنظر عاص أطرش "ينسجم قرار منح التصاريح مع الرؤية الإسرائيلية بعيدة المدى القائمة على السلام الاقتصادي الأمني، والتي تعتبر أن وجود بطالة عالية ومشاكل اجتماعية لدى الفلسطينيين يؤدي إلى مخاطر أمنية على إسرائيل".

ووفقا لمعطيات وزارة العمل الفلسطينية يلتحق 60% من العمال الحاصلين على تصاريح بقطاع الإنشاءات الإسرائيلي في حين يعمل 30 % في القطاع الزراعي و10% في قطاع الخدمات.

انتهاكات

ويتجنب العمال أنفسهم الحديث إلى وسائل الإعلام خشية إقدام سلطات الاحتلال على سحب تصاريحهم، إلا أن "العربي الجديد" جمعت شهادات عن قيام المخابرات الإسرائيلية بسحب تصاريح من عمال بزعم "قيام أبنائهم بكتابة شعارات تحرض على العنف على وسائل التواصل الاجتماعي"، في حين قال آخرون إنهم "يتعرضون لتفتيش مذل لدى اجتيازهم الحواجز".
 
ويقول عضو اللجنة التنفيذية في الاتحاد العام لنقابات عمال فلسطين محمد العطاونة، إن حكومة الاحتلال تتخذ من العمال الفلسطينيين فيما وصفه سوق العمل الأسود الإسرائيلي، أداة لابتزاز الفلسطينيين المحرومين من الاستثمار في أراضيهم واستغلال مواردهم.

ووفقاً للقانون الإنساني الدولي والقانون الدولي لحقوق الإنسان، فإن القوة القائمة بالاحتلال ملزمة بضمان المعيشة لسكان الأراضي المحتلة الخاضعة لسيطرتها الفعلية، كما أن عليها أن تضمن لهم حقوقهم في العمل والاستمتاع بمستوى حياة لائق.

وفي حديثه مع "العربي الجديد"، أشار العطاونة إلى أن إسرائيل تتنكر للاتفاقيات الدولية فيما يتعلق بالعمل والعمال وأهمها اتفاقية منظمة العمل الدولية رقم 15 المتعلقة بضمان حرية الحركة الآمنة للعمال من وإلى أماكن العمل ذهابا وإيابا.

 



اقرأ أيضاً:
فلسطين تبدأ في تنفيذ منطقة صناعية شمالي الضفة الغربية
الاحتلال يمنع دخول أبناء بلدة فلسطينية للعمل

دلالات

المساهمون