الجزائريون يستقبلون 2017 بارتفاع أسعار السلع

الجزائريون يستقبلون 2017 بارتفاع أسعار السلع

31 ديسمبر 2016
الزيادات في الأسعار رافقت مناقشة قانون الموازنة(فاروق بطيشة/فرانس برس)
+ الخط -

شهدت أسعار مختلف السلع الاستهلاكية في الجزائر ارتفاعاً قياسياً قبل أيام من دخول قانون الموازنة العامة لعام 2017 الذي تضمّن رسوماً جديدة، حيز التنفيذ غداً الأحد، وسط تخوفات من تهاوي القدرة الشرائية للمواطنين.

ووقع الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة، الأربعاء الماضي، على قانون موازنة مثير للجدل وُصف بـ"التقشفي"، بحيث تضمّن ضرائب ورسوماً جديدة، وقلّص من أموال الدعم الموجه للصحة والإسكان ومواد استهلاكية أساسية (بنزين، دقيق الخبز، زيوت غذائية)، في محاولة لتقليل حدّة عجز الموازنة.

وأقرّ قانون الموزانة العامة للسنة المالية الجديدة (تبدأ مع بداية العام وتنتهي بنهايته) أيضاً زيادات في الضرائب على تعبئة رصيد المكالمات للهاتف الجوال والإنترنت الجوال (الجيل الثالث والرابع) والأجهزة الكهرومنزلية والسجائر والتبغ بصفة عامة والإطارات المطاطية وغيرها.

الأسواق الجزائرية استبقت قانون الموازنة الذي رفضته المعارضة، بموجة ارتفاعات في الأسعار، إذ شهدت أسعار العديد من السلع، منها الفواكه، ارتفاعاً كبيراً في شهر ديسمبر/ كانون الأول الجاري.

وتضاعف سعر الموز المستورد مثلاً بنسبة 100% وقفز صعوداً من 200 دينار (2 دولار تقريباً) للكيلوغرام الواحد إلى 400 دينار (نحو 4 دولارات). ومسّ الارتفاع وبشكل أقل أيضاً، الخضار والفواكه المنتجة محلياً على غرار الطماطم والجزر، في حين بقيت أسعار البطاطس مستقرة مقارنة بباقي الخضروات.

كذلك ارتفعت أسعار البقول الجافة (فاصوليا وعدس) ومختلف منتجات القهوة، إضافة إلى زيادة في أسعار العجلات (الإطارات) المطاطية لدى تجار التجزئة وأسعار التبغ والسجائر بنسب متفاوتة.

هذه الارتفاعات أرجعها رئيس الجمعية الجزائرية لحماية المستهلك (مستقلة) مصطفى زبدي، إلى "جشع غير مسبوق" من طرف بعض التجار.

واعتبر أن الزيادات في قانون الموازنة العامة كانت محدودة بواقع نقطتين في ضريبة الرسم على القيمة المضافة (من 17 إلى 19 %)، فضلاً عن زيادات في سعر الوقود، وكلاهما لم يدخل بعد حيز التنفيذ.

وأوضح زبدي أن الزيادات في الأسعار رافقت مناقشة قانون الموازنة في البرلمان، أي أنها طبقت في وقت كان فيه القانون عبارة عن مسودة.

وأضاف: "نحن كجمعية نددنا وطالبنا سلطات الرقابة بضبط هذا السوق الحر بضوابط في ظل نقص المنافسة حتى لا يكون هناك انفلات للوضع".

وعبّر "زبدي" عن تخوفه من إقرار التجار والمضاربين زيادات جديدة بمجرد دخول قانون الموازنة حيز التنفيذ مطلع عام 2017. 

الخبير الاقتصادي ورئيس الجمعية الجزائرية لمرافقة المصدرين (مستقلة) إسماعيل لالماس، طرح تفسيراً جديداً لتلك الزيادة الاستباقية، وقال إنها جاءت بفعل التوجه العام لقانون الموازنة الذي بني أساساً على رفع للضرائب والرسوم.

وأوضح لالماس أن هذا التوجه العام في قانون الموازنة انعكس وأثّر على سلوكيات التجار الذين بدأوا في رفع الأسعار بعد سماعهم بهذه الزيادات.

وكشف أن الارتفاع لم يكن فقط لدى التجار بل تأثرت كافة حلقات السلسلة من الإنتاج وصولاً للمستهلك النهائي.

وتوقع الخبير الاقتصادي حدوث زيادات أخرى مع مطلع يناير/كانون الثاني 2017، بعد تطبيق الزيادة الجديدة للرسم على القيمة المضافة، مشيراً إلى أن الزيادة ستكون بواقع 15% على الأقل.

وقال: "الزيادة بـ 2% (القيمة المضافة) ستمس أيضاً المنتجات المستوردة وجل حاجياتنا مستوردة من المواد الأولية ونصف المصنعة".

ووفق "لالماس"، فإن الزيادة 2% في القيمة المضافة، ستنعكس على "باقي حلقات السلسلة بالإنتاج والتسويق وفي سوق الجملة والتجزئة لدى وصولها للمستهلك النهائي، والذي سيدفع تراكمات الزيادات التي قد تصل إلى 15% على الأقل، وهو ما سيؤثر مباشرة على القدرة الشرائية للمواطنين".

وبحسب المتحدث، فإن السلطات الجزائرية كان عليها إقرار قانون للموازنة العامة مخالف تماماً لما تم التصويت عليه، من خلال تخفيض الضرائب لتشجيع الاستثمار وخلق المؤسسات التي تدفع الضرائب وتخلق الثروة.

وخلص الخبير الاقتصادي إلى أن قانون الموازنة يتم بناؤه على أسس مالية فقط، وليس على أسس اقتصادية صحيحة، ما سيعزز الأزمة التي ستخنق الجزائريين أكثر.

"الارتفاع ليس راجعاً لقانون الموزانة العامة وحده بل لعدة عوامل متداخلة"، كان هذا رأي الناطق الرسمي باسم الجمعية الوطنية الجزائرية للتجار والحرفيين (مستقلة)، محمد الطاهر بولنوار.
وذكر الطاهر بولنوار أن الارتفاع مرده أيضاً إلى انخفاض قيمة الدينار (العملة الوطنية الرسمية) مقارنة بالعملات الأجنبية بشكل كبير مقارنة مع عام 2015.  
وحول توقعاته للأسعار بعد بداية تطبيق القانون مطلع السنة الجديدة، أوضح "بولنوار" أن الأسعار لن ترتفع كثيرا بسبب المخزون الكافي الذي سيتبقى من عام 2016، "فمتوسط المخزون من السلع يكفي ستة أشهر".

وتابع: "بحلول منتصف العام المقبل ستبدأ السلع الجديدة بالدخول وفق الرسوم التي تضمنها قانون الموازنة الجديد".

ومحذراً المنتجين، قال إن "قانون الموازنة لا يفرض زيادات كبيرة في الضرائب والرسوم ولذلك فالمنتجون مطالبون بالتعقل، ونحذرهم من زيادات كبيرة؛ لأن الضرائب والرسوم ارتفعت بشكل طفيف وليس بالحجم الذي يريد بعضهم تسويقه من أجل تبرير الزيادات في الأسعار وهوامش الربح".

وزاد: "متوسط الزيادات هو من 2 إلى 3%.... إذن لا مبرر لأن تصل الزيادة إلى 15 أو 20 %".

ووفق أحدث إحصائية للديوان الوطني الجزائري للإحصاءات (هيئة حكومية) نشرها في 27 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، فإن أسعار المنتجات الاستهلاكية ارتفعت بنسبة 5.2%، مقارنة بذات الفترة من عام 2015.

وتعاني الجزائر من أزمة اقتصادية منذ سنتين بسبب تراجع عائدات النفط وتقول السلطات إن البلاد فقدت نصف مداخيلها من النقد الأجنبي، والذي انخفض من 60 مليار دولار عام 2014 إلى 34 مليار سنة 2015.

(الأناضول)