2017 وجيب المواطن المخروم

2017 وجيب المواطن المخروم

27 ديسمبر 2016
أعباء معيشية وزيادات مستمرة في أسعار السلع والخدمات(العربي الجديد)
+ الخط -

بعد أيام يستقبل العالم 2017 الذي يتمنى الجميع أن يكون عاماً مختلفاً عن العام الحالي 2016 أو العام الذي سبقه 2014، وخاصة أن العام الأخير تحديدا حمل للمواطن العربي أنباء اقتصادية ومالية غير سارة على الإطلاق، فهناك أعباء معيشية لا تطاق، وهناك زيادات مستمرة ومتلاحقة في أسعار السلع والخدمات داخل الأسواق تفوق كثيراً قدرة الغالبية العظمى من الأسر.

كما حملت السنة معها أخباراً سلبية بالغة القتامة، مثل تفاقم عجز معظم الموازنات العربية العامة، وزيادة الاقتراض الحكومي سواء الداخلي أو الخارجي، وحدوث انخفاض حاد في إيرادات الدول من النقد الأجنبي، خاصة من صادرات النفط والغاز، وهناك تراجع في الأجور والمرتبات، واستغناءات عن العمالة الوافدة وتقليص دخولها خاصة في منطقة الخليج.

كما شهد العام 2016 التهام التضخم ما تبقى من سيولة محدودة لدى المواطن الفقير والموظف الحكومي، وتآكل القدرات الشرائية والادخارية للجميع، بمن فيهم العاملون بالجهاز الإداري للدولة، ومعها تآكلت الطبقة المتوسطة، لدرجة أن بنك كريدي سويس السويسري المتخصص في تقدير الثروات قال إن مصر مثلاً كانت أكثر الدول تدميرا للطبقة المتوسطة في 2016 وأنها شهدت أكبر تراجع لهذه الطبقة على مستوى العالم منذ بداية الألفية وحتى العام الماضي.

والأخطر أيضا هو التراجع المستمر في قيمة العملات الوطنية مقابل الدولار وانهيار أنشطة رئيسية مثل قطاعات السياحة والصادرات والاستثمارات الخارجية وما تبعه من ارتفاعات مستمرة في الأسعار.  

كما واجهت المنطقة العربية في السنوات الأخيرة أزمات اقتصادية متلاحقة ناتجة عن حدوث اضطرابات أمنية وسياسية بل وحروب في العديد من الدول، وحتى الدول التي لم تشهد حروبا وصراعات تأثرت اقتصاداتها سلبا نتيجة زيادة عنصر المخاطر داخل دول المنطقة، ومع هذا العنصر زادت حالة الغموض وعدم اليقين السياسي التي تمثل عنصرا طاردا لأي استثمار أجنبي أو محلي، كما تحملت هذه الدول، خاصة الخليجية، جزءا من كلفة الحروب التي تجري في اليمن وسورية والعراق وليبيا.

وبدلاً من أن تبحث الحكومات العربية عن حلول لهذه الأزمات المتلاحقة وتطرح أدوات مبتكرة للتعامل معها للتخفيف عن المواطنين، راحت تختار الحلول السهلة، من زيادة أسعار وخفض دعم السلع الرئيسة، ومنها الوقود والكهرباء، وزيادة الضرائب والجمارك والرسوم داخل المصالح الحكومية، بل وحمّلت الحكومات المواطن كلفة علاج عجز الموازنات العامة وتراجع إيرادات خزانة الدولة دون أن توفر له غطاء تأمينيا وصحيا ومعيشيا مناسبا.

الآن ونحن على بعد خطوات من عام 2017، فهل سيتغير الوضع القائم في العام الجديد، وهل سيشهد المواطن تحسنا ولو طفيفا في أوضاعه المعيشية؟ أو على الأقل تقف موجة الارتفاعات القياسية في الأسعار؟

المؤشرات تستبعد حدوث تحسن، لأن موازنات العام الجديد تعتمد سياسة التقشف ورفع الأسعار عنوانا لها، لكن وسط هذا الظلام الدامس هناك توقعات بحدوث تحسن في بعض الاقتصاديات، خاصة الخليج وربما الجزائر، ذلك لأن الزيادة المتوقعة في أسعار النفط مع دخول اتفاق خفض الإنتاج حيز التنفيذ قد تنعكس إيجابا على اقتصادات هذه الدول، وبالتالي قد تتوقف عن سياسة رفع الأسعار وخفض الدعم والاستغناء عن العمالة الوافدة.

لكن كل ذلك متوقف على تحسن الوضع السياسي والأمني في المنطقة، فما لم تتوقف آلة الحرب المستعرة في اليمن وليبيا وسورية والعراق، فإن المنطقة لن تكون قادرة على جذب استثمارات أو على الأقل الحد من نزوح الأموال الهاربة منها.


المساهمون