صعود الفائدة الأميركية يزيد كلفة الاقتراض الكويتي300 مليون دولار

صعود الفائدة الأميركية يزيد كلفة الاقتراض الكويتي300 مليون دولار

17 ديسمبر 2016
الحكومة اتجهت إلى الاقتراض محليا لمواجهة العجز (Getty)
+ الخط -


أربك ارتفاع أسعار الفائدة في الولايات المتحدة الأميركية، حسابات الحكومة الكويتية التي تستعد لطرح سندات دولية بقيمة 10 مليارات دولار، خلال الأيام المقبلة، لتمويل أكثر من ثلث العجز المتوقع في موازنة العام المالي الحالي، المتبقي عليه أقل من أربعة أشهر.
ورفع مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي (البنك المركزي) أسعار الفائدة بمقدار ربع نقطة مئوية، على خلفية تحسّن سوق العمل، وذلك للمرة الأولى منذ ديسمبر/كانون الأول 2015، لتتراوح في البنوك بين 0.50% و0.75%.

وقال مسؤول كبير في وزارة المالية الكويتية، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إن تكلفة الاقتراض الخاصة بسندات الكويت ستزيد بقيمة تتراوح بين 250 و300 مليون دولار، إذا ما استقرت الأسواق خلال الفترة المقبلة ولم يباغت المركزي الأميركي بزيادة جديدة قبل توجه الكويت إلى الأسواق الدولية، خاصة أن اجتماع مجلس الاحتياطي الفيدرالي أشار إلى توقعات برفع الفائدة 3 مرات أخرى خلال العام المقبل 2017.
ويعد قرار رفع أسعار الفائدة في الولايات المتحدة، هو الثاني في نحو عشر سنوات بعد زيادتها نهاية العام الماضي، والأول منذ انتخاب دونالد ترامب رئيساً في نوفمبر/تشرين الأول 2016.

وكانت وزارة المالية الكويتية قدّرت قيمة العجز في ميزانية 2016-2017 بنحو 12.2 مليار دينار (40.2 مليار دولار)، فيما تسعى الحكومة إلى الاقتراض عبر إصدار سندات دولية بقيمة 10 مليارات دولار، وأخرى محلية بقيمة ملياري دينار (6.6 مليارات دولار)، والسحب من الاحتياطي النقدي، من أجل سد هذا العجز.
والسند هو صك مديونية تستخدمه الحكومات كوسيلة للاقتراض، والدائن هو الذي يشتري السند، ويتعهد مصدر السند بأن يدفع فائدة أو ربحاً محدداً مسبقاً لمدة معينة، وأن يرد القيمة الاسمية للسند عند حلول تاريخ الاستحقاق.

وكانت المملكة العربية السعودية آخر الدول الخليجية إصداراً لسندات دولية، نهاية أكتوبر/تشرين الأول الماضي، من أجل سد جزء من عجز موازنتها، بقيمة 17.5 مليار دولار على آجال 5 و10 و30 عاماً.
وبلغت أسعار الفائدة على السندات لأجل 5 سنوات نحو 2.85%، ولأجل 10 سنوات نحو 3.6%، و30 عاماً بنحو 4.87%، فيما يتوقع خبراء ماليون ومصرفيون ارتفاع أسعار الفائدة على السندات الكويتية عن هذه المستويات، بعد رفع الاحتياطي الفيدرالي الأميركي أسعار الفائدة نهاية الأسبوع الماضي.

أعباء تمويلية

ويقول جاسم زينل، الخبير المصرفي، إن رفع الفائدة الأميركية سيضيف أعباء تمويلية جديدة، في ظل سعي الحكومة إلى الاقتراض الخارجي عبر السندات الدولية.
ويضيف زينل، في اتصال هاتفي مع "العربي الجديد"، أن تأخر قرار طرح السندات الدولية وضع الدولة في مأزق مالي، موضحا أن هذه الخطوة أصبحت غير مناسبة، خاصة أنها ستساهم في زيادة كلفة الدين.
وأعلنت الكويت، قبل نحو 5 أشهر، اعتزامها طرح سندات دولية من أجل سد عجز الموازنة لديها، إلا أنها أرجأت هذه الخطوة إلى نهاية العام الجاري.

ويرى علي المديهيم، الخبير المصرفي ورئيس قطاع الخدمات المصرفية في البنك التجاري سابقاً، أن تكلفة الاقتراض الخارجي سترتفع، على اعتبار أن رفع الاحتياطي الفيدرالي الأميركي معدل الفائدة 25 نقطة أساس إلى النطاق بين 0.5% و0.75% من النطاق بين 0.25% و0.5%، سيؤدي إلى ارتفاع قيمة الدولار الأميركي، مع الأخذ في الاعتبار أن الأصول المقوّمة بالعملة الأميركية تصبح أكثر جاذبية للمستثمرين في أنحاء العالم.
وكانت مصادر مسؤولة في وزارة المالية الكويتية، قالت لـ"العربي الجديد"، في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، إن السعر الاسترشادي الذي وضعته الهيئة العامة للاستثمار الكويتية للسندات الدولية المزمع إصدارها لأجل 5 سنوات يتراوح بين 2% و2.5%.

وكلفت لجنة إدارة الدين العام، التابعة لوزارة المالية، الهيئة العامة للاستثمار بملف السندات الدولية، بينما كلفت بنك الكويت المركزي بالسندات المحلية.

ارتفاع غير مفاجئ

ويقول ميشال العقاد، الرئيس التنفيذي للبنك الأهلي الكويتي، إن "قرار الفيدرالي الأميركي رفع أسعار الفائدة غير مفاجئ للأسواق، حيث كانت جميع المؤشرات تشير إلى ذلك، خاصة في ظل ظهور تحسن المؤشرات الاقتصادية العالمية".
وكان مسؤول في الهيئة العامة للاستثمار الكويتية قال لـ"العربي الجديد"، في السابع من نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، إن سبعة مصارف دولية أبدت رغبتها في المشاركة في إصدار السندات، تتمثل في "كريدي سويس" السويسري ، و"بي.إن.بي باريبا" الفرنسي، و"دويتشه بنك" الألماني، وكلٍّ من "سيتي بنك" و "مورغان ستانلي" و"جي.بي مورغان تشيس" و"غولدمان ساكس" الأميركيين.

وأضاف المسؤول آنذاك أن المفاوضات مع المصارف الدولية قد تستغرق ما بين 30 و50 يوماً، ليتم الإعلان عن تفاصيل الاكتتاب العالمي مطلع 2017.
ويأتي العجز المالي للكويت تزامناً مع تراجع أسعار النفط الخام عالمياً بأكثر من النصف منذ منتصف عام 2014 عندما لامست 120 دولاراً للبرميل، فيما تنتج الدولة نحو ثلاثة ملايين برميل يومياً، وتعتمد على إيرادات النفط بأكثر من 90% في تمويل موازنتها.

وكان محافظ بنك الكويت المركزي، محمد الهاشل، قال، خلال مؤتمر يورومني الكويت 2016، نهاية سبتمبر/أيلول الماضي، إن المصارف المحلية تمكنت، حتى الآن، من احتواء الآثار المؤلمة لصدمة أسواق النفط الأخيرة، لكنه أضاف أن قدرة هذه المصارف على المرونة والتحمل "ليست إلى ما لا نهاية".
وبحسب تقرير لوكالة "ستاندرد آند بورز" للتصنيفات الائتمانية، التي تتخذ من الولايات المتحدة مقرا لها، فإن الاحتياجات التمويلية لدول مجلس التعاون الخليجي الست (الكويت، السعودية، الإمارات، قطر، البحرين، سلطنة عُمان)، قد تزيد عن 560 مليار دولار بين عامي 2015 و2019.

وأشارت الوكالة، في تقرير لها، منتصف أكتوبر/تشرين الأول الماضي، إلى أن متطلبات التمويل تتصاعد في المنطقة منذ عام 2015، مع تراجع الإيرادات النفطية الذي حوّل الفوائض المالية إلى عجز، لافتة إلى أن العجز المالي لدول الخليج سيصل إلى 150 مليار دولار، بنسبة 12.8% من الناتج المحلي الإجمالي لهذه الدول، خلال العام الحالي 2016 وحده.
واتخذت الحكومة الكويتية، خلال الأشهر الماضية، سلسلة إجراءات لخفض عجز الموازنة، ففي مطلع سبتمبر/أيلول الماضي، طبقت زيادة في أسعار البنزين بنسب تتراوح بين 40% و83%، وسبق أن طبقت زيادة كبيرة على السولار مطلع العام الماضي 2015، فضلا عن رفع أسعار المياه والكهرباء للمقيمين.