مؤتمر الاستثمار يختصر المسافة بين اليأس والأمل في تونس

مؤتمر الاستثمار يختصر المسافة بين اليأس والأمل في تونس

01 ديسمبر 2016
من الجلسة الافتتاحية لمؤتمر الاستثمار في تونس(العربي الجديد)
+ الخط -
فندت حصيلة مؤتمر الاستثمار تونس 2020 آراء المشككين في قدرة البلاد على تحقيق نتائج جيدة من هذا الموعد الاقتصادي الذي رعته دولة قطر، حيث تمكنت بفضل حشد دولي ومؤسساتي، من قطع المسافة الفاصلة بين اليأس والأمل لتنجح في جمع تعهدات مالية بحدود 15.4 مليار دولار، وهو ما يعادل ميزانية البلاد للعام المقبل كاملة.
ولأن تونس لم تحسن استثمار نجاح انتقالها الديمقراطي ولا إحراز الرباعي الراعي للحوار الوطني على جائزة نوبل للسلام، فقد كان مؤتمر الاستثمار، الذي انتهت أعماله، فرصتها الذهبية لتكون أو لا تكون على خارطة الاستثمارات العالمية، ولا سيما أن المؤتمر سجل حضور 4500 مشارك، منهم 1500 شريك اقتصادي من 70 دولة و40 وفدا رسميا، وفق بيانات حكومية.
ووفق ما أعلن عنه وزير الاستثمار فاضل عبد الكافي، تتوزع الـ34 مليار دينار (15.4 مليار دولار) التي جنتها البلاد من المؤتمر، بين 6.8 مليارات دولار في شكل اتفاقيات تم التوقيع عليها خلال المؤتمر، و8.6 مليارات دولار في شكل تعهدات وقروض من مؤسسات تمويل بشروط ميسرة ونسب فائدة لا تتعدى 2%، مع إمهال الحكومة التونسية فترات سماح قبل الشروع في سداد هذه القروض، تراوح بين 5 و7 سنوات.

محطة مهمة
واعتبر المدير العام لوكالة الاستثمار الخارجي خليل العبيدي، أن شروط سداد القروض التي ستحصل عليها البلاد مهمة جدا، لافتا إلى أن الوضع الاقتصادي الذي تمر به تونس لا يسمح لها بالحصول على قروض ميسرة. ولفت العبيدي، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إلى أن خروج تونس للسوق العالمية للاقتراض سيعرّض البلاد إلى ضغوطات مالية جديدة، لأن شروط الإقراض ستكون مجحفة وبنسب فائدة قد تصل إلى 7%، معتبراً أن توقيع تعهدات مالية بشروط ميسرة على هامش منتدى الاستثمار يعد مكسبا مهما للبلاد.
وأضاف العبيدي أن استرجاع تونس للمقر الإقليمي للبنك الأفريقي للتنمية أحد مكاسب المؤتمر، ولا سيما أن تونس حصلت على هذا المكسب بعد منافسة شديدة بين 4 دول مجاورة، لافتا إلى أن البلاد سبق أن حصلت على عدة تمويلات عندما كانت تحتضن مقر البنك الأفريقي للتنمية.

مساعدات دولية
وتوزعت المساعدات ما بين منح وقروض وودائع واستثمارات، كان أكبرها الدعم القطري عبر منحة بحدود 1.25 مليار دولار، و500 مليون دولار من الكويت في صورة قرض ميسر على خمس سنوات، و100 مليون دولار من تركيا في صورة وديعة، و250 مليون دولار من سويسرا و25 مليون دولار من كندا.
ووعد البنك الأفريقي للتنمية بحزمة تمويلات على خمس سنوات في صورة قروض ميسرة بقيمة 2.5 مليار دولار، والبنك الإسلامي للتنمية قروضا ميسرة أيضا على خمس سنوات بقيمة ملياري دولار، فيما أعلن البنك الدولي عن قرض ميسر بقيمة مليار دولار على خمس سنوات أيضا.
أما الاتفاقيات التي جرى التوقيع عليها فعليا بقيمة 6.8 مليارات دولار، فقد تمثلت في قروض من فرنسا بقيمة 1.4 مليار دولار على مدى 4 سنوات، ومائتي مليون دولار إضافية في شكل اتفاقيات قروض ميسرة، و25 مليون دولار في شكل منحة، بالإضافة إلى أن فرنسا وعدت بإعادة جدولة الديون التونسية لتحويلها إلى استثمارات في تونس، في شكل مشاريع صحية ومستشفيات وأخرى تربوية.


وشملت الاتفاقيات الموقعة أيضا، اتفاقا مع السعودية ممثلة في الصندوق السعودي للتنمية بقيمة 800 مليون دولار، منها 700 مليون دولار في صورة قروض ميسرة على 25 سنة بفائدة 2% مع فترة سماح 7 سنوات، بالإضافة إلى 100 مليون دولار منحة لتمويل بناء مستشفى بمدينة القيروان وترميم المنطقة الأثرية بمدينة القيروان.
ووقعت تونس اتفاقية قرض مع ألمانيا ممثلة في المؤسسة الألمانية للإعمار بقيمة 125 مليون دولار، بالإضافة إلى اتفاقية منحة مع الاتحاد الأوروبي بقيمة 220 مليون دولار، فيما وقعت الحكومة التونسية مجموعة اتفاقيات تمويلية مع البنك الأوروبي للاستثمار بقيمة 3 مليارات دولار على 4 سنوات، و600 مليون دولار قرضا تمويليا بشروط ميسرة.
ووقعت تونس أيضا اتفاقية تمويل مع الصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي بقيمة 1.5 مليار دولار بشروط ميسرة على 30 سنة و7 سنوات سماح، بالإضافة إلى اتفاقية قرض مع البنك الأفريقي للتنمية بقيمة 150 مليون دولار بشروط ميسرة، فضلا عن 700 مليون دولار لتمويل مشروعات تنموية على 4 سنوات.

تمويلات مرهونة
أما المساعدات التي لم توقع تونس اتفاقيات بشأنها بعد، رغم الإعلان عنها رسميا في المؤتمر، وقيمتها 8.6 مليارات دولار، فقد رهنتها المؤسسات الدولية المانحة باستكمال برنامج الإصلاح الاقتصادي الذي يجري التفاوض عليه مع صندوق النقد الدولي.
وقال وزير الاستثمار فاضل عبد الكافي، إن برنامج الإصلاح الاقتصادي مرتبط بإصلاح هياكل المالية العمومية في الموازنة العامة للدولة وإصلاح بند الأجور وتقليل العجز في الموازنة، مشيرا إلى أن المفاوضات مع صندوق النقد الدولي لا تزال جارية، ويتولى هذا الملف كل من محافظ البنك المركزي التونسي ووزيرة المالية التونسية.
وكانت تونس قد وقعت اتفاقا جديدا مع صندوق النقد الدولي في إبريل/ نيسان الماضي تحصل بمقتضاه على قرض بقيمة 2.88 مليار دولار، وحصلت على الشريحة الأولى منه وقتها بقيمة 320 مليون دولار.
ويشترط صندوق النقد إصلاح بند الأجور قبل حصول تونس على الشريحة الثانية من القرض، وهو ما سيمهّد لها الحصول على التمويلات والتعهدات التي حصلت عليها خلال المنتدى الاقتصادي تونس 2020.

القطاع الخاص
أما حظوظ القطاع الخاص في المؤتمر، فقد تمثلت في عدة مشروعات، أهمها توقيع شراكة بين شركة "مايكروسوفت" الأميركية ووزارة تكنولوجيات الاتصال والاقتصاد الرقمي، واتفاق لإنشاء مؤسسة لصناعة الشاحنات تتبع شركة "بيجو" الفرنسية، وتوقيع مؤسسة "تالنات" المحلية الناشطة في القطاع التكنولوجي اتفاقية شراكة مع شركة 'آيرباص" لصناعة الطائرات، إضافة إلى اتفاقية أخرى في مجال السياحة مع مؤسسة "ماجدة" القطرية لبناء منتجع سياحي في منطقة رواد في ضواحي العاصمة بقيمة 220 مليون دولار.
وقال الخبير المالي والاقتصادي راضي المدب، إن الأرقام التي تم تسجيلها لا معنى لها إذا لم يحقق المؤتمر هدفه الأساسي، وهو العودة إلى خارطة الاستثمارات. وأشار، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إلى أن الاقتصاد المحلي لا يحتاج إلى ضخ أموال مؤقتة بمناسبة المؤتمر، بقدر ما يحتاج إلى إرساء نظام استثماري قائم على الاستمرارية لاستيعاب أكبر قدر من طالبي العمل وخلق الثروة ورفع نسب النمو.