0.7% من سكان العالم يملكون 116.6 ترليون دولار

0.7% من سكان العالم يملكون 116.6 ترليون دولار

23 نوفمبر 2016
ترامب يصعد على أكتاف الغبن الطبقي (Getty)
+ الخط -
عاماً بعد عام تكشف تقارير الثروة العالمية تركز الأموال في يد قليل من الناس، وفيما يزداد الأثرياء ثراء، يزداد الفقراء فقراً، وحتى الذين يملكون ثروة تتراوح بين 10 و100 ألف دولار يتناقص كل عام.
وتركيز الثروة، الذي كشفه تقرير بنك كريدي سويس السويسري، يفسر سر الصعود السريع لليمين المتطرف و"الشعبوية البيضاء" في كل من أوروبا وأميركا على حساب الأحزاب السياسية التقليدية وجماعات الانفتاح والعولمة والتحرير الاقتصادي وحريات انسياب التجارة والبشر.
وحسب قراءات في التقرير، فإن السنوات الثماني الأخيرة ومنذ الأزمة المالية العالمية في 2008 أو حتى قبل ذلك بعقدين من الزمان تحولت صناعة الثروة في العالم من الإنتاج الزراعي والصناعي إلى المضاربة في أسواق المال.
فالبنوك المركزية وعلى رأسها مجلس الاحتياط الفيدرالي (البنك المركزي الأميركي) أقرضت ترليونات الدولارات المجانية أو شبه المجانية إلى الأثرياء تحت ما يسمى بـ"التحفيز الكمي" أو "الفائدة الصفرية أو حتى تحت الصفرية".
وكانت النتيجة متاجرة الأثرياء بهذه الثروات لتتضاعف ثرواتهم وندرة في الأموال المستثمرة في القطاع الصناعي والزراعي، حيث افلست مئات المصانع في أميركا وأوروبا، وتحولت بعض المدن إلى مدن أشباح مثل بعض أحياء ديترويت وبعض المدن الصغيرة في الوسط الغربي الأميركي.
ومن هنا تولد الغبن الطبقي وتفاوت الدخول وجشع كبار أصحاب الثروات وسيطرتهم على المؤسسة السياسة وماكينة صناعة القرار وتوجيه "الأنتلجنسيا " ومؤسساتها الإعلامية لخدمة مصالحها، أدى إلى رفض اجتماعي شبه كامل للمؤسسات السياسية التقليدية واسلوب صناعة الثروة في العالم الرأسمالي.
وكشف تقرير مصرف "كريدي سويس" عن الثروة العالمية كيف تتزايد الفروقات بين الأثرياء والفقراء عاماً بعد عام. وحسب الأرقام التي نشرها التقرير، فإن حوالي 0.7% فقط من سكان العالم باتوا يملكون 116.6 ترليون دولار من ثروة العالم المقدرة بحوالي 255 ترليون دولار.
وبمقارنة هذه الأرقام بالتقرير الذي اصدره البنك السويسري قبل 6 سنوات، أي في العام 2010، فإن عدد الأثرياء تضاعف في وقت يتزايد فيه عدد الفقراء.
وقال التقرير إن الثروة العالمية ارتفعت خلال الـ 12 شهراً الماضية بحوالي 3.5 ترليون دولار إلى 256 ترليون دولار، وهو ما يمثل زيادة في ثروة الأثرياء بحوالي 1.4%.
وحسب التقرير فإن الولايات المتحدة لا تزال تقود العالم في عدد المليونيرات وتركزهم مقارنة بعدد السكان.


ويشير التقرير إلى أن عدد المليونيرات في أميركا، أي الذين يملكون أكثر من مليون دولار، قفز إلى 13.6 مليون شخص، وهو ما يمثل نسبة 41% من عدد المليونيرات في العالم.
ويلاحظ أن التفاوت الطبقي يتزايد في العالم ويخلق تشوهات سياسية واقتصادية واجتماعية، وأدى هذا التفاوت الطبقي إلى صعود الرئيس الملياردير دونالد ترامب إلى الحكم في أميركا على اكتاف" الشعبوية البيضاء".
وفي أوروبا، وبعد ثماني سنوات من تطبيق سياسة التقشف، تجد دول الاتحاد الأوروبي نفسها أمام مجموعة من التحديات التي ستهدد المشروع الأوروبي برمته، ربما خلال سنوات.
ومن أهم التحديات التي تقابل المشروع الأوروبي، أن سياسة التقشف فشلت في إنعاش الاقتصادات الأوروبية، واستغل اليمين المتطرف هذا الفشل في التشكيك في جدوى المشروع، والسعي إلى محاولة تمزيقه أسوة بما فعله السياسي المتطرف، نايجل فراج، في بريطانيا عبر الاستفتاء الأخير.
ويستفيد اليمين المتطرف الذي يواصل الصعود في كل من فرنسا وألمانيا والنمسا، والعديد من دول اليورو الفقيرة، من ارتفاع نسبة البطالة، وتدفق اللاجئين واليأس من عودة الرخاء الاقتصادي إلى أوروبا.
وهنالك شكوك عديدة حول استمرارية دولة الرفاه والضمانات المعيشية التي تكفلها الدول الأوروبية لمواطنيها منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، وسط الضعف المستمر والركود الاقتصادي الذي تعيشه القارة العجوز.
لكن يبدو أن إيطاليا وبنوكها، إلى جانب مصارف كبرى مثل "دويتشه بانك" الألماني، ربما ستكون بحاجة إلى مساعدات حكومية عاجلة.
ويشير التقرير الأخير الصادر عن الكونغرس الأميركي إلى جملة تحديات رئيسية تواجه مستقبل بقاء المشروع الأوروبي أهمها:
أولاً: مسألة إفلاس بعض الدول الأعضاء في منطقة اليورو، وربما لا تستطيع دول الاتحاد الأوروبي إنقاذها مثلما فعلت مع اليونان بمساعدة صندوق النقد الدولي. خاصة احتمالات حدوث إفلاسات مالية كبيرة في إيطاليا التي تحمل بنوكها سندات ديون لا تدر فوائد تفوق 600 مليار دولار.
كما أن هنالك العديد من البنوك الإيطالية والأوروبية تعيش منذ مدة على جرعات الإنعاش النقدي وخطوط السيولة التي يوفرها البنك المركزي الأوروبي.
ثانياً: مشاكل الهجرة واللجوء التي تخلق مجموعة من الأزمات والانقسامات داخل دول الاتحاد الأوروبي. يحدث ذلك رغم أن الاقتصادات الأوروبية بحاجة إلى هذه الهجرة في المستقبل، بسبب تناقص عدد المواليد وتزايد عدد كبار السن.
وهو ما يعني عملياً، أن الاقتصادات في عدد من دول الاتحاد الأوروبي لن تجد في المستقبل الأيدي العاملة الشابة لشغل الوظائف، وبالتالي دفع الضرائب للدولة لتمويل ودعم دولة الرفاه وبنود الضمانات الاجتماعية والمعاشية لكبار السن، إلا أن الأحزاب اليمينية المتطرفة تنظر للهجرة على اساس أنها عبء مالي وإرهابي وديمغرافي، ربما يغير مستقبلاً الخارطة الثقافية والعرقية في أوروبا.


المساهمون