ليبيا: انتقادات لتدخل أطراف أجنبية في السياسة النقدية

ليبيا: انتقادات لتدخل أطراف أجنبية في السياسة النقدية

14 نوفمبر 2016
تفاقم الأزمة الاقتصادية في ليبيا (Getty)
+ الخط -
قرر مؤتمر "الحوار الاقتصادي الليبي" الذي عقد في العاصمة البريطانية لندن تخصيص 8.6 مليارات دينار (نحو 6.1 مليارات دولار) للمجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني كسلفة مالية من المصرف المركزي، خلال الربع الأخير من العام الجاري، لتغطية نفقات رواتب 1.5 مليون موظف حكومي ونفقات منح الطلبة ورواتب السفارات ودعم الكهرباء والمحروقات والدواء.
ولاقت هذه الخطوة انتقادات من مسؤولين ليبيين بسبب تدخل دول غربية في عملية تخصيص أموال للمجلس الرئاسي بالإضافة إلى مناقشة أطراف أجنبية السياسة النقدية بالبلاد، حسب تعبيرهم.
وجاء ذلك بعد حرب بيانات وتصريحات بين المجلس الرئاسي ومصرف ليبيا المركزي بشأن تخصيص موازنة طوارئ لتغطية النفقات التشغيلية ودخول ديوان المحاسبة بشأن آلية صرف تلك الأموال ولم يتمكن كلاهما من حل المشكلة ألا بعد الجلوس في مؤتمر لندن برعاية دول غربية.
وقال رئيس اللجنة المالية بمجلس النواب في طبرق (شرق البلاد) عمر تنتوش، لـ"العربي الجديد" إن "مؤتمر لندن، الذي عقد الأسبوع الماضي، لم يأت بجديد وأن نفقات الرواتب ومنح الطلبة ودعم المحروقات والكهرباء تنفق بشكل طبيعي ولا نعلم سبب الاستعانة بالجانب الأجنبي من أجل الإنفاق المالي للمجلس الرئاسي الذي لم يأخذ الثقة من مجلس النواب حتى الآن".
وأضاف: "كان الأجدر بالمجلس الرئاسي الاجتماع في العاصمة طرابلس لمناقشة السياسات المالية للبلاد والإنفاق المالي ومتطلبات المرحلة الحالية".
وعقد في لندن خلال الأسبوع الماضي مؤتمر تحت عنوان "الحوار الاقتصادي الليبي" بمشاركة وزير خارجية أميركا جون كيري ووزير خارجية بريطانيا بوريس جونسون، بالإضافة إلى رئيس المجلس الرئاسي فايز السراج ونائبه ووزيري التخطيط والخارجية بحكومة الوفاق ومحافظ مصرف ليبيا المركزي وبعض مستشاريه وعدد آخر من المسؤولين.

وأوضح وكيل وزارة الاقتصاد السابق على المحجوبي، لـ"العربي الجديد" أن مؤتمر لندن جاء نتيجة خصام بين المجلس الرئاسي ومصرف ليبيا المركزي في محاولة لتقريب وجهات النظر بين الطرفين، مشيراً إلى وجود عقبة قانونية لأن حكومة الوفاق الوطني لم تحصل على الثقة من برلمان طبرق ولا يوجد وزير مالية أو وزير اقتصاد حاليا وبالتالي كان هناك خيار أخر وهو التدخل الغربي.
وتعاني ليبيا من أوضاع معيشية صعبة بالإضافة إلى نقص السيولة بالمصارف التجارية، ما أدى إلى ارتفاع الدولار إلى 5.27 دنانير للدولار الواحد في السوق الموازية، وهو رقم تاريخي منذ صدور الدينار قبل ستين عاماً.
وجاء المجلس الرئاسي، بعد حوار دام أكثر من عام بين أفرقاء السياسة في ليبيا بين المؤتمر الوطني العام بطرابلس ومجلس النواب في البيضاء. ووقع الفرقاء الليبيون في 17 من ديسمبر/كانون الأول من العام الماضي على اتفاقية في مدينة الصخيرات المغربية تقر بتشكيل حكومة وفاق وطني توحد الليبيين وتنهي حالة الانقسام العاصفة بالبلاد. لكن هذه الحكومة ظلت دون غطاء شرعي بعد فشل البرلمان في منحها الثقة مع تمسك عدد من النواب بضرورة إضفاء تعديل على الاتفاق السياسي كشرط لمنح الثقة للحكومة.
وحسب إحصائيات رسمية، بلغت السلف المالية التي قدمها مصرف ليبيا المركزي خلال عامي 2014 و2015 للحكومات الليبية نحو 41 مليار دينار ليبي (29.2 مليار دولار)، نتيجة تراجع إيرادات ليبيا من النفط، وقال ديوان المحاسبة في تقريره السنوي إن "المبالغ لم يتم تسويتها حتى الآن"، محذراً من استمرار العجز المالي والتجاري ونزيف احتياطيات النقد الأجنبي والتي تؤثر على احتياجات الدولة من سلع وخدمات أساسية.
ويقل إنتاج ليبيا من النفط الخام حاليا عن ربع مستواه نهاية عام 2010، الذي كان يبلغ 1.6 مليون برميل يومياً. وتشهد حقول النفط صراعاً بين الأطراف المختلفة للسيطرة عليها.
ويعتمد الاقتصاد الليبي بصورة رئيسية على عائدات النفط في الدخل القومي، حيث يمثل نحو 95% من إيرادات الدولة، وانخفضت احيتاطيات ليبيا من النقد الأجنبي من 115 مليار دولار عام 2012، إلى 54 مليار دولار نهاية العام الماضي، بمعدل 53%. وشهد عام 2015 عجزاً كبيراً في الميزانية العامة في ظل الانقسام السياسي وتدني الإيرادات النفطية.

المساهمون