أجل، كل السوريين فقراء

أجل، كل السوريين فقراء

23 أكتوبر 2016
هجرت الحرب نحو 7 ملايين بالداخل السوري(عمار البوشي/الأناضول)
+ الخط -

وصلت حملة التفقير بهدف التهجير، أو الانشغال بلقمة العيش عن الثورة، التي نهجها نظام بشار الأسد، مذ قام السوريون مطالبين بالحرية والعدالة بتوزيع الثروة، منتهاها، وأفلحت الحكومة الممانعة، إثر تجاهلها تحسين الدخول وزيادة الأجور رغم زيادة الأسعار 12 ضعفاً، في إلهاء السوريين بثمن الطعام وحوامل الطاقة وإيجار المنازل، بعد أن هجرت الحرب، نحو 7 ملايين بالداخل.

بيد أن نسبة واقعية إن لم نقل حقيقية، عن معدل الفقر بسورية، لم تصدر حتى الآن، بل أكثر الأرقام جرأة، صدرت عن مكتب الإحصاء بدمشق، الذي قدر نسبة الفقراء بنحو 80%، دون أن يشير، أو سواه من مراكز الأبحاث الذين تطرقوا لمؤشرات سورية الاقتصادية بعد الحرب، أي منهج اعتمدوا أو أي معيار سلكوا حتى وصلوا إلى تلك النسب والإحصاءات المتفائلة.

قصارى القول: ثمة معياران، رقمي وآخر مبني على تلبية الحاجات، يتم اعتمادهما دولياً، للوصول إلى نسبة الفقر، فإن سلكنا منهج المعيار الرقمي، الذي يقول إن كل إنسان يعيش بأقل من 1.9 دولار يومياً، يدخل في دائرة الفقر المطلق، وحسبنا ذلك المبلغ على سعر صرف الليرة المتهاوي، فنحن أمام 1000 ليرة يومياً للفرد، أي 150 ألف ليرة لأسرة مكونة من خمس أفراد، ما يعني مقارنة بأعلى أجر بسورية اليوم، بما فيها رواتب الوزراء، أن جميع السوريين تحت خط الفقر.

أما باعتماد المعيار الثاني، تأمين حاجات العيش الضرورية "غذاء، مسكن، لباس، صحة وتعليم" لمعرفة نسبة الفقر بسورية، فهو أشد وأقسى، إذ تشير دراسة لجمعية حماية المستهلك بدمشق، أن تكاليف الغذاء الضروري لأسرة مكونة من خمسة أفراد، لا يقل عن 95 ألف ليرة شهرياً، ومتوسط إيجار المنزل مع فواتير وصيانة تصل نحو 77 ألف ليرة.

فإن أضفنا لتلك الأرقام، الحد الأدنى لتكاليف اللباس المقدر بنحو 16 ألف ليرة والصحة بنحو 9500 ليرة والتعليم بنحو 16500 ليرة، فنحن أمام 214 ألف ليرة سورية للأسرة السورية، لتخرج عن خط الفقر الحاد، في حين متوسط دخل العامل بالدولة لا يزيد عن 35 ألف ليرة سورية، ومعظم غير العاملين بالدولة يعانون من قلة فرص العمل والبطالة التي تزيد نسبتها أيضاً عن 80%.

خلاصة القول: السؤال البديهي الذي يتوثب على الشفاه هنا، كيف يعيش السوريون بواقع الهوة السحيقة بين مداخيلهم وإنفاقهم الضروري؟

ثمة فئة في سورية، تخرج عن هذا البحث، وهي فئة آل النظام وشبيحته وتجار الحرب، لأن دخولهم المرتبطة بمعدل التصدي والممانعة والمقاومة، تزيد عن احتياجات أسرهم، بل يجدون بالثورة فرصة لجمع الثروة، حتى عن طريق الحواجز وتهريب السلاح والغذاء للمناطق المحاصرة.

ليبقى سواد السوريين ضمن عينة البحث، والذين نعتقد أن للتحويلات الخارجية، من أهل وأصدقاء بالخارج، دورا مهما في ترميم فجوة معيشتهم، كما لما توزعه المنظمات الإغاثية الدولية، من مساعدات وسلل غذائية يساعدهم على البقاء على قيد الحياة.

أما الأهم في تجسير تلك الفجوة، فإنما يتم عبر بيع الممتلكات وحتى أثاث المنازل، ليتحقق الهدف الثاني الذي لم يعلنه الأسد إلى جانب التفقير، وهو استبدال السوريين بوافدين جدد، من شركاء الحرب والعقيدة، ليتملكوا بسورية للوصول إلى حالة ديموغرافية جديدة، تغير حتى من ملامح سورية التي عرفنا...والسوريين.