الحكومة التركية تزيد استثمارات الإنماء في مناطق الأكراد

الحكومة التركية تزيد استثمارات الإنماء في مناطق الأكراد

03 أكتوبر 2016
الاضطرابات الأمنية تفاقم معيشة السكان (إلياس أكينجن/فرانس برس)
+ الخط -
أبدت الحكومة التركية اهتماماً بتنمية مناطق جنوب شرق الأناضول، ذات الأغلبية الكردية، خلال الفترة الماضية، وأعلنت حكومة بن علي يلدريم، أخيراً، عن خطط لضخ استثمارات جديدة، منها حزمة مشاريع ستتم في 23 مدينة بالإقليم.
وحسب محللين، تحدثوا لـ"العربي الجديد"، تحتاج مناطق جنوب شرق البلاد، جهوداً تنموية كبيرة لحل مشاكل البطالة والأزمات المعيشية، وخاصة في ظل تعرضها للاضطرابات الأمنية وعمليات إرهابية، مطالبين بتذليل العقبات أمام المشاريع الجديدة لتقليل الفجوة في المستوى الاقتصادي بين هذه المناطق وغرب البلاد.

وفي هذا السياق، يقول الاقتصادي التركي، خليل أوزون، لـ"العربي الجديد"، "إن حكومة حزب العدالة والتنمية أولت اهتماما أكبر من الحكومات التي سبقت توليه السلطة، بإقليم جنوب شرق البلاد، حيث تجاوزت الاستثمارات التي خصصت له خلال السنوات العشر الماضية 37 مليار ليرة (12.3 مليار دولار)، وزادت حصة الإقليم من الاستثمارات من 7 إلى 12%".
ويضيف أوزون، أن "مشروع تنمية جنوب شرق الأناضول الذي يمثل نحو 10% من مساحة وعدد سكان تركيا، يستهدف رفع مستوى الدخل وتحسين المستوى المعيشي لسكان هذه المناطق، لكن العديد من المعوقات حالت دون تحقيق الخطط، أو الانتقال بالإقليم إلى مستوى التطور والتنمية في مناطق غرب الأناضول، حتى جاءت أخيراً زيارة رئيس الوزراء، ليعلن عن خطة حكومية جديدة".
ويؤكد أوزون أن خطة يلدريم تعد استكمالاً لما أعلنه رئيس الوزراء السابق، أحمد داود أغلو، في فبراير/ شباط الماضي، من أن الحكومة عازمة على تنفيذ "الخطة الرئيسية" لحل المشكلة الكردية في تركيا، والتي ستشمل تأهيل المناطق ذات الكثافة الكردية اقتصادياً واجتماعياً.
وزار رئيس الوزراء التركي، الشهر الماضي، مدينة ديار بكر، التي يُطلق عليها اسم عاصمة إقليم جنوب شرق تركيا، وأعلن يلدريم، في مؤتمر صحافي، عن حزمة من المشاريع الاستثمارية التي ستتم في 23 مدينة بالإقليم.

كما وعدت الحكومة تجار "سور"، التابعة لمدينة ديار بكر، بقروض بحوالي 150 مليون ليرة تركية، (نحو 50 مليون دولار)، كمساهمة لتنميتها، بصفتها المنطقة الأكثر تعرضاً لأكبر الهجمات الإرهابية منذ انهيار عملية السلام في يوليو/ تموز من العام الماضي.

وصرح وزير البيئة والتخطيط المدني، محمد أوز حسكة، بعد زيارته لمدينة ديار بكر، بأن الحكومة تدرك حجم الخسائر التي أصابت المواطنين نتيجة العملية العسكرية، مشدداً على أن الحكومة أصدرت تعليمات مشددة لجميع دوائر الدولة للتحرك بسرعة لمد يد العون لكافة المتضررين.
وأوضح أوز حسكة أن الحكومة ستقدم قرضاً بمقدار 50 ألف ليرة لكل مستثمر، وسيُعفى أصحاب القروض من السداد لمدة 6 أشهر، وبعد ذلك سيتم تقسيط سداد القرض على سنتين دون أي فائدة، مشيراً إلى أن الحكومة ستعمل على تأمين مستلزماتها من مصانع المستثمرين في الإقليم.

وقال بيان صدر عن وزارة البيئة والتخطيط المدني، بعد زيارة رئيس الوزراء لمدينة ديار بكر: "تم حصر حجم الأضرار في منطقة سور بعد تطهيرها من مقاتلي حزب العمال الكردستاني، ومن المقرر أن يتم بناء حوالي 4 آلاف مبنى في حيّي تشولغوزيلي وأوتشكويولار لاستبدالها بالمناطق التي تعرضت للدمار بعد العمليات الأمنية، وأن أول ألف بيت ستكون جاهزة بحلول نهاية عام 2016".
وأكد البيان أنه سيتم بناء الحي بميزانية ملياري ليرة تركية، كما سيتم بناء آلاف البيوت وإصلاح أنابيب المياه الصالحة للشرب والصرف الصحي وسيتم ترميم 10 مبانٍ تاريخية.

ووفقاً للخطة الحكومية، سيتم تسليم أماكن مخصصة للمستثمرين الراغبين دون أي مقابل، كما ستقدم الحكومة قروضاً للراغبين بفوائد أقل بثماني نقاط من القروض الأخرى.
ويقول المحلل التركي، أوكتاي يلماظ، لـ"العربي الجديد"، "إن المناطق ذات الكثافة الكردية، تعرضت للعنف من قبل حزب العمال الكردستاني، ودمرت بعض المناطق جراء قصف الإرهابيين ومحاربتهم، لتأتي الآن خطة إعمار هذه المناطق، بالمحافظة على تراثها ومنع الامتداد العمودي بالأبنية وتنميتها".

ويشير يلماظ إلى أن الخطة أوسع بكثير من مدينة ديار بكر، إذ تشمل مدناً أخرى بعضها ذات كثافة كردية وهناك مناطق ذات كثافة تركية، لكنها بالمجمل أقل تنمية من غرب البلاد.
ويضيف أن مشروع التنمية خلال السنوات المقبلة سيساهم في تطوير وانتعاش تلك المدن، سواء من خلال حوافز وميزات استثمارية ستقدمها الدولة للمستثمرين، أو تقوم الدولة بالبناء وتأهيل البنى والمنشآت بنفسها من خلال استثمارات بحجم 10 مليارات ليرة تركية (3.3 مليار دولار)، وفق ما أعلن عنه رئيس الوزراء، واصفاً الخطة بالواقعية والشاملة، إذ تم رصد مبالغ لها، وليست مجرد دعاية إعلامية ستفتر بعد حين.

وحول انتقادات البعض لتأخر الحكومة في تنمية جنوب شرق تركيا، ما جعل التفاوت سحيقاً مع باقي المناطق، قال يلماظ: "صحيح تم التأخير، ولكن أن تصل متأخراً خير من ألا تصل أبداً"، مشيراً إلى أن خطط الحكومات السابقة التي تستهدف تنمية شرق البلاد ومنها مدن غالبية سكانها أتراك، لم تتحقق حتى الآن، ما يستلزم جهداً أكبر من الحكومة الحالية.
وكان رئيس جمعية رجال الأعمال الشباب في إقليم جنوب شرق تركيا، هاكان أق بال، قال في تصريحات، أخيراً، إن باقة المشاريع التنموية الجديدة تحتوي على جوانب ضعيفة وأخرى قوية، مبيناً أن الجانب القوي هو التفات الحكومة للإقليم بمشاريع استثمارية وتجارية ضخمة، أما الجانب الضعيف فهو البيروقراطية في التنفيذ.



المساهمون