تونس: التجار يكسرون الركود بتكثيف التخفيضات

تونس: التجار يكسرون الركود بتكثيف التخفيضات

09 يناير 2016
تراجع المبيعات يؤرق التجار في تونس (فرانس برس)
+ الخط -
تقف مريم بباب محل الأحذية في أحد أكبر المراكز التجارية بالعاصمة تونس، مرحبة بعملائها، في محاولة لإقناعهم بتسهيلات الدفع التي توفرها السلسلة التي تعمل بها، غير أن جهودها غالبا ما تصطدم باعتذار الزبائن ممن يبررون عزوفهم عن التسوق بأسباب متنوعة، لكن مريم تدرك في قرارة نفسها أن السبب واحد وهو قلة ذات اليد.
تتذمر مريم من قلة المبيعات هذا الموسم، فالمحل الذي تعمل فيه كان يحقق أرباحاً يومية لا تقل عن ألفي دينار (نحو ألف دولار)، غير أن تقلص المداخيل بشكل كبير جعل المسؤول عن سلسلة المحلات يراجع المنح والحوافز التي كانوا يتحصلون عليها بدعوى أنهم لا يبذلون المجهود الكافي لإقناع الزبائن بشراء بضاعتهم.
تقول مريم، في تصريح لـ "العربي الجديد"، إن مجموعة أحذية الشتاء ظلت حبيسة رفوف المحل في انتظار موسم التخفيضات الذي ينطلق بعد أسابيع، متوقعة أن تُنشط التخفيضات الحركة التجارية وأن تنقذ أغلب محلات المجمع التجاري الذي تعمل فيه من الكساد.
ولا يعد المحل الذي تعمل فيه مريم حالة فريدة، فجل المحال التجارية في العاصمة وحتى داخل المحافظات تشتكي من الركود التجاري. وينتقد التجار كثرة الزائرين وغياب المبيعات، معتبرين أن التونسيين يعشقون التسوق وتجلبهم الواجهات، غير أن الضغوطات المعيشية حرمتهم من متعة شراء مواد باتت في سلة الكماليات بالنسبة لشريحة كبيرة من المواطنين.
وتلجأ أغلب المحال التجارية وماركات الملابس والأحذية هذه المدة إلى ما يسمى بالمبيعات التنموية وإقرار تخفيضات استثنائية خارج موسم التخفيض القانوني، في محاولة لكسر الركود التجاري. وتعتمد المحال على الإرساليات القصيرة لإبلاغ الزبائن بالتخفيضات الاستثنائية مع تمكينهم من تقسيط مبالغ الشراء على مدة تتجاوز الخمسة أشهر في بعض الأحيان.
وشهدت القدرة الشرائية للتونسيين تراجعاً كبيراً تقدرها بيانات غير رسمية بنسبة 25%، خاصة مع ارتفاع نسبة التضخم إلى معدلات غير مسبوقة قبل أن تستقر في حدود 4.1% في ديسمبر/كانون الأول الماضي.
ويعتبر جميل بن ملوكة وهو صاحب أكبر محلات لبيع الأقمشة والملابس، أن التجار مجبرون على التخفيض وتقديم تسهيلات في الدفع حتى لو كان على حساب هامش الربح نظرا لحاجتهم الملحة للسيولة المالية.

ولفت بن ملوكة، في حديث لـ "العربي الجديد"، إلى أن زملاءه مطالبون بتوفير رواتب عمالهم ومستحقات إيجار المحلات والضرائب سواء نشطت الحركة التجارية أو كسدت، وهو ما يجعل أغلبهم يلجأ إلى اختيار الطريقة التسويقية التي تناسبه.
وأعلنت وزارة التجارة الخميس الماضي، عن الاتفاق مع التجار ومنظمة الدفاع عن المستهلك عن تقديم موعد التخفيضات الشتوية الذي كان مقررا يوم 15 فبراير/شباط إلى 31 يناير/كانون الثاني.
وقالت وزارة التجارة إن المهنيين هم من طالبوا بتقديم موعد التخفيضات لمحاربة الكساد التجاري، معتبرين أن التخفيض سيمكن المواطنين من الاستفادة من مجموعة الموسم الحالي في وقت متقدم من فصل الشتاء فتكون الاستفادة مضاعفة.
ينتظم موسم التخفيضات، وفق القانون التونسي، مرتين في السنة، الأول في شهر فبراير/شباط والثاني في نهاية أغسطس/آب على أن تقوم المحلات التجارية بإيداع تصاريح لدى مصالح وزارة التجارة تتضمن نسبة التخفيض التي لا تقل عن 20% وحجم الكميات المعنية بالتخفيض.
وأصبحت وزارة التجارة في السنوات الأخيرة، تبدي مرونة أكثر في التعامل مع التجار في مواسم التخفيضات وخارجها كما تسمح لهم بالمبيعات الخاصة لتنشيط الحركية التجارية إلى جانب دفع المساحات التجارية الكبرى إلى تكثيف المبيعات التنموية في كل المواد الاستهلاكية لتمكين المواطنين من توفير البعض من نفقاتهم الأسرية.
وتستعد وزارة التجارة لتقديم مشروع قانون جديد لموسم التخفيضات سينظر فيه البرلمان قريبا بهدف مزيد من مواكبة تطورات السوق مع المستجدات الاقتصادية في البلاد خصوصاً أن القانون المعمول به حاليا يعود إلى سنة 1998.
ويقترح المهنيون أن تكون الفترة الزمنية المحددة لموسم التخفيض في القانون الجديد متراوحة ما بين 6 و8 أسابيع لتلافي قرارات التمديد فيه بصورة اعتباطية قد تخلق الفوضى في صفوف الفاعلين الاقتصاديين.
كما يطالب التجار بضرورة التقليص في فترة خزن البضائع التي سيتم تسويقها خلال موسم التخفيضات لتصبح شهرا واحدا بدل 3 أشهر، معتبرين أن فترة الثلاثة أشهر المعمول بها حاليا غير مجدية خاصة مع تطور الموضة التي تتطلب تجديدا متواصلا في الملابس المعروضة في السوق.
وتوصي الغرفة النقابية للتجار بالتخفيض في تاريخ الإيداع من قبل التجار لدى وزارة التجارة والذي يتضمن قائمة المنتجات المعروضة للبيع في التخفيض من أسبوعين إلى اسبوع واحد مع تنقيح فصول القانون الحالي الذي يمنع التجار من القيام بتخفيضات خلال 40 يوما التي تسبق انطلاق موسم التخفيضات مقترحة التقليص في هذه المدة إلى 20 يوما.
ويتسم المشهد الاقتصادي التونسي طيلة الثلاث سنوات المنقضية، بالاختناق والتذبذب ومرّ بصعوبات ضيقت الخناق على التونسيين.

اقرأ أيضا: تونس: المعارضة تنتقد صرف قروض خارجية دون موافقة البرلمان

المساهمون