الصين والنفط يسيطران على دافوس 2016

الصين والنفط يسيطران على دافوس 2016

21 يناير 2016
جانب من فعاليات منتدى دافوس (Getty)
+ الخط -
بدأت في دافوس أمس أعمال المنتدى الاقتصادي العالمي الذي يستمر لمدة أربعة أيام، وفيما تتراكم السحب السوداء الكثيفة في سماء الاقتصاد العالمي، شارك هذا العام قرابة 2500 مسؤول اقتصادي وسياسي من مائة دولة. ومن بين الحضور في دافوس هذا العام، الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند ورئيس الوزراء الصيني لي كه تشيانغ ونائب الرئيس الأميركي جو بايدن ووزير الخارجية الأميركي جون كيري ورئيس الوزراء الإيطالي ماتيو رينزي، فيما غابت عن المنتدى المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل التي كانت تحضره بانتظام.
وينعقد منتدى العام الجاري تحت ظروف ضاغطة تواجه الاقتصاد العالمي، وحسب ما رشح من دافوس حتى الآن فإن النقاشات الاقتصادية ستركز على أزمة اليوان الصيني وتداعياتها على الاقتصاد العالمي، خاصة أسواق المال والسلع الأولية.
كما سيناقش المؤتمر تداعيات رفع الفائدة الأميركية وانهيار أسعار النفط على الاقتصادات الناشئة وشركات الطاقة وكيفية تحريك النمو الاقتصادي العالمي. وقبيل انعقاد المنتدى خفض صندوق النقد الدولي توقعاته للنمو العالمي في 2016 وحذر من مخاطر كبيرة على الاقتصاد العالمي، بسبب تباطؤ الاقتصاد الصيني والانكماش في البرازيل وهبوط أسعار النفط.
وقال الصندوق في توقعاته الاقتصادية الجديدة إنه وبعد تحقيق نمو 3.1% في 2015، يتوقع أن يتحسن إجمالي الناتج الداخلي العالمي هذه العام إلى 3.4% ولكن بوتيرة تقل 0.2 نقطة، مقارنة مع التوقعات السابقة التي نشرت في تشرين الأول/أكتوبر الماضي.
وفي ذات الصدد قال معهد التمويل الدولي، أمس إن المستثمرين الدوليين يواصلون إخراج استثماراتهم من أسواق الدول الناشئة والنامية. وذكر المعهد الذي يوجد مقره في واشنطن ويحضر مسؤوله منتدى دافوس، أن حجم الأموال التي خرجت من الأسواق الناشئة خلال العام الماضي بلغت 735 مليار دولار، كما توقع ارتفاع حجم الاستثمارات التي ستهرب من الأسواق النامية هذا العام بحوالي 348 مليار دولار.
ومن المتوقع أن يركز المنتدى على أزمة تحرير سعر صرف اليوان وسط محاولات إصلاح الاقتصاد الصيني وتحريره التدريجي التي ترتطم بعقبات جمة، وتداعيات رفع الفائدة الأميركية على الاقتصاد الصيني والاقتصادات الناشئة.

ويرى خبراء على هامش المنتدى أن رفع الفائدة الأميركية كان خطأ كبيراً، في ظل ضعف النمو العالمي.
وفي هذا الصدد يقول آرت كاشن خبير الأسواق في "وول ستريت" الذي يدير منصة التداول لمصرف "يوبي إس" السويسري، إن خفض الفائدة الأميركية لم يكن قراراً سليماً، وإن جزءاً من أزمة اليوان الصيني تعود إلى قرار رفع الفائدة على الدولار.
ويشير في هذا الصدد إلى أن رفع الفائدة الأميركية أدى إلى رفع قيمة سعر صرف الدولار، وبما أن اليوان مرتبط بالدولار، فإن ذلك ساهم في رفع قيمة العملة الصينية مقابل العملات الأخرى، وهو ما أدى تلقائياً إلى قرار بنك الشعب الصيني "البنك المركزي" خفض قيمة اليوان.
وحسب خبير الأسواق في "وول ستريت" فإن خفض قيمة العملة الصينية أدى إلى مجموعة من الاضطرابات داخل السوق الصيني وفي الأسواق العالمية، حيث أدى داخل الصين إلى قيام الأثرياء بتنفيذ بيع صفقات ضخمة بسوق المال الصيني في محاولة لحماية ثرواتهم المقومة باليوان من الهبوط وتحويل جزء منها إلى الحسابات الدولارية.
وعلى الصعيد الخارجي عمدت الدول الآسيوية إلى التدخل في سوق الصرف لخفض قيمة عملاتها، حتى لا تفقد بضائعها تنافسيتها في السوق العالمي أمام الصادرات الصينية، وبالتالي حدثت في أسواق الصرف العالمية مخاوف من حدوث "حرب عملات" شبيهة بما حدث في أعقاب أزمة المال العالمية.
ويذكر أن خطوة رفع الفائدة الأميركية وجدت معارضة من كل من رئيسة صندوق النقد الدولي كريستين لاغارد ووزير الخزانة الأميركي الأسبق لاري سمرز الذي يحاضر حالياً في جامعة هارفارد، وكذا من بنك التسويات الدولية الذي يوجد مقره في مدينة بازل السويسرية.
ومن المتوقع أن تطرح أفكار في منتدى دافوس حول كيفية مساعدة الصين على التحرير الاقتصادي دون أن يقود ذلك إلى هزة في الاقتصاد العالمي، وحسب محللين دوليين فإن الاقتصاد العالمي أدمن ومنذ أزمة المال العالمية الاعتماد على الصين في تحريك نمو اقتصادات العالم وتحريك الطلب على السلع الأولية، ومن بينها النفط والمعادن الرئيسية.

اقرأ أيضا: صندوق النقد يحذر من أزمة سيولة عالمية

ومنذ اهتزاز الاقتصاد الصيني في العالم الجديد، تواصل أسواق العالم خسائرها بما في ذلك السوق الأميركي التي تعتبر أكثر أسواق العالم حيوية خلال السنوات الأخيرة.
والاقتصاد الصيني الذي يبلغ حجمه 10 ترليونات دولار يواجه صعوبات جمة في النمو بمعدل يفوق 6.0% خلال العام الجاري حسب توقعات بيوت الخبرة العالمية. ومن بين الأفكار التي ربما تطرح في المنتدى لحل أزمة اليوان الصيني، فكرة خفض الصين لليوان بنسبة كبيرة تصل إلى 50% من قيمته، وهي فكرة يروج لها بعض المصرفيين في أميركا.
ويرى العديد من المصرفيين أن الصين تواجه حالياً مشكلة تآكل الاحتياطي الأجنبي، إذا استمرت في خفض ورفع قيمة اليوان أمام الدولار الأميركي. وأن تدخل المركزي الصيني المستمر في سوق الصرف سيقود إلى اضطراب أكبر في سوق المال الصيني.

وحسب هؤلاء فإن خفضاً لليوان بنسبة كبيرة ربما تخدم استقرار السوق المالي الصيني، وتوقف المضاربات في "بنوك أوفشور" على العملة الصينية.
ويقول خبراء بمصرف" يوبي إس" السويسرى إن خفضاً كبيراً في قيمة اليوان سيوقف نزيف الاحتياطي الأجنبي من جهة، لأنه سيوقف تلقائياً المضاربات على العملة الصينية، كما سيوقف في ذات الوقت تحويلات أثرياء الصين أموالهم من الحسابات الداخلية في الصين إلى الحسابات الدولارية. وذلك لأنهم ببساطة سيخسرون جزءاً كبيراً من ثرواتهم.
ويذكر أن الاحتياطي الأجنبي الصيني، انخفض بحوالي 513 مليار دولار خلال العام الماضي، كما أن التحويلات من الصين إلى الحسابات الدولارية بلغت بين يناير ونوفمبر من العام 2015 حوالي 843 مليار دولار.
كما يلاحظ أن "المركزي الصيني" أنفق حوالي 100 مليار دولار للدفاع عن سعر صرف اليوان خلال 12 يوماً في الشهر الجاري.
لكن في مقابل هذه الأفكار، يرى خبراء أن مثل هذا الخفض في قيمة اليوان الصيني، ربما يطلق موجة من تخفيضات العملات في أسواق المال الناشئة ويقود تلقائياً إلى "حرب عملات" دولية. هذا على الصعيد الخارجي، أما على الصعيد الداخلي، فإن خفضاً كبيراً في سعر صرف العملة الصينية ستؤدى إلى ارتفاع خدمة الديون الدولارية بالنسبة للشركات الصينية وربما تقود تلقائياً إلى موجة إفلاسات. ويذكر أن حجم الديون الدولارية في الصين تقدر بحوالي 1.5 ترليون دولار.

أسعار النفط

يعد حل أزمة النمو الصيني، أحد الحلول، لمشكلة انهيار أسعار النفط، لأن الصين تعد أكبر مستهلك للنفط إلى جانب الولايات المتحدة. وبالتالي، فإن تحريك النمو الاقتصادي الصيني سيترجم عملياً في ارتفاع الطلب العالمي على النفط.
ورغم أنه لا تبدو في الأفق حتى الآن أية بوادر لاتفاق بين المنتجين داخل "أوبك" وخارجها على خفض المعروض النفطي والسماح لأسعار النفط بالتحسن، تثار في أميركا حالياً مشكلة تداعيات انهيار أسعار النفط على النظام المصرفي وأسواق المال.
وفي هذا الصدد، حذر المصرفي، آرت كاشن من تداعيات إفلاسات شركات النفط الصخري المتوقعة على المصارف الأميركية التي غرقت في إقراض القطاع النفطي خلال سنوات عنفوان صناعة النفط الصخري.
ويذكر أن العديد من المصارف العالمية خفضت توقعاتها لأسعار النفط خلال العام الجاري. وبعضها لم يستبعد أن تنخفض أسعار النفط إلى أقل من 20 دولاراً. ولكن مصرف سيتي جروب بدا متفائلاً أمس.
وأظهرت مذكرة من سيتي جروب أن البنك خفض توقعاته لسعر خام القياس العالمي مزيج برنت في 2016 إلى 40 دولاراً للبرميل.
وقال البنك في مذكرته للعملاء نقلتها رويترز "نظراً للمخاوف الجديدة المتعلقة بالاقتصاد الكلي الصيني وفي ظل عدم تأثر أحجام الإنتاج من خارج أوبك حتى الآن يخفض سيتي توقعاته لسعر برنت في 2016 إلى 40 دولارا للبرميل".

اقرأ أيضا: مصاف أميركية يعرض عليها النفط بـ1.5 دولار للبرميل