وأنا مالي وأسعار النفط؟

وأنا مالي وأسعار النفط؟

20 يناير 2016
المواطن المصري لا يستفيد من تهاوي أسعار النفط (Getty)
+ الخط -
وأنا مالي وأسعار النفط والكلام الكبير عن خام برنت؟

هكذا يبدو لسان حال المواطنين العرب الذين باتوا يتفرجون على مسرحية كبيرة عنوانها "تهاوي أسعار النفط في الأسواق الدولية"، وفي المقابل تسرد فصولها وقائع حول ارتفاع أسعار المشتقات البترولية في كل الأسواق العربية بلا استثناء، ومعاناة المواطن اليومية في الحصول على البنزين والسولار، والوقوف في طوابير طويلة لانتزاع ليترات منها.

في السودان مثلاً يجلس مواطن واضعاً قدماً على أخرى، ويقول وهو يسحب نفساً عميقاً من سيجارة بين أصبعيه: مالنا وأسعار النفط؟ لماذا نشغل بالنا بقضية لا ناقة لنا فيها ولا جمل، ولا تعنينا من قريب أو بعيد، رغم أنها في الأصل تمس كل بيت في البلاد.

ويكمل: حتى لو انهارت أسعار النفط، كما تردد بعض وسائل الإعلام، إذ باع بعض منتجي النفط البرميل بسعر 13 دولارا أمس، فإن أسعار البنزين والسولار والغاز لدينا ثابتة، بل وترفعها الحكومة من وقت لآخر، غير عابئة بالوضع المعيشي الصعب الذي يعيشه معظم السودانيين، والارتفاعات القياسية في أسعار السلع والخدمات، وضعف القدرة الشرائية وثبات الدخول، بل وتآكلها بسبب معدلات التضخم العالية.

وفي مصر يخرج عليك مواطن مطحون يقود توك توك (مركبة صغيرة) ويقول لك بحسرة شديدة: هل الحكومة تعاندنا؟ أين الحنان والرفق بالمواطن الغلبان الذي يتحدثون عنه ليل نهار، وأين خفض الأسعار التي وعدونا بها أكثر من مرة، وأصلاً: أين الأموال التي تشتري السولار والبنزين في حال توافره؟

ويضيف: "في الوقت الذي تتهاوى فيه أسعار النفط وتفقد أكثر من 70% من قيمتها، يخرج علينا وزير التخطيط والمتابعة والإصلاح الإداري، أشرف العربي، قبل أيام بتصريحات استفزازية يقول فيها إن الحكومة ستواصل رفع أسعار الكهرباء والمشتقات البترولية من بنزين وسولار وغيره، وأنها مستمرة في تنفيذ خطة تحرير أسعار الوقود، أي تركها للعرض والطلب، خلال خمس سنوات، رغم تدني أسعار البترول عالميًا لأقل من 30 دولاراً".

يطلق الوزير هذه التصريحات المستفزة رغم الوفر المالي الضخم الذي تحقق في موازنة الدولة المصرية بسبب التراجع الحاد في أسعار النفط والأغذية والعديد من السلع الرئيسية، بل وبلغ الوفر في بند واحد فقط، هو بند استيراد الوقود، 70 مليار جنيه (نحو 9 مليارات دولار) خلال العامين الأخيرين 2014-2015.

ويتساءل المواطن: "ألا يعد ذلك استفزازا لملايين المصريين الذين يعانون من لهيب الأسعار المستمر؟".

ويتكرر الموقف داخل دول عربية كثيرة، منها اليمن وتونس والأردن والعراق والمغرب وليبيا وسورية وغيرها من الدول المستوردة للمشتقات البترولية، ففي العراق تتم زيادة أسعار الوقود، في الوقت الذي تفشل فيه الحكومة في وقف نزيف الفساد، أو إعادة عشرات المليارات من الدولارات، التي نهبها رئيس الوزراء السابق، نوري المالكي وعصابته ورموز نظامه.

بل إن دولة مثل الجزائر، تمتلك نحو 150 مليار دولار احتياطيات من النقد الأجنبي، رفعت هي الأخرى أسعار بعض أنواع الوقود المدعومة وجمدت تنفيذ مشروعات بنية تحتية وخفضت الإنفاق العام، رغم أنها واحدة من أكبر الدول العربية إنتاجا للنفط.

حتى دول الخليج الست الثرية، لم يسلم مواطنوها من زيادات في أسعار البنزين والسولار. حدث ذلك في السعودية وقطر والبحرين وسلطنة عمان والإمارات والكويت، بل إن الرئيس التنفيذي لمؤسسة البترول الكويتية الحكومية، نزار العدساني، قال أمس، إن الكويت قد تعلن عن تخفيضات جديدة في دعم البنزين والكيروسين بحلول نهاية شهر مارس/آذار القادم.

يحدث ذلك في الوقت الذي ينعم فيه المواطن في الدول الغربية بالخصومات الضخمة في أسعار الوقود، ويستفيد من فقدان أسعار النفط 70% من قيمتها، ويحقق هذا المواطن وفراً في الإنفاق وميزانيته الشهرية، وفي النهاية تصبح الاقتصادات الغربية المستوردة للنفط، هي المستفيد الأول من تهاوي الأسعار.

اقرأ أيضا: أين مليارات وفر الطاقة؟

المساهمون