كلفة إدارة المليشيا لليمن

كلفة إدارة المليشيا لليمن

02 اغسطس 2015
سيطرة الحوثيين على اليمن دمّرت اقتصاد البلاد (أرشيف/ Getty)
+ الخط -

هل تريدون أن تعرفوا ماذا يعني أن تدير مليشيا دولة، وما هي التكلفة؟

هو سؤال غير منطقي بالأساس.. إذ كيف يمكن أصلاً لمليشيا أن تدير دولة؟! لكنه، أي السؤال، أصبح متاحاً ومبرراً وواقعاً معيشاً، وما عليكم سوى متابعة ما يحدث في اليمن والتأمل في كيفية إدارة المليشيا للدولة.

في يوليو/تموز 2014 استغلت جماعة أنصار الله "الحوثيين"، وهي جماعة مسلحة تتخذ من محافظة صعدة، شمالاً، معقلاً لها، قراراً حكومياً برفع الدعم عن المشتقات النفطية، بعد ضغوط قاسية من قبل المانحين الدوليين، وقامت بتنظيم الاحتجاجات الشعبية التي بدأت بمسيرات سلمية، وتحولت لاحقاً إلى اقتحام المحافظات بالسلاح، وإسقاط مؤسسات الدولة، والتي توجت في نهاية المطاف باقتحام العاصمة صنعاء في سبتمبر/ أيلول 2014.

ولأن هدف المليشيا الحقيقي لم يكن إسقاط "الجرعة"، وهي الزيادة في أسعار الوقود، وإنما إسقاط الدولة بأكملها، فقد قامت لاحقاً بفرض الإقامة الجبرية على رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة، والتحكم بمؤسسات الدولة المختلفة، وتوجتها بالإعلان الدستوري في فبراير/ شباط الماضي، باعتبارها الحاكم الفعلي للبلاد بقوة الأمر الواقع والانقلاب على السلطة الشرعية، والتي بسبب ممارسات المليشيا، اضطرت إلى مغادرة العاصمة إلى عدن ومن ثم إلى الرياض للإقامة المؤقتة.

هذه السيطرة من قبل المليشيا على الدولة بقوة السلاح كلفت البلد، الفقير أصلاً، خسائر كبيرة لا يمكن للدول الغنية أن تتحملها، حيث عملت هذه الجماعة على طرد الشركات الأجنبية العاملة في البلاد، وإيقاف عمليات إنتاج النفط والغاز، والتي تشكل حصة صادراتها نحو 70% من موارد الموازنة العامة للدولة و63% من إجمالي صادرات البلاد و30% من الناتج المحلي الإجمالي، وهو ما يعني خسارة البلاد مليارات الدولارات.

لم تقف هذه المليشيا عند هذا الحد، فقامت بنهب البنك المركزي ووضع محافظه تحت الإقامة الجبرية واقتطاع مبلغ من رواتب الموظفين لتمويل حربها جنوباً، وتاجرت بالمناصب الحكومية ورتب الجيش، ونشرت الفساد وتجارة السوق السوداء في كل مرافق الحياة في البلاد، ولأنها مليشيا لا تجيد سوى القتل، نست أنها صعدت إلى السلطة من بوابة أسعار المحروقات والدفاع عن الشعب ضد رفعها؛ فقامت الأسبوع الماضي بالإعلان عن تحرير أسعار الوقود وربطها بالبورصة العالمية، مبررة الأمر بما يعيشه البلد من حصار، متناسية أنها سبب كل ما يحدث فيها، وبأنها المسؤول الأول عن كل الخسائر التي تكبدها اقتصاد البلاد وشعبه منذ أغسطس/آب 2014 وحتى الآن.

لقد خسر اليمن الكثير خلال الأشهر الماضية من سيطرة هذه المليشيا على الدولة، وفي حال أنها استمرت فترة أطول، فإن البلد يتجه بسرعة جنونية نحو الهلاك الاقتصادي والاجتماعي والمؤسسي وكل المجالات، إذ إن استمرار هذه المليشيا في إدارة شؤون البلد بهذه العقلية القروية والمتخلفة يعني خسارة اليمن كل ما أكتسبه خلال الفترة الماضية وتلاشي حلم الدولة المدنية التي خرج ينشدها الشعب في فبراير/ شباط 2011.


اقرأ أيضاً: الحوثيون يضعون محافظ البنك المركزي تحت الإقامة الجبرية

المساهمون