نقص السيولة يدفع حكومة مصر لزيادة عائد شهادات الاستثمار

نقص السيولة يدفع حكومة مصر لزيادة عائد شهادات الاستثمار

01 يونيو 2015
البنك المركزي المصري (أرشيف/Getty)
+ الخط -


قررت الحكومة المصرية رفع أسعار الفائدة على شهادات الاستثمار، أكبر وعاء ادخاري في البلاد، بشكل مفاجئ وغير متوقع، في مسعى لجذب مزيد من السيولة التي تمكنها من سداد الالتزامات المستحقة عليها.

ودفعت هذه الخطوة المصارف المصرية لرفع أسعار الفائدة على الأوعية الادخارية لديها بهدف الحفاظ على مودعيها وعدم هروبهم إلى الأوعية الصادرة لمصلحة الحكومة.

وقرر بنك الاستثمار القومي التابع للدولة في بداية هذا الأسبوع، رفع سعر الفائدة على شهادات

الاستثمار فئتي "أ" و"ب"، التي يصدرها البنك الأهلي المصري نيابة عن الحكومة بواقع نصف في المائة.
 
وقالت مصادر مصرفية إن قرار رفع أسعار الفائدة على شهادات الاستثمار، جاء لتوفير سيولة للحكومة تمكنها من تمويل المشروعات الاستثمارية الواردة في خطة العام المالي 2014-2015، خاصة أن مشروع توسعة قناة السويس جمع 62 مليار جنيه (8.1 مليارات دولار) من أموال المصريين، وهو ما أثر على السيولة المتاحة للحكومة والمصارف معا.

وتخوفت المصادر، في تصريحات إلى "العربي الجديد"، من أن تؤدي خطوة زيادة أسعار الفائدة على أكبر وعاء ادخاري في البلاد إلى زيادة الدين العام الحكومي الذي تجاوز ترليوني جنيه (265 مليار دولار).

وقالت مصادر مصرفية إن قرار رفع أسعار الفائدة على شهادات الاستثمار، جاء لتوفير سيولة للحكومة تمكنها من تمويل المشروعات الاستثمارية الواردة في خطة العام المالي 2014-2015، خاصة أن مشروع توسعة قناة السويس جمع 62 مليار جنيه من أموال المصريين وهو ما أثر في السيولة المتاحة للحكومة والبنوك معا، وكذا التأثير أيضا على شهادات الاستثمار التي يصدرها أكبر بنكين في مصر، وهما الأهلي المصري ومصر.

وتعد شهادات الاستثمار أكبر وعاء ادخاري في البلاد، ويتم توجيه حصيلتها لتغطية جزء من عجز الموازنة البالغ 218 مليار جنيه في الأشهر التسعة الأولى من العام المالي الحالي 2014-2015، وكذا تمويل جزء من مرتبات العاملين في الدولة والبالغة نحو 17 مليار جنيه شهرياً. وتقدر مصادر مصرفية حصيلة شهادات الاستثمار التي تصدر لمصلحة الحكومة والخزانة العامة بأكثر من 130 مليار جنيه سنويا.

وفي الوقت الذي أكد فيه بعضهم أن زيادة عائد شهادات الاستثمار جاء لمعالجة أزمة سيولة لدى الحكومة، قال مصرفيون لـ"العربي الجديد" إن القرار جاء أيضاً بهدف مكافحة التضخم عبر سحب السيولة من السوق، وبالتالي كبح جماح الأسعار التي شهدت قفزات في الفترة الأخيرة نتيجة رفع أسعار الوقود والكهرباء.

وتعد هذه المرة الأولى التي يتم فيها تعديل أسعار الفائدة لهذه الشهادات منذ ديسمبر/كانون الأول 2013، لتصبح أسعار الفائدة على شهادة الاستثمار فئة "أ" 9.75% بدلاً من 9.25%، ويصرف العائد تراكمياً في نهاية مدة الشهادة. وارتفع عائد شهادة الاستثمار فئة

"ب" إلى 10.25% بدلا من 9.75%، ويصرف العائد كل ستة أشهر.

اقرأ أيضاً: مستثمرو مصر يحمّلون الحكومة مسؤولية تراجع الصادرات غير البترولية

وقال رئيس بنك مصر إيران للتنمية والمحافظ الأسبق للبنك المركزي المصري، إسماعيل حسن، إن رفع أسعار الفائدة على شهادات الاستثمار الصادرة لمصلحة الحكومة يتناسب مع المدة المخصصة لها، والتي تصل إلى 7 سنوات تقريباً، مؤكدا أنها ليست بالزيادة الكبيرة.

وأضاف حسن في تصريحات خاصة لـ"العربي الجديد" أن الهدف من القرار هو أن تتماشى أسعار فائدة هذه الشهادات مع أسعار الفائدة السائدة على الودائع والشهادات لذات الآجال أو لآجال مختلفة داخل القطاع المصرفي.

ويلفت حسن إلى أن المصارف المصرية الأخرى تصدر شهادات استثمار تتراوح آجالها بين ثلاث إلى خمس سنوات، وبفائدة تصل إلى 12%، ما حتم على الحكومة المصرية رفع فائدة هذه الشهادات التي تصل آجالها إلى عشر سنوات وتصدر من بنوك حكومية حتى لا يفر المودعون والمستثمرون.

وتعد شهادات الاستثمار، التي يقوم بتسويقها المصرف الأهلي المصري، لمصلحة بنك الاستثمار القومي المملوك للدولة أكبر وعاء ادخاري في البلاد، ويتم استخدام حصيلة الشهادات لتمويل عجز الموازنة.

ويصدر المصرف الأهلي المصري شهادات الاستثمار لمصلحة الحكومة المصرية، وتصـدر شهادات الاستثمار في ثلاث مجموعات مختلفة تناسب احتياجات كافة المدخرين، وعوائدها وجوائزها معفاة من جميع أنواع الضرائب ورسوم الدمغة، حيث تباع الشهادات من دون حد أقصى.

ويبلغ إجمالي حجم شهادات الاستثمار للمجموعتين "أ" و "ب" نحو 108 مليارات جنيه تبلغ أعباؤها السنوية على الخزانة العامة ما لا يقل عن 110 ملايين جنيه سنوياً تدفعها الخزانة للمكتتبين فيها.

بدوره قال مدير إدارة قطاع الاستثمارات في المصرف الأهلي المصري، أشرف فاروق، إن رفع أسعار الفائدة على شهادات الاستثمار التي يصدرها لمصلحة الدولة حتى يتمكن من جذب السيولة الفائضة من السوق، ويحد من التضخم المرتفع بالسوق، مؤكدا أن هذه الخطوة لن تقضي بالتأكيد على التضخم بشكل كلي، لأن النمو الاقتصادي هو الذي سيخفض مستويات التضخم المرتفعة الآن.

وأضاف فاروق لـ"العربي الجديد" أن الهدف أيضا هو تشجيع الاستثمار والادخار في البنوك، لافتا إلى أن هذه النسبة سترفع تكلفة الاقتراض وبخاصة الحكومي بشكل طفيف.

وكان بعض المحللين قد تساءلوا عن سبب إقدام الحكومة المصرية على هذه الخطوة في الوقت

الذي يستقر فيه سعر صرف الدولار في السوق الرسمية "المصارف" والسوق الموازية أو السوداء "شركات الصرافة" في مصر، حيث تأتي مثل هذه القرارات الحكومية في الغالب لجذب الدولار إلى المصارف حتى تتمكن من توفيره، وتسيطر علي سعر صرف العملة المحلية أو بهدف توفير سيولة في المصارف التي ربما تعاني من نقصها.

لكن الدكتور عبد الرحمن بركة الخبير المصرفي ورئيس مصرف مصر رومانيا سابقا، أكد أن القرار يتفق مع محاولات السياسة النقدية جذب أموال المودعين وتشجيع الادخار في البنوك، خاصة هؤلاء الذين يمكنهم ادخارها لفترات طويلة تصل إلى خمس سنوات وأكثر.

وأضاف في تصريحات إلى "العربي الجديد" أن الهدف هو توفير سيولة في البنوك لتنفيذ مشروعات طويلة الأجل تعود على الاقتصاد القومي بالفائدة، وفي الوقت نفسه، إعادة استثمارها لفترات طويلة من دون سحبها من المودعين.

يشار إلى أن الحكومة المصرية تقترض شهرياً عن طريق أذون وسندات الخزانة من المصارف المحلية، وعن طريق بنك الاستثمار القومي ما يصل إلى 20 مليار جنيه، وذلك لتمويل عجز الموازنة وتقوم بسداد الالتزامات الحكومية من رواتب موظفي الدولة وغيرها، وتجاوز عجز موازنة مصر 218 مليار جنيه، وفق آخر بيانات وزارة المالية المصرية.


اقرأ أيضاً: مصر: قرار رفع سعر الفائدة يطرد المستثمرين

دلالات