النظام السوري ينتظر نصيبه من اتفاق الغرب وإيران

النظام السوري ينتظر نصيبه من اتفاق الغرب وإيران

03 ابريل 2015
اعتمد نظام الأسد على السلع الإيرانية بشكل شبه كامل(الأناضول)
+ الخط -
يترقب نظام الرئيس السوري بشار الأسد، الاتفاق النووي المزمع إبرامه بين إيران والدول الست الكبرى، متأملاً حظوظه في دعم أكبر وربما أطول عمراً، في ظل استمرار الثورة التي أتمت عامها الرابع، وسط تقدم ملحوظ لقوى المعارضة التي حررت، قبل أيام، محافظة إدلب من قبضة الأسد.
وتشير تقديرات الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية، إلى أن الدعم الإيراني لنظام الأسد بلغ منذ اندلاع الثورة في مارس/آذار 2011، وحتى مطلع 2015، حدود 80 مليار دولار، في صورة دعم اقتصادي وعسكري، رغم العقوبات المفروضة على طهران، والتي تحرمها من صادرات نفطية يومية تتجاوز 1.5 مليون برميل، فضلاً عن تجميد أرصدة لها في الولايات المتحدة وأوروبا تصل إلى 80 مليار دولار.
وتباينت آراء محللين سوريين حول مدى استفادة نظام بشار الأسد من الاتفاق النووي الإيراني، واستمرار أو زيادة المساعدات المالية والعسكرية، فيما لو ألغيت عنها العقوبات النفطية والمصرفية والمالية التي يضعها المفاوض الإيراني كشرط أولي قبل توقيع الاتفاق النهائي.
ويعتبر الخبير الاقتصادي، عماد الدين المصبح، خلال حديثه لـ"العربي الجديد"، أن دعم طهران للأسد سيستمر وبصورة أكثر وضوحاً، وربما ينتقل من الدعم عن بُعد وعبر خط الائتمان الذي فتحته إيران بقيمة 4.5 مليارات دولار العام الماضي، إلى أضعاف هذا الرقم، أو عبر المساعدات بالمال والسلاح، وعلى الصعد كافة، إلى شكل يشبه الوصاية، "لأني أعتقد أن سورية وبقاء حكم الأسد ضمن شروط الاتفاق غير المعلنة، ولن تتنازل إيران عنها، خاصة بعد الصفعة التي تلقتها في اليمن".
وهو ما لم يؤيده خبير الاقتصاد السوري، حسين جميل، في مقابلة مع "العربي الجديد"، لسببين: الأول أن طهران ستحاول عكس الاتفاق وزيادة صادراتها على اقتصادها المنهك وتردي المستوي المعيشي للإيرانيين، ومحاولة تعويض الخسائر التي منيت بها جراء العقوبات الاقتصادية التي خفضت تصدير النفط بواقع مليون برميل يومياً، ما يعني تفويت أكثر من 5 مليارات دولار على الخزينة الإيرانية شهرياً، والأمر الآخر أن مجموعة "5+1" لن تترك الحرية لإيران لدعم الأسد، وفق تعبيره.


على حسب الاتفاق

ربط عدد من المحللين الاقتصاديين الذين استطلعت "العربي الجديد" آراءهم، دعم إيران للنظام السوري بما سيتمخض عن الاتفاق النووي.
واعتبر نائب رئيس الحكومة السورية المعارضة، نادر عثمان، أن السؤال محيّر ومفتوح على أكثر من احتمال، وجميع السيناريوهات مرتبطة بنص الاتفاق وما ستؤول إليه الحالة اليمنية التي اعتبرها عثمان مفصلية. ويرى أنه لولا "عاصفة الحزم" لبالغت إيران في دعمها للأسد، وخاصة إن أزيلت العقوبات الاقتصادية عنها.
ويقول عضو الهيئة السياسية بالائتلاف المعارض خطيب بدلة: "من الصعب البت في مدى زيادة أو تقليص دعم إيران لنظام الأسد بعد الاتفاق النووي، لأن ذلك مرتبط، ليس بنص الاتفاق الذي أتوقع أنه سيتضمن التدخل الإيراني في سورية والعراق، كما سيلحظ تطورات الوضع في اليمن، وجل ما نخشاه كسوريين، أن تتم مقايضة خسارة إيران في اليمن بمزيد من تعزيز وجودها وسيطرتها في سورية والعراق".
وأضاف بدلة: "ليس سراً أن إيران التي تقاتل عبر مليشياتها وحرسها الثوري في سورية، تمد نظام الأسد بالمال والمشتقات النفطية والسلاح، ولكن تطورات الواقع الإقليمي قد تفرض شروطها على طهران، حتى وإن استمر التجاهل الدولي لجرائمها".
وفي الوقت الذي تؤكد خلاله طهران استمرار وقوفها إلى جانب الأسد، كما يقول محمد رضا رحيمي، نائب الرئيس الإيراني "إن دعم طهران لسورية لا يقبل التغيير"، يرى المحلل الاقتصادي السوري، عمر كوش، أن هذا الكلام لا يتعدى حدود "الدبلوماسية والاستهلاك الإعلامي". وأضاف كوش، خلال حديثه لـ"العربي الجديد" أن الدعم الإيراني للنظام السوري سيبقى على ما هو عليه، إن لم يتقلص، نظرا للتحديات الإيرانية الداخلية.

التقيد بطهران

وأشار الاقتصادي عماد الدين المصبح، إلى تكبيل الاقتصاد السوري باتفاقات وقعتها حكومة الأسد مع الجانب
الإيراني، ورهنت حسب وصفه مقدرات سورية، وخاصة النفط والغاز والكهرباء، لصالح طهران، كي تسترجع من خلالها أموال الدعم التي تغدقها لبقاء الليرة السورية التي تهاوى سعرها لما دون 260 ليرة للدولار، وتُبقي نظام الأسد، عبر السلاح والغذاء والمازوت، على قيد السلطة.
وهو ما اعتبره المحلل حسين جميل "أمراً نسبياً"، لأن الاتفاقات التي وقعها الأسد مع طهران قابلة للتعديل، إن لم نقل باطلة، فيما لو تمت تسوية سياسية أو تمت الإطاحة ببشار الأسد. وقد لا يتم الاعتراف من الشعب السوري إلا بما يقدم له، وهو مبلغ لم يزد عن مليار و900 مليون دولار، وفق خط الائتمان، وباقي الدعم المقدم للأسد عبر السلاح الذي يقتل به السوريين، لاغ وغير معترف به، وفق جميل.

تحت سقف العقوبات

سعت دول الاتحاد الأوروبي، ومن قبلها الولايات المتحدة، إلى تعزيز العقوبات على إيران، بهدف إضعاف البنية الاقتصادية وعزل الاقتصاد الإيراني عن الاقتصاد الدولي، والحيلولة دون تمكنها من تقديم الخدمات الأساسية للمواطنين. وهذا، وفق بعض القراءات، من شأنه أن يعمِّق الفجوة بين النظام وبين الشعب، وكذا تقويض طهران عسكرياً.
وتعترف إيران بأن العقوبات الدولية على قطاع الطاقة والقطاع المصرفي، أضرت بالاقتصاد، وأسهمت بشكل كبير في دفع طهران إلى القبول بفرض قيود على برنامجها النووي مقابل تخفيف العقوبات المفروضة، وهو ما تضمَّنه اتفاق جنيف النووي المؤقت الذي جرى التمديد له مرتين. واستهدفت العقوبات بصورة قوية صادرات النفط الخام الإيراني، وقد انخفضت إلى حوالى 1.1 مليون برميل يوميًّا في نهاية عام 2013، أقل جدًّا من 2.5 مليون برميل يوميًّا صدَّرتها إيران خلال عام 2011، وقاد ذلك إلى انكماش الاقتصاد الإيراني. ورغم ذلك، تتمسك طهران بدعم النظام السوري، لأنها تتطلع إلى بسط سيطرتها الإمبراطورية بحسب ما يقول المحلل الاقتصادي نبيه السيد علي.
وأضاف السيد علي، لـ"العربي الجديد": نخشى أن تدخل سورية ضمن الصفقة الأميركية الإيرانية، وتترك سيطرة الإيرانيين على الشام والرافدين مقابل انسحابهم من اليمن، ما يعني استمرار الدعم الإيراني لنظام الأسد، بل وزيادته بعد الاتفاق النووي.

المساهمون