"بازوكا اليورو" تثير الفزع من انهيار سوق العملة الدنماركية

"بازوكا اليورو" تثير الفزع من انهيار سوق العملة الدنماركية

03 فبراير 2015
أسواق دنماركية (أرشيف/فرانس برس)
+ الخط -

بالكاد استطاع خبراء الاقتصاد والمصرف الوطني المركزي في الدنمارك، أن يقنعوا مواطنيهم بأن بلادهم قد تخطّت الأزمة الاقتصادية العالمية، حتى عاد شبح الانهيار يثير الفزع بين هؤلاء.
فمنذ مطلع العالم الجاري يرزح الكرون الدنماركي (العملة الرسمية للبلاد) تحت ضغط المضاربين وانخفاض اليورو مقابل الدولار الأميركي.

وخلال الأيام الماضية قام المصرف الوطني بضخّ 100 مليار كرون (15.3 مليون
دولار) في الأسواق للمحافظة على قيمته في حدود سياسة الربط باليورو، ويوم الجمعة الماضية، توقف بيع السندات، ما أدى إلى توقف انتقال رؤوس الأموال إلى البلاد.

وتقول السلطات النقدية رسمياً، إن الأوضاع تحت السيطرة، لكن المصرف الوطني، لم يعد يستبعد تغيير سياسة القيمة الثابتة للعملة الوطنية التي انتهجها في السنوات الماضية، فمنذ عام 1982 كان الكرون الدنماركي مربوطا بالمارك الألماني الغربي، إلا أنه جرى عام 1999 ربطه باليورو.

وأظهرت الأرقام خلال السنوات الخمس الماضية، فائضا إيجابيا في الميزان التجاري، مما ساعد الدنمارك على الحفاظ على ثبات قيمة عملتها، لكن ومنذ 15 يناير/كانون الثاني الماضي، بدأت الأمور بالتغيير، فبعد مضاربات عدة تعرض لها الفرنك السويسري، ترك المصرف المركزي السويسري بشكل فجائي السقف خارج السيطرة أمام اليورو، وأثر ذلك على عملات أخرى مرتبطة باليورو، ومنها الكرون الدنماركي، فقد بات المضاربون يركزون عليها.

وتتمثل القضية الأخرى، التي أثرت على العملة الدنماركية، بقرار المصرف المركزي الأوروبي، الذي أطلق ما سمي بسياسة "البازوكا" النقدية في يناير/كانون الثاني الماضي، والتي ضخّ من خلالها ما يصل إلى 60 مليار يورو (52.6 مليار دولار) من دون سقف زمني.

وجاء التأثير المباشر فوريا عندما انخفضت قيمة اليورو أمام الدولار، وهنا بدأت جديا مشاكل العملات الصغيرة كالكرون، فعندما تهبط قيمة اليورو تهبط معها قيمة تلك العملات، وهو ما حصل في الدنمارك.

وبحسب إحصاءات رسمية، فإن المصارف المركزية تلجأ إلى مواجهة تلك الانخفاضات بتخفيض تلقائي لقيمة الفائدة، لكن، في هذه الظروف، لم يكن الأمر متاحاً لها كما كان في السابق، إذ تعد الفائدة حاليا سلبية، ولذلك يرى خبراء اقتصاد أنه ليس أمام الدانمارك، وربما غيرها من الدول، التي ترتبط عملتها باليورو، سوى التدخل لرفع قيمة الكرون أمام سلات أجنبية أخرى، وهو أمر، برأيهم، سيجعل الضرر الأكبر يصيب قطاع التصدير والفائدة للمضاربين من خلال بيع المزيد من العملات الأجنبية في الأسواق، وشراء كبير لليورو بالمليارات.

هامشية العملة الدنماركية

ووفقاً للخبراء، فإن المشكلة التي يواجهها السوق المحلي في البلاد تتمثل في أن العملة الدنماركية تعتبر هامشية في الأسواق المالية العالمية، وبأن أية مضاربات ستؤدي إلى انهيارات كبيرة يشبّهها المراقبون بتسونامي اقتصادي يقوده مضاربون قادرون على جعل كل السدود تنهار.

وراحت الصحف المحلية، والمتخصصة في الأوضاع الاقتصادية، اليوم، تشكو الصمت السياسي عن الانهيارات المتوقعة، في حين أن المتخصصين الاقتصاديين في كبريات الجامعات الدنماركية غير قادرين على التصريح بمشاكل ربط العملة الوطنية باليورو.

ويعزو المراقبون الصمت إلى أن أية إشارة تحدٍّ لمصداقية المصرف المركزي يمكن أن تكون مدمرة، من خلال نشر حالة من الذعر والهيستيريا في سوق العملات المحلي.

وتكمن الصدمة الاقتصادية التي يتخوف منها الخبراء، في تدخل المصرف المركزي في
الدنمارك، لترك عملتهم تطفو بحرية في السوق بلا قيود، فالمصرف المركزي كان يتحكّم في سياسة سعر الصرف الثابت، من خلال إتاحة مجال بقيمة 2.25%.

وقف القروض

وبدأت، اليوم الثلاثاء، موجة من الذعر تجتاح المصارف الدنماركية، فقد تدحرجت كرة الفائدة السلبية بوقف القروض الجديدة من قبل أكبر المصارف العقارية "نيو كرديت" و"نورديا" اللذين أصدرا بيانا صحفيا أعلنا فيه إيقاف القروض إلى حين الاتفاق بين السلطات والمصارف لإيجاد حلول طويلة المدى تكون مفيدة للمستقرضين والمستثمرين.

وبحسب وكالة الأنباء الدانماركية الرسمية، فإن توتال كرديت ومصارف أخرى اتخذت ذات القرارات، وهو ما كان يحذر منه المراقبون الاقتصاديون خشية انهيار العملة الدنماركية وفقدان الثقة بها نتيجة ربطها باليورو.