صراع النفط..اتفاق بغداد وكردستان مهدّد بالفشل

صراع النفط..اتفاق بغداد وكردستان مهدّد بالفشل

25 فبراير 2015
الاتفاق النفطي بين بغداد وأربيل في مرمى الصراعات السياسية(الأناضول)
+ الخط -
تحولت العلاقات بين حكومتي بغداد وإقليم كردستان، من مرحلة اتهامات كردية لرئيس الوزراء السابق نوري المالكي، بالتآمر ضد الإقليم في فترة حكمه (2006/2014)، إلى مرحلة جديدة تتسم بانهيار الثقة التي حاول الجانبان بناءها في عهد رئيس الوزراء الحالي، حيدر عبادي، ما يهدّد بإفشال اتفاقهما النفطي الذي وقعاه في ديسمبر/كانون الأول الماضي.
وتصاعدت الخلافات بين الطرفين، رغم إعلان وزارة المالية العراقية منذ يومين، عن تحويل مبلغ 250 مليار دينار (نحو 230 مليون دولار أميركي) لحكومة الإقليم كرواتب عن شهر يناير/كانون الثاني الماضي.
وعقدت اجتماعات بداية الأسبوع الماضي بين الحكومتين لتفعيل الاتفاقية، إلا أن وفد كردستان عاد إلى أربيل من دون نتائج ملموسة أو إقناع بغداد بصرف حصة الإقليم كاملة من الميزانية والبالغة وفقاً لموازنة 2015 نحو مليار دولار أميركي شهرياً. وقام رئيس وزراء إقليم كردستان نيجيرفان بارزاني، بإيجاز نتائج اجتماعاتهم في بغداد بالقول إن "بغداد مفلسة. وقالت لا أموال لدينا لندفعها لكم".

اتهامات متبادلة

ونقل مصدر كردي شارك باجتماعات الجانبين، لـ"العربي الجديد"، أن وزير التعليم حسين الشهرستاني، قال للوفد الكردي "جئتم لتطلبوا المال منا، تريدون خُفاً من حافي القدمين".
أما رئيس الوزراء العراقي، فقال خلال لقائه بإعلاميين بداية الأسبوع الجاري، إن إقليم كردستان يريد حصته المالية وفق أرقام قانون الميزانية التي تعتمد أسعار افتراضية للنفط (المصدر الوحيد للميزانية في العراق)، وهذا غير مقبول، لأن الشراكة الحقيقية تعني أن نتشارك في العائدات والثروات، فكل المحافظات سواء، نحن نريد أن ندفع نسبة إقليم كردستان من الميزانية البالغة 17% قياساً على العائدات الحقيقية للنفط وليس
الأرقام التخمينية في الميزانية، مشيراً إلى وجود فارق في المبالغ بسبب فرق سعر بيع النفط عالمياً.
وأشار العبادي إلى أن حكومة إقليم كردستان "مقصرة" في تصدير كميات النفط المتفق عليها وهي 250 ألف برميل يومياً، قائلاً "إيراداتنا في الميزانية تعتمد على النفط. كيف يكون بإمكاننا أن ندفع حصة الإقليم قبل تسلم النفط".
وأضاف أن الالتزام بالاتفاقية أمر مفروغ منه بالنسبة لنا، إلا أن المتبقي من الموضوع هو كميات التصدير.
لكن النائب الكردي بالبرلمان العراقي، طارق كردي، قال في تصريحات سابقة، إن هناك أسباباً فنية تعيق أحياناً كثيرة الالتزام الحرفي في مسألة أرقام الصادرات النفطية.
وأضاف كردي أن "الاتفاقية الموقعة تنص على بدء الإقليم بتصدير النفط منذ الأول من يناير/كانون الثاني من العام الحالي، أي تسلم النفط في ميناء جيهان على البحر المتوسط في تركيا الكميات المتفق عليها منذ بداية العام، لكن عملياً عندما تضخ النفط في الأنبوب الذي يبلغ طوله مئات الكيلومترات فقد يصل إلى الميناء بعد فترة قد تصل لعشرين يوماً فكيف يكون الالتزام الحرفي بالكميات والتواريخ". وأوضح أنه طالما لم تلتزم بغداد بالاتفاقية فحصة الإقليم سنؤخرها.
ومن جانبها تؤكد حكومة كردستان على أنها ملتزمة بالاتفاقية وأن عدم وصول التصدير وتسليم النفط في تركيا بالكميات المتفق عليها أسبابه "فنية".

ضعف الثقة بين الطرفين

وقال المستشار الاقتصادي والخبير النفطي لحكومة كردستان، بيوار خنسي، لـ"العربي الجديد"، "حتى الحكومة العراقية لا تستطيع أن تلتزم بالتصدير وفق كميات ومواعيد افتراضية، فكم من مرة توقف التصدير والتحميل في البصرة بجنوب العراق بسبب الطقس، أيضاً توقف التصدير لدينا مراراً بسبب أعطال في الأنابيب، لديهم الفنيون ويعرفون ذلك".
وحسب المراقبين، تعكس توضيحات الجانبين مسألة ضعف الثقة بين الجانبين، فالاتهامات بالتقصير متبادلة، كذلك يقول كل طرف إن الآخر مدين له بأموال.

محاولات إفشال الاتفاق

ويتهم سياسيون أكراد ونواب في البرلمان منذ فترة أعضاء بكتلة دولة القانون في البرلمان العراقي والتي تتبع المالكي، بالعمل على إفشال اتفاقية أربيل/بغداد حول الميزانية والنفط.
واعترفت حكومة إقليم كردستان في اجتماع جمع وزراء
النفط والمالية ورئيس الوزراء ونائبه ببرلمانيين ووزراء كرد في الحكومة والبرلمان ببغداد يوم 22 فبراير/شباط الماضي، بوجود سوء تفاهم بشأن الاتفاقية مع الحكومة العراقية يجري العمل من أجل معالجته. وعزا بيان أصدرته حكومة الإقليم سبب سوء الفهم وبقاء المشاكل بين الجانبين إلى وجود أطراف لا تريد للعلاقات أن تتحسن.
وقال البيان "هناك جهات سياسية في العراق لا يروق لها حسن العلاقة بين حكومتي إقليم كردستان والحكومة الفدرالية في بغداد"، ويقصد بها نواباً من كتلة رئيس الوزراء السابق نوري المالكي.
وأكد البيان على أن الإقليم سيبقى ملتزماً بالاتفاقية الثنائية، مقابل أن تلتزم بغداد "بحقوق الإقليم وفق قانون الميزانية للعام 2015".
وفي محاولة لتخفيف التوتر بين الجانبين، وجه وزير المالية العراقي هوشيار زيباري، البنك المركزي العراقي بمنح حكومة إقليم كردستان مبلغ 250 مليار دينار عراقي (نحو 230 مليون دولار أميركي) لدفع رواتب موظفيه.
وحسب محللين، فإن من المؤكد أن خلاف بغداد مع الأكراد حول الميزانية والنفط لن يقطع شوطاً على طريق الحل بمجرد دفع بغداد جزءاً من الأموال المستحقة، لأن حكومة كردستان ملزمة بدفع مبلغ يقدر بــ 730 مليون دولار شهرياً كرواتب للموظفين والمتقاعدين، وعليه سيكون بحاجة إلى المزيد من الأموال.

اقرأ أيضا: كردستان تستغل "إفلاس" بغداد

وأشارت وزارة المالية العراقية إلى أن دفع هذا المبلغ سيضمن استمرار المحادثات بين الحكومتين.
وفي السياق نفسه، أكد مصدر كردي لـ "العربي الجديد"، أن إقليم كردستان قام بإطلاع الأمم المتحدة والولايات المتحدة الأميركية والدول التي لها تمثيل دبلوماسي في إقليم كردستان على موقف بغداد من دفع ميزانية الإقليم.
وأضاف المصدر، الذي طلب عدم ذكر اسمه، "إطلاع هذه الأطراف، وخاصة الأمم المتحدة وأميركا، أدى إلى التدخل على خط الخلاف بين الجانبي للمساعدة في إيجاد الحل".
وحسب مصادر يعد تدخل الأمم المتحدة وواشنطن بين بغداد وأربيل في وقت تفجر الخلافات ليس بالجديد، ومن المتوقع في حالة تدخلهما أن يسعيا للتهدئة فقط دون تقديم حلول جذرية، وهو ما سيبقي كل سيناريوهات الأزمة مفتوحة على كل الاحتمالات وقابلة للتفجر في أي وقت لأسباب عديدة.

اقرأ أيضا: على خطى كردستان: البصرة تمهّد للإقليم وتشكل هيئة للنفط

المساهمون