اليونان تبقى في "اليورو" بشروط موجعة

اليونان تبقى في "اليورو" بشروط موجعة

22 فبراير 2015
اليونان دفعت ثمناً باهظاً من أجل البقاء في اليورو(أرشيف/AFP)
+ الخط -


أخيراً، انتهى مارثون المفاوضات بين اليونان وأوروبا، بتمديد تمويل أثينا لأربعة أشهر لتتجنب خروجها من منطقة اليورو، لكن بشروط صارمة سيستكمل ملامحها النهائية خلال الأيام المقبلة.

وتم التوصل إلى الاتفاق مقابل تعهدات يونانية عديدة، في ختام اجتماع "شاق" كان الثالث

خلال أسبوع، لوزراء المال في الدول الـ19 الأعضاء في مجموعة اليورو، وسبقت هذه الاجتماعات مفاوضات ماراثونية خلال الفترة الماضية.

واستطاع الاجتماع الأخير لدول اليورو، أول أمس، إنهاء الخلاف بين الطرفين الأوروبي واليوناني، حيث صرح رئيس مجموعة اليورو، يورين ديسلبلوم، بعد الاجتماع بأن "أربعة أشهر هي المهلة المناسبة في مجال التمويل، ونظرا إلى التحديات التي يتعين مواجهتها".

خلافات حادة

وشهدت المفاوضات خلافات حادة حول عدد من النقاط، ولعل العقبة الأبرز كانت في رفض ألمانيا لطلب اليونان تمديد اتفاقها، وإصرارها على تنفيذ جميع التعهدات بخطة الإنقاذ السابقة.

وتقدمت الحكومة اليونانية بطلب رسمي لمنطقة اليورو، من أجل تمديد مدة برنامج الإنقاذ المالي الموجود، لفترة 6 شهور أخرى، إلا أن ألمانيا رفضته في بداية الأمر، وأكدت وزارة المالية الألمانية، في بيان صحافي صدر الخميس الماضي، أن خطاب أثينا لا ينطوي على مقترح يفضي إلى حل ملموس، وطالب بضرورة وفاء اليونان بتعهداتها، حسب اتفاق خطة الإنقاذ المالي، قبل بضع سنوات، إلا ان اليونان رفضت التمديد بنفس الشروط.

وتبنت هذا الموقف المتشدد دول أخرى مثل فنلندا ودول البلطيق، طالبت بضرورة التزام أثينا بالتعهدات السابقة.

وتشترط ألمانيا مواصلة اليونان تطهير ماليتها العامة، والمضي قدماً في الإصلاحات الهيكلية التي تم الاتفاق عليها، لقاء قروض بقيمة 240 مليار يورو منذ 2010.

ولم يخف وزير المالية الألماني المحافظ، فولفغانغ شويبله، استياءه المتزايد من الحكومة اليونانية اليسارية الراديكالية الجديدة، فقد صرح أول أمس، بأن "الدخول إلى الحكومة هو موعد مع الواقع، وفي معظم الأحيان الأمر ليس جميلاً كما هو في الحلم".

استكمال بعض النقاط

وسيكون على أثينا أن تتقدم قبل مساء اليوم، بلائحة بالإصلاحات التي يجب أن يوافق عليها الدائنون، الذين باتوا يعرفون باسم المؤسسات (الاتحاد الاوروبي والبنك المركزي الأوروبي وصندوق النقد الدولي)، إذ إن اليونانيين لم يعودوا يرغبون في سماع كلمة "ترويكا". وينتظر حسم ما تبقى من نقاط عالقة، خلال اجتماع هاتفي لمجموعة اليورو بعد غدٍ الثلاثاء.

وحسب فرانس برس، قال وزير المالية الفرنسي ميشال سابان، إن أثينا وافقت في نهاية المطاف، على البقاء تحت إشراف الجهات الدائنة، "لكن سيكون هناك عمل من طبيعة أخرى. سيكون هناك بالتأكيد عمل سياسي".

وقال ديسلبلوم إن لائحة الإجراءات ستتحدد بحلول نهاية أبريل/نيسان. وأضاف أن وحده "تقدماً" كهذا، سيسمح باستئناف دفع الأموال إلى البلاد، المجمد منذ سبتمبر/أيلول. لكن بانتظار

التوصل الى اتفاق يضمن تمويل البلاد.

ورغم التطورات الإيجابية للاتفاق بين الطرفين الأوروبي واليوناني، فإن تحديات أخرى ما زالت تواجهه، وقال وزير المال اليوناني يانيس فاروفاكيس، إنه إذا رفضت المقترحات اليونانية غداً، "فسنواجه مشكلة إذا لم تصدر الموافقة لكن هذا الأمر لن يحدث". واعترف قائلاً "لم نذهب بعيدا جداً، فستجري مفاوضات جدية في الأسابيع المقبلة حول وسائل سد ثغرة الميزانية للبلاد".

اقتصاد يعاني

ويعاني الاقتصاد اليوناني من مشاكل عديدة، وأظهرت تقديرات أولية لمعهد إحصاءات الاتحاد الأوروبي (يوروستات)، الأسبوع الماضي، أن الاقتصاد اليوناني سجل انكماشاً طفيفاً، في الربع الأخير من 2014 مقارنة مع الأشهر الثلاثة السابقة.

وأشارت هذه التقديرات، إلى أن الاقتصاد البالغ قيمته 182 مليار يورو، انكمش بنسبة 0.2% في الفترة من سبتمبر/أيلول إلى ديسمبر/كانون الأول الماضي، من 0.7% في الربع الثالث.

ورغم معاناة اقتصادها، تعهدت اليونان بعدم اتخاذ إجراءات أحادية الجانب، واحترام وعودها بتسديد الأموال لدائنيها. وقال الوزير اليوناني، إن الحكومة ستعفى في المقابل من فرض ضريبة جديدة على القيمة المضافة، أو اقتطاعات في رواتب التقاعد أو رفع المزيد من القيود عن سوق العمل.

وعبر فاروفاكيس عن ارتياحه لأنها "بداية مرحلة جديدة بدون مذكرة "، كانت تنص على إجراءات تقشف صارمة منذ 2010. وقال "وعدنا بكتابة مذكرتنا الخاصة بنا"، مؤكدا أن "اليونان تترك الإملاءات خلفها، واصبحت مشاركا في صياغة الإصلاحات وتحديد مصيرها".

وقال ميشال سابان إن "اليونان والمؤسسات الاوروبية، كانت بحاجة إلى الاستقرار والهدوء والرؤية"، مشيراً إلى "مرحلة أولى غداً، ومرحلة ثانية في نهاية ابريل/نيسان ومرحلة ثالثة في نهاية يونيو/حزيران".

وأكد ديسلبلوم أن الامر يتعلق قبل كل شيء "ببناء الثقة"، معترفا بأن الأمر احتاج إلى "مفاوضات مكثفة".

وستقدم أثينا غداً لائحة إصلاحات يتعين أن يوافق عليها دائنوها. وسيحدد الدائنون ما إذا كانت تلك الإصلاحات "كافية" للإفراج عن القسط الأخير، من خطة المساعدة المالية المعلقة منذ أشهر. وسيتم لاحقاً التدقيق في لائحة الإصلاحات، قبل اعتمادها بحلول نهاية ابريل/نيسان.

ومن شان هذا المسار أن يتيح الإفراج عن باقي تمويل البرنامج، أي 1,8 مليار يورو من صندوق دعم منطقة اليورو و1,8 مليار يورو، تتاتى من فوائد البنك المركزي الأوروبي على

السندات اليونانية.

في المقابل لن يكون بإمكان أثينا ان تستفيد من صندوق إعادة رسملة المصارف اليونانية.
وكان رئيس الوزراء اليوناني الجديد ألكسيس تسيبراس، يريد التوصل إلى اتفاق يؤكد من خلاله، وعوده التي قدمها في حملته الانتخابية، وأهمها نهاية حقبة سياسة التقشّف ومحاربة الفساد وتقديم المساعدات للفقراء، وإعفاؤهم من دفع فواتير الطاقة الكهربائية، ورفع الحدّ الأدنى للرواتب إلى 750 يورو، بدلاً من قيمتها الحالية، 580 يورو، وصرف راتب إضافي ثالث عشر.

ولكن اصطدمت الوعود بصخرة المفاوضات مع الجانب الأوروبي، الذي يصر على ضرورة اتخاذ إجراءات تقشفية، تضمن وفاء الدولة التي تعاني اقتصادياً من سداد ديونها والوفاء بوعودها للدائنين، وهو ما دفع الجانب اليوناني إلى تقديم بعض التنازلات، من أجل إنهاء أزمته التي كانت تهدد بخروجه من منطقة اليورور.

المساهمون