الأمن الأردني: تكاليف مضاعفة بعد الكساسبة

الأمن الأردني: تكاليف مضاعفة بعد الكساسبة

10 فبراير 2015
قوات تابعة للجيش الأردني على الحدود مع العراق(فرانس برس)
+ الخط -
في دولة فقيرة كمملكة الأردن، يفرض الوضع الجغرافي أعباء مالية لا يمكن تحملها بدون مساعدات خارجية، مثل التصدي عسكرياً لتنظيم الدولة الإسلامية من ناحية الشرق، حيث حدودها مع العراق، خاصة مع تكثيف الحملات الهجومية على "داعش" بعد إعدام الطيار الأردني معاذ الكساسبة حرقاً، الأسبوع الماضي.
وقال رئيس اللجنة المالية في مجلس النواب الأردني، النائب يوسف القرنة، إن بلاده تحتاج إلى 5 مليارات دولار بشكل عاجل لمواجهة التحديات التي ازدادت حدتها بعد تصاعد وتيرة الأعمال العسكرية ضد تنظيم داعش، في أعقاب إعدام الطيار الأردني معاذ الكساسبة حرقاً، إضافة إلى تكلفة الأعباء الأخرى.
وأضاف القرنة، في مقابلة هاتفية مع "العربي الجديد"، أن الكلفة الأمنية الداخلية التي رصدتها الحكومة الأردنية في الموازنة العامة للدولة للعام الحالي 2015 تبلغ 2.7 مليار دولار، ولكنها سترتفع بنسبة 100% وستصل إلى 5.4 مليارات دولار بعد اشتداد المواجهة مع تنظيم داعش، ما سيفاقم الأعباء المالية بشكل كبير.
وقال قائد سلاح الجو الأردني، منصور صالح، أمس الأول، إن المقاتلات الأردنية نفذت قرابة 20% من إجمالي ضربات التحالف ضد "الدولة الإسلامية"، وأن الغارات التي شنتها استهدفت مراكز تدريب ومستودعات أسلحة وذخائر ووقود وثكنات تابعة للتنظيم المتطرف. وتقول الولايات المتحدة إن معدل ما تستهلكه الحملة الجوية
الواحدة يتراوح بين 7-10 ملايين دولار يومياً، بخلاف الطلعات التي ينفذها شركاء أميركا في التحالف، ما يعكس التكلفة الباهظة للهجمات.
وبيّن النائب القرنة، أن الحكومة ستعزز منظومة الأمن الداخلي من خلال التعزيزات الأمنية والحماية المطلوب توفيرها وزيادتها في مختلف الأماكن، وخاصة العامة، من باب الإجراءات الوقائية المطلوبة.
وقال إن الأردن بحاجة أيضاً إلى تعزيز الحماية الاجتماعية وإزالة الحاضنة للفكر التكفيري والإرهاب والتي أحد عناصرها الفقر والبطالة، حيث يتوجب على المجتمع الدولي توفير الدعم المباشر للبلاد لتمكينها من تطوير الاقتصاد وجعله أكثر قدرة على التصدي لهاتين المشكلتين.
وذهب النائب القرنة للتأكيد على أهمية تخفيف أعباء المديونية العامة للأردن، التي قاربت 30 مليار دولار مع نهاية العام الماضي، والتي تستنزف جانباً كبيراً من الإيرادات. وبلغت فوائد خدمة الدين العام خلال الأحد عشر شهراً الأولى من العام الماضي أكثر من 1.1 مليار دولار.
وفي سياق آخر، قال رئيس اللجنة المالية في مجلس النواب الأردني إنه بموازة الأعمال العسكرية ضد داعش، لا بد من توفير التمويل اللازم للحملات التي يقوم بها الأردن لشرح رسالة الإسلام السمحة والتعريف الصحيح بالدين الإسلامي، مشيراً إلى أن حسم المعركة مع التنظيمات الإرهابية لا يتم فقط عسكرياً بل فكرياً وعقائدياً وثقافياً.
وقال النائب القرنة إن الأردن لا يعاني فقط من الحرب على داعش وتبعاتها، وإنما من الآثار المباشرة وغير المباشرة للاجئين السوريين الذي يقدر عددهم بأكثر من 1.4 مليون لاجئ، وما ترتب على ذلك من ضغوطات كبيرة على البنى التحتية والموارد الأساسية كقطاعات الصحة والتعليم والمياه والكهرباء وغيرها.
ويؤكد خبراء استراتيجيون أردنيون أهمية إسراع المجتمع الدولي تقديم المساعدات اللازمة لبلادهم، التي تنوب، حسب قولهم، عن العالم والدول العربية في مواجهة خطر تنظيم الدولة "داعش" وتهديداته لكافة البلدان.
وقال الطيار العسكري الأردني المتقاعد، اللواء مأمون أبو نوار، لـ "العربي الجديد": "إن الأردن لا يستطيع بمفرده تحمل كلف وأعباء الحرب على داعش، التي يقوم بها نيابة عن العالم أجمع". وأضاف أن الأردن يحتاج إلى ذخائر وقطع غيار للطائرات وغيرها، ما تترتب عليه أعباء اقتصادية كبيرة في خوض هذه الحرب، مقدراً تكلفة الطلعة الجوية للطائرة الواحدة بحوالي 21.1 ألف دولار، وهذا في المجمل لا قدرة لبلاده على احتماله.
وانتقد أبو نوار تباطؤ المجتمع الدولي والولايات المتحدة تحديداً في تقديم المساعدات للأردن في هذا الوقت الحساس جداً، إذ تصطدم بعض المساعدات التي تحدثت عنها أميركا مؤخراً، بعقبات البيروقراطية. وقال إن الأردن بحاجة إلى مليار دولار على وجه السرعة لتمويل العمليات العسكرية ضد تنظيم داعش، هذا فضلاً عن متطلبات الحماية الأمنية الداخلية وتأمين الحدود، التي هي في المحصلة في مصلحة الدول العربية وخاصة الخليجية منها. إضافة إلى الكلف الأخرى المترتبة على استضافة اللاجئين السوريين.
وأشار إلى أن نقل مقاتلات إماراتية للأردن سيساعد في العمليات العسكرية، بالتزامن مع نقل مركز البحث والتطوير والإنقاذ الجوي من الكويت إلى شمال العراق بهدف توفير الحماية للعمليات الجوية ولإنقاذ الطيارين.
واتفق نائب رئيس الوزراء وزير الإعلام الأسبق أيمن المجالي في حديثه لـ "العربي الجديد"، مع ما ذهب إليه النائب القرنة والطيار أبو نوار. وزاد، أن التحدي ليس فقط عسكرياً وإنما هناك تحديات داخلية في الأردن لا بد من التصدي لها وأهمها التصدي لحواضن الإرهاب التي تستميل الشباب العاطلين عن العمل والفقراء منهم.
وأكد أهمية مساعدة بلاده للقضاء على الحواضن المحتملة للإرهاب والمولدة للفكر المتطرف.
وقال إن الأردن سيتحمل كلفاً اقتصادية باهظة جداً في حربه على داعش، وفي نفس الوقت متطلبات الحماية الاجتماعية والأمنية وتمويل حملات التوعية وغيرها.
وأضاف المجالي، الذي اغتيل والده هزاع المجالي عام 1960 عندما كان نائباً لرئيس وزراء الأردن آنذاك، أن على الدولة أيضاً أن تستميل الجماعات الإسلامية المعتدلة لتكون إلى جانبها في محاربة الفكر المتطرف، وحتى تقوم بدور مهم في تسليط الضوء على رسالة الإسلام الحنيف.
وأشار المجالي، إلى الأعباء التي يتحملها الأردن في حماية الحدود سيما المشتركة مع السعودية ومصر والعراق وسورية.