مخاوف الإرهاب و"الإنترنت" تضرب مبيعات الكريسماس

مخاوف الإرهاب و"الإنترنت" تضرب مبيعات الكريسماس

25 ديسمبر 2015
متسوقون في لندن (Getty)
+ الخط -
حطمت موجة من الرياح والأمطار آمال الأوروبيين هذا العام في الحصول على "كريسماس"، أو احتمال هطول الثلج الخميس الذي يصادف عيد الميلاد هذا العام.
وعادة ما يتفاءل الأوروبيون بهطول الثلج في أعياد الميلاد، حيث تكتمل فرحة الأطفال بعد حصد "هدايا بابا نويل" باللعب والتراشق بحبيبات وكتل الثلج المتناثرة.
ولكن إحباط الأوروبيين لم يتوقف هذا العام على هبوب الرياح وهطول الأمطار المتوقعة في معظم العواصم، ولكن كذلك بمخاوف حدوث هجمات إرهابية، بعد الهجوم الإرهابي الذي ضرب باريس في نوفمبر/تشرين الثاني.
وموسم أعياد الميلاد ورأس السنة، تعد من المواسم الرئيسية التي يظهر فيه كرم الغربيين من حيث إنفاقهم على الهدايا وتبادل الزيارات وصلة الأرحام.
وعادة ما يمنح هذا الكرم الإنفاقي دفعة كبرى للقوة الشرائية التي تعد أحد أهم محركات الطلب وبالتالي اقتصادات أوروبا. ولكن يلاحظ أن مبيعات موسم الكريسماس الحالي جاءت أقل من التوقعات.
وحتى في لندن التي استفادت نسبياً من مخاوف المتسوقين من السفر إلى باريس، كانت المبيعات أقل من مبيعات العام الماضي.
ولكن عامل التخوف من وقوع هجمات إرهابية لم يكن العامل الوحيد الذي أدى إلى انخفاض مبيعات المتاجر البريطانية، وإنما يضاف إليه عامل زيادة توجه المتسوقين لشراء هدايا الكريسماس عبر "متاجر الإنترنت". ورصدت بيوت الخبرة البريطانية التي تراقب توجهات وأذواق المشترين أن أعداداً كبيرة من الجيل الصاعد تفضل التسوق عبر الإنترنت.
وعادة ما تمنح متاجر الإنترنت خصومات كبيرة وتنزيلات أكبر من المتاجر التقليدية.
ورغم أن شوارع التسوق الرئيسية في لندن والعديد من المدن الأوروبية، عدا باريس، شهدت تدفقات هائلة من المتسوقين في موسم أعياد الميلاد الجاري، إلا أن الأرقام التي ذكرتها عن أعداد الزوار تقل عن العام الماضي.
وكان خبراء يتوقعون أن تقود موجة التسوق الضخمة التي شهدتها شوارع أكسفورد ونايتسبريدج ووستفيلد يوم السبت الماضي وبلغت مبيعاتها أكثر من 6 مليارات جنيه إسترليني (9 مليارات دولار)، أن تتواصل وترفع مبيعات موسم الأعياد الحالي إلى مستوياته في العام الماضي.

ولا تزال المحال التجارية تنتظر "متسوقي الدقيقة الأخيرة"، حيث قدرت صحيفة" إيفننغ ستاندرد" أن تزدحم متاجر ويستفيلد الواقعة بالقرب من منطقة هولاند بارك بحوالي 25 ألف متسوق، وربما يصل إنفاقهم إلى قرابة مائة مليون جنيه إسترليني (ما يعادل 150 مليون دولار).
ويرتفع رقم "متسوقي الدقائق الأخيرة" في شارع أكسفورد ستريت الذين يمنحهم تنزيلات أكبر قبل إغلاق المحال التجارية وربما يصل إلى أكثر من 50 ألف متسوق، ومن المتوقع أن يصل حجم مشترياتهم إلى قرابة 300 مليون جنيه إسترليني.
وتعد لندن من أكبر مدن التسوق في أوروبا، وتشتهر شوارع "أكسفورد ستريت" و"بوند ستريت" ونايتسبيريدج و"هاي ستريت كينزنغتون"، بسلسلة المتاجر الكبرى مثل هارودز وسليفيردج وماركس آند سبنسر ومتاجر ماركات أخرى لا توجد إلا في لندن.
كما أنشئت أخيرا مراكز تسوق رئيسية مثل "ويست فيلد" في منطقة شيبردبوش ومراكز فرعيه في الأحياء.
وتضم هذه المراكز متاجر الماركات المشهورة.
ورغم التدفق الكبير على التسوق في لندن، لكن الأرقام التي نشرتها بيوت الخبرة تشير إلى انخفاض أعداد الزوار هذا العام بنسبة 9.0%.
ولاحظت مديرة أبحاث "سبرنغ بورد" دايان وهريل أن عدد المتسوقين أنخفض بنسبة 9.0%. وعزت وهريل جزءاً من الانخفاض إلى التسوق الإليكتروني عبر "متاجر الإنترنت".
وقدر بيت الأبحاث الياباني نومورا في تقرير قبل شهور أن تنخفض مبيعات الكريسماس في المتاجر الرئيسية بنسبة 5.5%.

اقرأ أيضا: الإنترنت يسرق "الجمعة السوداء" من المحلات التجارية

وهذا التوقع انعكس في انخفاض سعر أسهم سلسلة المتاجر الرئيسية وعلى رأسها ماركس آند سبنسر. وتوجد في لندن سلسلة متاجر مشهورة تبيع الماركات العالمية من الملابس والعطور، وتعد من أهم مراكز التسوق العالمية إلى جانب نيويورك وباريس.
وفي باريس التي لا تزال متاجرها تئن تحت وطأة الهجمات الإرهابية البشعة التي أودت في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي بحياة 130 شخصاً، خسرت المتاجر الرئيسية نسبة 30% من زبائنها، منذ وقوع الهجمات، وذلك حسب النشرة الأخيرة التي نشرها مكتب عمدة باريس.
وقالت النشرة إن الخسائر لم تقتصر على المتاجر ومبيعاتها فقط، ولكنها امتدت لتشمل الفنادق والمطاعم والمقاهي والملاهي الليلية.
وتشير إحصائيات مكتب عمدة باريس إلى أن نسبة إشغال الفنادق انخفضت بنسبة 30% منذ الهجوم، كما انخفضت رحلات الطيران إلى باريس.
وذكرت إحصائيات نشرتها شركة " فورد وارد كيز" التي تعنى بشؤون السياحة إلى أن عدد رحلات الطيران المتجهة إلى باريس انخفضت بنسبة الثلث خلال الشهر الحالي، خاصة تلك القادمة من اليابان والبرازيل والصين.

ويقل عدد زوار باريس ومتسوقيها منذ الهجمات الإرهابية بسبب تشدد السلطات الأمنية الفرنسية في المطارات وإجراءات التفتيش الدقيق للعفش والمسافرين.
وهذا الإجراء سبب مضايقات، خاصة للطبقة الثرية في أميركا وفرنسا والصين، التي اعتادت زيارة باريس في مثل هذا الوقت لشراء الهدايا وارتياد ملاهي ومقاهي العاصمة الفرنسية.
وفي هذا الصدد أعرب أكثر من ثري أميركي في لقاءات تلفزيونية عن استيائه من إجراءات التفتيش الفرنسية في المطارات، خاصة مطار شارل ديغول الدولي.
وقالوا في تعليقاتهم "فرنسا تتصرف تماماً مثلما تصرفت أميركا في أعقاب هجمات الحادي عشر من سبتمبر".
وتقول إحصائيات " فورد وارد كيز"، أن عدد مرتادي المطاعم والملاهي الليلية في باريس انخفض بنسبة بلغت 40%.
ومعروف أن العاصمة الفرنسية تعد وجهة رئيسية للشباب الفرنسي وشباب الدول الأوروبية المجاورة لفرنسا والذين يرتادونها في عطلات الأسبوع ومواسم الأعياد للتسوق والترفيه وزيارة المتاحف.
وحسب صحيفة "فاينانشيال تايمز"، فإن موسم أعياد الميلاد الجاري لم يعان في باريس فقط من انعدام الزوار الأجانب، ولكنه عانى كذلك من "الخمود والجمود وانعدام روح الفرحة بالأعياد والتفاؤل كان يملؤهم بالفرح ويدفعهم نحو الإنفاق".
وتقول الصحيفة البريطانية " يسود الفرنسيين منذ حادث الهجوم الإرهابي الإحباط والضمور".
وكانت عوامل التفاؤل والفرح دائماً تترجم في ارتفاع معدلات الإنفاق الأسري في مواسم أعياد الميلاد وشراء هدايا أكثر وأغلى وأن هذا العامل اختفى في هذا الموسم.
وفي هذا الصدد قال نائب عمدة باريس لشؤون الرياضة والسياحة جين فرانسيس مارتنز، لصحيفة" فاينانشيال تايمز"، "صحيح أن هنالك انعداما في السياح، ولكن الباريسيين أنفسهم ليس لديهم الحماس والمزاج الاحتفالي بأعياد الميلاد هذا العام... أعتقد أن الأمور ستتحسن تدريجياً ولكنها ستأخذ وقتاً".
وتنوي باريس تدشين حملة عالمية ضخمة لاستعادة موقعها السياحي، كواحدة من أهم الوجهات السياحية في العالم. ومن المعتقد أن يتم تدشين هذه الحملة قبيل موسم الربيع المقبل الذي يسبق عادة موعد تدفق السياح إلى فرنسا.

اقرأ أيضا: في 24 ساعة..العزاب يدفعون 14.3 مليار دولار لـ"علي بابا"

المساهمون