السعودية: هبوط أسعار الأراضي والمُلّاك يتخلّصون من مساحات شاسعة

السعودية: هبوط أسعار الأراضي والمُلّاك يتخلّصون من مساحات شاسعة

02 نوفمبر 2015
رسوم الأراضي تحد من ارتفاع تكاليف السكن (العربي الجديد)
+ الخط -
اتجهت أسعار الأراضي البيضاء في المملكة العربية السعودية إلى الهبوط، وسط موجة بيع واسعة النطاق في العديد من المناطق الرئيسية بالبلاد، استباقاً لتطبيق رسوم على حيازة الأراضي يتوقع أن تتجاوز في العاصمة الرياض وحدها نحو 29 مليار دولار.
وبدأ مجلس الشورى السعودي دراسة مشروع الترتيبات التنظيمية لفرض الرسوم على الأراضي البيضاء، الذي أحاله له مجلس الوزراء، ومن المنتظر إقرار القانون خلال الشهر الجاري، وفقا للمدة الزمنية التي تم تحديدها.
وبحسب مرسوم مجلس الوزراء الصادر في 19 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، يجب على مجلس الشورى الانتهاء من ترتيبات فرض الرسوم على الأراضي البيضاء داخل النطاق العمراني خلال 30 يوما فقط.
ومنذ الإعلان عن المدة الزمنية لإقرار القانون، بدأت أسعار الأراضي في المملكة في الهبوط بشكل متسارع، وفق خبراء عقاريين.
وبحسب تقرير حكومي، تم بيع أكثر من 6.5 ملايين متر مربع من الأراضي البيضاء خلال الأيام الثلاثة التي تلت إحالة مجلس الوزراء لمشروع الترتيبات التنظيمية لفرض الرسوم على الأراضي البيضاء لمجلس الشورى. وأظهرت البيانات تسجيل أكثر من 6800 صفقة بيع لأراضٍ سكنية خلال الأسبوعين الماضيين بقيمة 1.31 مليار دولار.
وكانت في صدارة قائمة المناطق من حيث حجم الصفقات، الرياض بنحو 2500 صفقة، بقيمة إجمالية بلغت 605 مليارات دولار، فيما حلت منطقة مكة ثانية بقيمة 453 مليار دولار، بينما جاءت المنطقة الشرقية ثالثة بنحو 212 مليار دولار.
وفوجئت السوق العقارية بعرض أراض ذات مساحات شاسعة داخل النطاقات العمرانية في مناطق رئيسية مثل الرياض وجدة والدمام، يتجاوز بعضها مليون متر مربع، بقيمة تقل عن القيمة الفعلية المسجلة ضمن صكوك تلك الأراضي بنحو 20%.

وكشف خبير عقاري لـ"العربي الجديد"، عن أن محفظة عقارية يشترك فيها عدد من رجال الأعمال، عرضوا أرضا ضخمة تصل مساحتها إلى نحو 1.01 مليون متر مربع، بـ160 مليون دولار أقل من السعر الذي كانت عليه قبل نحو 11 شهرا، عندما كان سعرها يتجاوز 3.6 مليارات ريال (960 مليون دولار).
وبحسب مصادر في وزارة الإسكان، فإن البدء الفعلي لتطبيق الرسوم سيكون مطلع العام المقبل 2016، ولن يكون هناك أي استثناء لأي أرض داخل النطاق العمراني مهما كانت مساحتها، بهدف تلافي تفتيت الأراضي ذات المساحات الكبيرة إلى مساحات أقل للالتفاف على الإجراءات التي ينتظر أن تضع حدا أدنى للمساحات يتم فرض رسوم على ما يزيد عليها.
وقالت المصادر، التي فضّلت عدم ذكر اسمها، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إنه يستثنى من دفع الرسوم كل مالك أرض ذات مساحة أقل من الحد الأدنى، مع إثبات أنه تقدم بطلب قرض من جهة رسمية، سواء وزارة الإسكان أو صندوق التنمية العقارية، لكي يحوّل تلك الأرض إلى موقع سكني.
ويؤكد مجلس الوزراء أن فرض رسوم على الأراضي البيضاء يهدف إلى تقليل كلفة الحصول على المسكن الملائم في السعودية وبخاصة لذوي الدخول المحدودة أو المنخفضة.
وقال عضو اللجنة الوطنية العقارية في المنطقة الشرقية، ماجد الأسمري، إن مساحة الأراضي البيضاء في بعض المدن تصل لأكثر من 55% من النطاق العمراني، وأن استغلال تلك المواقع في البناء سينهي أزمة السكن.
وأوضح الأسمري في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن "هناك عددا كبيرا من الأراضي تتجاوز مساحتها مليون متر مربع، وهي في قلب المدن"، مشيرا إلى أن عدم استغلال تلك الأراضي أحد أهم أسباب تفاقم أزمة السكن في البلاد.

اقرأ أيضا: السعودية ترفض خفض تصنيفها الائتماني

وأضاف: "تراكم الأراضي ذات المساحات الكبيرة وتجاورها مع بعضها البعض حوّلها لعائق كبير للتنمية، كما أعاق حتى وصول الخدمات إلى الأراضي التي تم استحداثها على أطراف المدن، لهذا نلاحظ وجود فراغات كبيرة في خرائط المدن، تسبب في خلل في الخدمات، ونحن هنا نتحدث عن مساحات تشكل في بعضها 55% من مساحة المدينة، وفي بعضها يصل الفراغ لأكثر من 70% منها، خاصة في الرياض والخُبر وجدة".

وتابع أن هبوط أسعار الأراضي بات أمرا مسلّما به وضروريا، وخاصة أنه كان هناك تعمّد من قبل مُلّاك تلك الأراضي في رفع سعرها، إما بالمضاربة أو بتقليل العرض والاحتكار.
وقال: "كانت مضاربات الأراضي على أشدها، وهذا الأمر تسبب في وصول القطاع العقاري بالسعودية إلى حالة الركود الحالية، بسبب عدم قدرة المواطنين على الشراء بالأسعار العالية، التي وصلت في الأحياء المتوسطة لنجو 800 دولار للمتر الواحد".
وتؤكد دراسة أعدتها الهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض عام 2013، أن الأراضي المطورة في العاصمة تبلغ نحو 1.3 مليار متر مربع، ولكن الأراضي البيضاء غير المطورة بلغت أكثر من 4.6 مليارات متر مربع.
وتوقع محللون أن تصل إيرادات الرسوم على الأراضي البيضاء في الرياض وحدها إلى أكثر من 29 مليار دولار، وذلك من إجمالي 53 مليار دولار مقدّرة من مختلف مناطق المملكة.
كان وزير الإسكان السعودي، ماجد بن عبدالله الحقيل، قال في تصريحات له أخيرا، إن الرسوم على الأراضي البيضاء لا تتجاوز 100 ريال للمتر المربع الواحد، لافتا إلى أن ذلك يهدف "لتشجيع الملاك لتطوير أراضيهم للحد من ظاهرة توسع المدن أفقياً وتوفير أراضٍ بأحجام متنوعة ومناسبة لفئات المجتمع المختلفة لبناء المسكن، مع السعي إلى المحافظة على التوازن بين العرض والطلب، والحد من الإنفاق الحكومي الناتج عن التمدّد السكني".
ويرى خبراء عقاريون أن مؤشرات بيع الأراضي خلال الأسابيع الأخيرة، تؤكد أن أسعار الأرضي بدأت في طريق الانحدار بسرعة أكبر من المتوقع، بعد سنوات طويلة من الارتفاع غير المبرر.
وشددوا على أنه مع صدور اللائحة المنظمة لفرض الرسوم وتطبيقها، ستصل نسبة الانخفاض في الأسعار لأكثر من 45%، كما ستسهم منتجات وزارة الإسكان عندما يبدأ تسليمها في المزيد من الانخفاض، وهو ما سيعيد الأراضي إلى أسعارها العادلة، ويؤدي إلى انخفاض تكاليف المعيشة على المواطنين.
وقال المحلل الاقتصادي، فهد الزايدي، إن بيانات مصلحة الإحصاءات العامة والمعلومات توضح ان إنفاق الأسر السعودية على إيجار السكن يبلغ نحو 22.5% من دخل الأسرة شهريا التي يبلغ متوسط راتبها 7 آلاف ريال (1867 دولاراً)، حيث يصل الإيجار إلى 2220 ريالا شهريا (592 دولاراً)، لكن هذه النسبة مرتفعة كثيراً بالنسبة إلى أصحاب الدخول الأقل.

اقرأ أيضا: السعودية تدرس رفع أسعار المحروقات محلياً

المساهمون