أردوغان ولوبي أسعار الفائدة

أردوغان ولوبي أسعار الفائدة

16 نوفمبر 2015
أردوغان يصر على خفض أسعار الفائدة (فرانس برس)
+ الخط -
مرة أخرى يتجدد الخلاف بين الرئيس التركي، أردوغان، والبنك المركزي التركي، حيث جدد الرئيس، أمس الاثنين، انتقاده البنك المركزي بسبب أسعار الفائدة المرتفعة الممنوحة على القروض، والتي لا تشجع، كما قال أردوغان، على الاستثمار أو إقامة مشروعات، وأكد مجدداً أنه ينبغي خفض أسعار الفائدة.

ليس هذا هو التصريح الأول للرئيس التركي، وربما لن يكون الأخير، فبداية شهر مارس/آذار الماضي، شن أردوغان هجوماً حاداً على البنك المركزي التركي، حينما قال، إن لوبي أسعار الفائدة العالية خائن، وإن أي شخص يعارض خفض الفائدة خائن، وأي شخص يدافع عن الفائدة العالية خاضع للوبي أسعار الفائدة وهذه خيانة لهذا الشعب.

ساعتها فهم بعضهم أن أردوغان يقصد بهذا الشخص محافظ البنك المركزي التركي، أرديم باشجي، الذي تردد مرات عدة، أنه ينوي الاستقالة من منصبه بسبب الضغوط السياسية التي تمارس عليه لخفض الفائدة، لكن المحافظ نفى.

اللافت للنظر في انتقاد أردوغان، أمس، أنه جاء في اجتماع خاص ضم رئيسة صندوق النقد كريستين لاغارد ومحافظ البنك المركزي التركي، أرديم باشجي، وعدداً من كبار القيادات المصرفية والاقتصادية العالمية الذين شاركوا في اجتماعات قمة مجموعة العشرين التي استضافتها مدينة أنطاليا التركية.

أتفهم مطالبة أردوغان المستمرة بخفض أسعار الفائدة على القروض الممنوحة من القطاع المصرفي التركي، لأن الخفض سيحقق للاقتصاد التركي أهدافاً عدة، منها تشجيع الاستثمارات المولدة لفرص عمل جديدة، عبر توفير قروض رخيصة وبتكلفة أقل، خصوصاً لرجال الأعمال والمستثمرين.

كما أن خفض أسعار الفائدة يشجع على إقامة مزيد من المشروعات الصغيرة والمتوسطة، وبالتالي يقلل من مشكلة البطالة، إضافة إلى أن الخفض يشجع الشباب على الاقتراض من البنوك بتكلفة أقل.

وخفض الفائدة يحقق ميزة أخرى لأردوغان، هي خفض أسعار السلع والخدمات التي ارتفعت، في الشهور الأخيرة، بسبب تراجع سعر صرف الليرة التركية، والأهم من ذلك أن الخفض يقلل عبء الدين العام المحلي لأن الحكومات أكبر مقترض من البنوك.

كل ذلك مفهوم ويبرر مطالبة أردوغان المستمرة للبنك المركزي التركي بخفض أسعار الفائدة، ولكن المفهوم، أيضاً، في العلوم المصرفية أن البنوك لديها آلياتها في تحديد أسعار الفائدة، فالبنوك ما هي إلا وسيط يتلقى أموال المودعين ويعيد إقراضها سواء في شكل تمويل مشروعات أو إقراض نقدي مباشر، وبالتالي فإن خفض أسعار الفائدة على القروض لا بد أن يسبقه مباشرة خفض الفائدة على الودائع.

هذه نقطة، أما النقطة الأخرى، فهي أن هناك صراعاً في كل دول العالم بين السياستين الاقتصادية والمالية التي تقودها الحكومات، والسياسة النقدية التي تديرها البنوك المركزية، فالسياستان المالية والاقتصادية تركزان أساساً على تنفيذ خطط سياسية تسعى من خلالها الحكومات لإرضاء الرأي العام عبر خفض أسعار السلع والخدمات وإرضاء المستثمرين عبر خفض أسعار الفائدة.

ولذا فإن هناك اعتبارات يجب أن تراعيها السياسة النقدية عند تحديد اتجاهات وأسعار الفائدة، منها معدل التضخم السائد في المجتمع، فلا يمكن للبنك المركزي مثلاً طباعة أوراق نقدية (بنكنوت) إلا إذا كان له غطاء نقدي من الذهب أو الدولار والعملات الأجنبية، ولا يمكن للبنك المركزي خفض الفائدة، وهناك معدلات تضخم عالية داخل الأسواق، لأن هذا يعني تآكل العملة الوطنية وعدم جاذبيتها للاستثمار، وبالتالي فإن الصراع سيظل مستمراً طالما بقيت الحكومات والبنوك المركزية.

بقيت نقطتان أود لفت الأنظار إليهما عند الحديث عن مسألة الصراع بين الرئيس التركي والبنك المركزي حول أسعار الفائدة العالية هما:

أولاً: إن أردوغان لم يستدع محافظ البنك المركزي التركي إلى مكتبه ويطلب منه خفض أسعار الفائدة، وإلّا يقدم المحافظ استقالته ويذهب إلى بيته على الفور.

ثانياً: إن أسعار الفائدة السائدة في تركيا تقل للنصف عن أسعار الفائدة السائدة في بعض دول المنطقة العربية والتي تصل لنحو 15%، سنوياً وربما تتجاوز 20% في القروض العقارية طويلة الأجل، وبالتالي ماذا سيكون موقف أردوغان لو علم أن هناك بعض المصارف العربية تفرض أسعار الفائدة على بعض قروضها طويلة الأجل قد تتجاوز 20%؟

اقرأ أيضاً: أردوغان يؤجج مجدداً معركة أسعار الفائدة مع المركزي التركي

دلالات

المساهمون