معركة "كسر عظم" بين المستثمرين والعمّال في تونس

معركة "كسر عظم" بين المستثمرين والعمّال في تونس

14 نوفمبر 2015
احتجاجات عمالية سابقة في تونس (فرانس برس)
+ الخط -
تصاعدت الأزمة الحالية بين ممثلي العمال ومنظمات الأعمال في تونس حول زيادة الأجور، لتدخل وفق مراقبين مرحلة كسر العظام بعد أن أعلنت قيادة الاتحاد العام التونسي للشغل عن دخول نقابات القطاع الخاص في سلسلة من الإضرابات في كافة المحافظات بداية من يوم الخميس المقبل.
ورفضت منظمة رجال الأعمال قبول المقترحات التي قدمتها منظمة الشغالين (العمال) لزيادة رواتب نحو مليون ونصف المليون تونسي يعملون في القطاع الخاص.
ويأتي الإعلان عن سلسلة الإضرابات، والتي قرّر الاتحاد العام للشغل استمرارها حتى مطلع ديسمبر/ كانون الأول المقبل، وسط مخاوف من أن تشل كل المرافق الحيوية في البلاد، وما يمكن أن تخلفه من تداعيات على المشهد السياسي ومناخ الأعمال عموماً، ولا سيما في ظل الانشقاقات في صفوف حزب "حركة نداء تونس" الذي ينتمي إليه الرئيس الباجي قائد السبسي.
وعلى الرغم من المساعي التي تبذلها وزارة الشؤون الاجتماعية للسيطرة على حالة الاحتقان وحرب التصريحات والتصريحات المضادة بين قيادات المنظمتين، لم يفلح الطرف الحكومي إلى حد الآن في كبح جماح التوتر الذي يخيم على البلاد.
وتتمسك منظمة العمال بالمطالبة بزيادة لا تقل عن 6% للعاملين في القطاع الخاص، معتبرة أن هذه النسبة تبقى دون المأمول مقارنة بارتفاع كلفة المعيشة، وهو أدى إلى تدحرج الطبقة الوسطى المكونة من الموظفين إلى خانة الفقراء.
ويعتبر الأمين العام المساعد لاتحاد الشغل، نور الدين الطبوبي، أن الإضراب ليس غاية، مؤكداً وعي المنظمة بخطورة الوضع الاقتصادي عموماً، وما يمكن أن تسببه الإضرابات من خسائر للاقتصاد التونسي.
لكنه أضاف في تصريح لـ"العربي الجديد" أن "طرق النضال من أجل المحافظة على كرامة العمال تبقى مباحة أمام تعنت منظمة رجال الأعمال".
ودان المكتب التنفيذي الموسع لمنظمة الشغالين ما وصفه بأسلوب "التعالي والاستهتار الذي تعامل به الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية مع مطالب العمال واحتجاجاتهم"، معتبراً ذلك "استفزازاً يضرب أسس الحوار الاجتماعي ويعرقل جهود الحوار، والتي ما انفك الاتحاد العام التونسي للشغل يعمل على إرسائها ودفعها إيجابياً".
وتلاقي مطالب عمال القطاع الخاص مساندة كبيرة من قبل نقابات القطاع العام والوظيفة العمومية، والتي عبرت عن مساندتها التامة لـ"نضالات" نظيراتها في القطاع الخاص.

اقرأ أيضا: زعيم نقابي تونسي لرجال الأعمال: "نغّصتم فرحتنا بجائزة نوبل"

وتندد منظمة رجال الأعمال بقرار اتحاد الشغل بالدخول في سلسلة من الإضرابات، معتبرة أن تنفيذها سيصل بالمؤسسات الاقتصادية التي تعاني من صعوبات إلى القاع.
وتتمسك المنظمة بمقترحها برفع أجور العاملين بنسبة في حدود نسبة تضخم أسعار المستهلكين الحالية أي بنحو 4.2%، مع إمكانية زيادة هذه النسبة إلى 4.8% كحد أقصى، معتبرة أن هذه النسبة مدروسة علمياً، وهي تقريباً نفس الزيادة التي منحتها الحكومة للعاملين في القطاع العمومي.
وترفض منظمة رجال الأعمال أي ضغط من الحكومة لقبول مقترح منظمة الشغالين، مشيرة إلى أنه "على منظمة الشغالين (العمال) تحمل مسؤولية اضطرار المؤسسات المفلسة إلى الإغلاق وتسريح العمال".
وقال عضو اتحاد الصناعة والتجارة بشير بوجدي "إذا كانت الحكومة ترغب في دفعنا نحو قبول اقتراح منظمة العمال فعليها أن تصرف لرجال الأعمال صكاً بمبلغ الزيادة المطلوبة".
وأضاف بوجدي لـ"العربي الجديد" أنه من المفروض أن يعي الاتحاد العام التونسي للشغل أوضاع البلاد، وأن يكون مسؤولاً لإيجاد حل وسط يرضي جميع الأطراف.
وتابع أن كل القطاعات تشهد اليوم صعوبات، وأن زيادة الرواتب ستؤثر بشكل كبير على القدرة التنافسية للمؤسسات، والتي خسرت جزءاً كبيراً من أسواقها، ولا سيما المؤسسات المصدّرة.
وتشير الأرقام التي كشفت عنها منظمة الأعمال إلى أن خسائر اليوم الواحد لإضراب القطاع الخاص تكلّف العمال خسائر في أجورهم تراوح بين 32 إلى 35 مليون دينار (17 إلى 18.5 مليون دولار)، إضافة إلى ما يفوق 250 مليون دينار (131 مليون دولار) من الناتج الداخلي، وهو ما يؤثر سلباً على الاقتصاد التونسي المتعب بطبعه.
ويتوقع المراقبون للشأن العام في تونس شتاء ساخناً بسبب موجة الإضرابات التي يلوح بها الاتحاد العام التونسي للشغل. ويقول الخبير الاقتصادي، رضا شكندالي، إن الإضرابات العمالية سيكون لها تأثير سلبي على الاقتصاد الوطني، والذي يعيش في وضع انكماش، وينتظر ألا تتجاوز نسبة نموه مع نهاية العام الجاري 0.5%، مشيراً إلى أن الإضرابات ستكون لها نتائج وخيمة على مناخ الاستثمار، والذي تراجع إلى مستويات قياسية منذ 2011.
وتشير إحصاءات رسمية إلى أن عدد المؤسسات التي أغلقت أبوابها بلغ 400 مؤسسة صناعية. وقد تصدرت المؤسسات الإيطالية قائمة الشركات بنحو 63 شركة، تليها فرنسا بـ 36 شركة ثم بلجيكيا بـ 11 شركة.

اقرأ أيضا: عمال تونس يلوّحون بالإضراب لحسم معركة زيادة الأجور

المساهمون