البنك الدولي:سياسات سيئة تحد من نمو 7 دول عربية

البنك الدولي:سياسات سيئة تحد من نمو 7 دول عربية

08 اغسطس 2014
توقعات حذرة لدول الشرق الأوسط (وين ميكنامي/getty)
+ الخط -
ما تزال أعمال العنف المسيطرة على أداء دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، تجعل العديد من هذه الدول تدفع ثمناً اقتصادياً مرتفعاً نتيجة الأحداث التي تمر بها المنطقة، فسيطرة تنظيم الدولة الإسلامية المعروف إعلاميا بـ"داعش" على أراض واسعة في شمال العراق وسورية، والحرب الدائرة في سورية منذ ثلاث سنوات، قيدت الاقتصادين اللبناني والأردني بشكل كبير، وتوقفت أوجه النشاطات الاقتصادية في هذه الدول.

كما أن الأحداث الدامية في ليبيا واليمن، وتطوراتها الدراماتيكية، ومحاولة بعض التنظيمات المسلحة السيطرة على بعض المرافق الحيوية (كمطار ليبيا، وحقول النفط في مدن عديدة) أدت إلى تراجع نسب النمو، وتكبد الاقتصاد خسائر كبيرة، بالإضافة إلى ذلك، فإن دول أخرى كمصر وتونس، ما تزال تعيش تحت وطأة مديونية عالية، بالرغم من إجراء الانتخابات، ووضع دساتير للبلاد بعد الربيع العربي.

وفي هذا الإطار، كشف البنك الدولي أن دولاً في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، تعيش تحت وطأة ظروف سياسية صعبة، تساهم في الحد من النمو، مشيراً في أحدث طبعة من الموجز الاقتصادي الفصلي عن منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، إلى أن مصر وتونس وإيران ولبنان والأردن واليمن وليبيا محصورة داخل دائرة "سوء السياسات وضعف النمو" التي تحول دون انتقال اقتصادها إلى مسار النمو المستدام.

أداء الدول


لا تزال الضبابية عنواناً رئيسياً لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وقد نجح الربيع العربي في تغيير أنظمة قائمة منذ سنوات وتعزيز مبدأ الديمقراطية، إلا أن ذلك لم يمنع حصول تباطؤ اقتصادي في العديد من هذه الدول، وتأثر دول مجاورة لمناطق تشهد نزاعات مسلحة، هذا ما أعلنه تقرير البنك الدولي.

ويشرح أن لبنان والأردن دفعا ثمناً مرتفعاً جراء الحرب في سورية، واليوم يتجهان إلى دفع المزيد مع اشتداد أعمال العنف في العراق، ما يهدد الأداء التجاري لهاتين الدولتين.

في الأردن، تظهر البيانات والمؤشرات الاقتصادية بعض الإيجابية في تحسن النشاط الاقتصادي على خلفية الزيادة في الإنفاق العام والاستهلاك الخاص، وكلاهما بدعم من المنح الخليجية.

بالإضافة إلى ذلك، شهد الأردن، بحسب البنك الدولي، تحسناً في النشاط السياحي بعد سنوات من التباطؤ، مع زيادات من نحو 7 في المائة في عدد الوافدين خلال الربع الأول 2014 مقارنة مع الربع السابق، وزادت التحويلات بنسبة 3 في المائة في الأشهر الستة الأولى عام 2014 مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي.

إلا أن التوترات التي يشهدها العراق في الآونة الأخيرة، مع سيطرة تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام، على خطوط الاتصال البري، أدت بحسب البنك الدولي، إلى توقف الصادرات العراقية إلى الأردن، فلدى العراق سوق تصدير هام للأردن، وهو ما يمثل 20 في المائة من إجمالي الصادرات الأردنية.

وتضاعفت الصادرات إلى العراق خلال السنوات القليلة الماضية من 530 دولارا في عام 2007 إلى نحو مليار دولار أميركي في عام 2012. ويتوقع أن يكون لقرار إغلاق الحدود الأردنية-العراقية في أواخر يونيو/حزيران، لأسباب أمنية، آثار سلبية على حجم التجارة بين البلدين.

أما في لبنان، فقد تباينت النشاطات الاقتصادية منذ بداية العام، فقد شهدت بعض المؤشرات تحسناً، بحسب البنك الدولي، وذلك بعد تأليف الحكومة برئاسة تمام سلام، ورفع الدول العربية الحظر عن رعاياها لزيارة لبنان، وبالرغم من هذه الإيجابية، إلا أن عودة مسلسل التفجيرات منتصف العام، ساهم في تراجع النشاطات، وتسيطر البيئة السياسية المتقلبة، على حجم النمو في لبنان، كما تساهم الحرب في سورية في إضعاف كل النشاطات، خاصة النشاط التجاري والزراعي، كما أدت الأحداث في العراق مؤخراً إلى تراجع النشاط التجاري، وإن لم تبدأ النتائج بالظهور.

إلى ذلك، تعيش دول أخرى تحت وطأة النزاعات المسلحة، فالعراق ومنذ سيطرة داعش على مناطق الموصل، الفلوجة، سنجار، صلاح الدين في شمال العراق، وتزايد أعمال العنف، دخل بدوره في دائرة التباطؤ الاقتصادي، ويعيش الاقتصاد منذ بداية العام أزمة حادة بسبب الخلافات السياسية، ولم تفلح جميع المحاولات في إقرار موازنة للبلاد، بالإضافة إلى انتشار الفساد والمحسوبية، ما يجعل العراق في قائمة الدول النامية بالرغم من ثرواته الطبيعية، واحتلاله المركز الثاني بعد المملكة العربية السعودية في إنتاج النفط.

أما في اليمن وليبيا، فقد بقي الوضع الاقتصادي القاتم مسيطرا، بسبب انعدام الأمن المتزايد، ويقول تقرير البنك الدولي إنه ما تزال الاحداث في ليبيا وسيطرة الميليشيات العامل الاساسي في تردي النمو وتباطؤ الاقتصاد، خاصة وأن حدة المعارك بين مكونات المجتمع الليبي آخذة في التصاعد.

وبالنتيجة انخفض إنتاج النفط بشكل كبير، إذ لم تنتج ليبيا أكثر من 500 ألف برميل يوميا في شهر يوليو، مقارنة بـ 1.4 مليون برميل يوميا  قبل عام 2011 ، ويبقى إنتاج النفط مرهونا بانحسار أعمال العنف.

وفي اليمن لا تزال عائدات إنتاج النفط الخام والصادرات في انخفاض بسبب تخريب في حقول النفط، خلال الأشهر الخمسة الأولى من عام 2014،  كما انخفضت عائدات النفط الحكومية الى النصف مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي.

وقد تدهورت الحالة المالية للحكومة اليمنية مما اضطرها إلى الاعتماد على الاقتراض المحلي، والذي زاد إلى 33 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2013 من 29.9 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2012.


العجز المالي
وأشار تقرير البنك الدولي الذي حمل عنوان "التوقعات والتكهنات والحقائق الاقتصادية – تحديات أمام سبعة بلدان من منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا"، إلى أن الوضع قد تفاقم بعد انتفاضات 2011، ورغم ما ظهر حديثاً من دلائل عن تحسن اقتصادي في مصر وتونس، فإن معدل النمو مازال ضعيفاً ولا يستطيع أن يخلق فرص العمل المطلوبة.

وأوضحت الخبيرة الاقتصادية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في البنك الدولي ومؤلفة التقرير ليلي موتاغي، أن هناك مخاطر نتيجة السياسات الخاطئة، مشيرة إلى أن الدراسات التي تميل نحو التفاؤل في توقعات النمو في المناطق النامية وبخاصة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، لا تأخذ في حسبانها بالضرورة المعلومات الجديدة التي تتوفر في اللحظة الأخيرة، ولا التغيرات الهيكلية التي تؤدي أحياناً إلى دفع الاقتصاد.

ولا يزال العجز المالي والدين العام من أبرز المعضلات التي تواجه هذه الدول، إذ تشهد ارتفاعات بمعدل أسرع من ذي قبل، ما يترك مجالا ضئيلا للاستثمار المعزز للنمو، كما توقف نشاط القطاع الخاص، أما الوظائف القليلة التي ظهرت في القطاع العام فقد تم شغلها عن طريق الوساطات ليبقى الشباب العاطل في حالة إحباط، وانتقل كثير من العاملين إلى القطاع غير الرسمي، لتظهر بذلك فئة ضخمة ضعيفة معرضة للصدمات الخارجية.

الى ذلك، تطرق التقرير إلى معضلة البطالة في هذه الدول، وأشار الى أن ارتفاع البطالة معضلة يتعذر حلها في هذه البلدان، كما يواجه العاملون خارج القطاع الرسمي مشاكل كبيرة، وعن هذه الأوضاع قال شانتا ديفاراجان، كبير الخبراء الاقتصاديين في منطقة أفريقيا والشرق الأوسط بالبنك الدولي: "في حين أن مشكلة ارتفاع نسبة البطالة مدمرة بشكل خاص في هذه البلدان، فهناك مشكلة أكبر تتمثل في العاملين بالقطاع غير الرسمي، فهؤلاء الناس الذين لا يتم حصرهم في إحصاءات البطالة هم في حال أسوأ لأنهم يفتقرون للأمان المادي، وغالبا ما يعيشون قرب خط الفقر".

المساهمون