السوريون يلدغون من حكومة الجبايات والتفقير

السوريون يلدغون من حكومة الجبايات والتفقير

30 اغسطس 2014
الدمار في سورية(زين الرفاعي/ فرانس برس/getty)
+ الخط -

سمى الرئيس السوري بشار الأسد أخيراً الحكومة الجديدة برئاسة رئيس مجلس الوزراء السابق وائل الحلقي دونما تغيير يذكر، حيث أبقى الأسد على 16 وزيراً ليطال التعديل ست حقائب، كان نصيب الاقتصاد منها اثنتين "الاقتصاد والتجارة الخارجية، التجارة الداخلية وحماية المستهلك" ومنح منافسه خلال مسرحية الانتخابات، حسان النوري حقيبة جديدة، بعد إحياء وزارة التنمية الإدارية، بمرسوم جمهوري خاص.

وبهذا الاسلوب وعبر تأليف هذه الحكومة، يكون الأسد الابن قد رد على المتفائلين الذين بنوا آمالاً على المبادرة المصرية العربية، أو لقاء أوسلو، أو حتى ظنوا أن ثمة تغييراً سيطال الذهنية بعد خسائر النظام السوري على الأرض وإرسال التوابيت بالمئات لمناطق حواضنه، وإدانته كمجرم حرب خلال آخر تقرير صدر عن الأمم المتحدة، ليرد: لا شيء تغير أو سيتغيّر في السياسة السورية، وها أنا أعيد تشكيل حكومة من مواد قديمة ومستعملة، بصرف النظر عن طاقتها الإنتاجية ونوعية الإنتاج، ولا تبديل أو تغيير أو حلول، بل سأمضي في "مكافحة الإرهاب وتجويع السوريين" إلى أن يقضي الله أمراً كان مفعولاً.

الاقتصاد المشوش

تبدو هذه الرسالة بشقها السياسي واضحة، لكل من يهمه الأمر، من العرب وأصدقاء الشعب السوري، وصولاً لمجلس الأمن والأمم المتحدة، ويبقى الشق الاقتصادي مشوباً ببعض التشويش، بعد الإبقاء على وزير المال الذي يمتهن الجباية ولا يعرف إلى علم البدائل وزيادة الموارد سبيلاً، وعلى وزير الصناعة الذي يعلن الفشل المستمر في إعادة دوران عجلة الإنتاج وأن لا حلول سوى الخصخصة.

اعتمد الاسد في حكومته الجديدة على تغيير وزيري التجارة الداخلية والخارجية، فمن هما الوزيران القديمان؟ وماذا ارتكبا؟ ومن هما البديلان وما علاقتهما بالاقتصاد؟ وماذا لديهما من تراكم خبرة في التصدير والاستيراد والحفاظ على مستوى عرض وأسعار؟

جاء وزير الاقتصاد والتجارة الخارجية المعزول خضر أورفلي خلفاً لسابقه محمد ظافر محبك خلال التعديل الوزاري في تموز/يوليو عام 2013، وكذلك سمير قاضي أمين وزيراً للتجارة الداخلية وحماية المستهلك، ملئاً للفراغ الذي شكله تفريغ قدري الجميل الذي كان يشغل المنصب الوزاري، إضافة إلى موقعه كنائب اقتصادي، بعد تفريغه بمنصب النائب، ما يعني أن الوزيرين اللذين أبعدا عن الحكومة الجديدة، هما حديثا العهد، ولم يكونا سبباً في نقص تدفق الصادرات السورية للأسواق العالمية، أو عدم فتح أسواق جديدة تغطي ما تعانيه السوق السورية من سلع أو ترفدها بفائض الإنتاج السوري، لأن وزير التجارة الخارجية المعزول أورفلي، تسلم من سلفه محبك بعد قرار جامعة الدول العربية والاتحاد الأوروبي محاصرة اقتصاد بشار الأسد.

وتسلم وزير التجارة الداخلية قاضي أمين منصبه، بعد تهديم النظام بنى الإنتاج وهياكله، وبعد معاناة السوق من نقص عرض السلع وتفشي غش المنتجات وارتفاع الأسعار، ليس القصد، كي لا يساء الفهم، الدفاع عن الوزيرين السابقيين، فهما كما سواهما يعملان في آلة ليس لهما قرار تشغيلها وحجم ونوع إنتاجها، لأن من بدهيات الخصوصية السورية، هو إدارة الاقتصاد بعقلية سياسة الممانعة، وتنفيذ السلطة التنفيذية ما يُملى عليها من المكتب الاقتصادي في قيادة حزب البعث الحاكم القطرية، أو ما يفرض من مكاتب الأمن بهدف "المصلحة العامة".

سياسة الممانعة

ولكن، ولأن ثمة هامشاً وإن جد محدود، ولأن كوارث اقتصادية عصفت بسورية، لماذا لم يطل التغيير من ساهم في تراجع سعر صرف الليرة السورية، وبلوغ نسبة التضخم 170 في المائة، فيبقى وزير المال في منصبه ولا يؤتى على حاكم مصرف سورية المركزي من ذكر، ولمذا لم يبدل بشار الأسد من يرفع الراية البيضاء حتى في تأمين رواتب العمال في القطاع الصناعي.

ربما، وفي محاولة للإجابة عن هذه الأسئلة، هؤلاء يحققون سياسة الممانعة، سياسة التجويع والتفقير والتشريد،  والتي ليس شرطاً أن تتناسب مع حقوق وتطلعات السوريين، كما ان الأسد يؤثر برسالته الاقتصادية أن تتواءم مع تلك السياسية، أن لا تغيير في النهج، ورمى بهذين الوزيرين كقرابين عله يمتص بعضاً من غضب السوريين الذين ضاقوا بالفقر بعد بلوغه 52 في المائة، ونقص السلع الغذائية، بعدما تضاعفت الأسعار أكثر من 300 في المائة.

ويأتي بشار الاسد، ليؤلف حكومة جديدة، وليأتي بوزيرين جديدين، لا خلفية لهما في العمل الاقتصادي أو السوق، فالأول، حسان صفية، وزير التجارة الداخلية وحماية المستهلك، وهو محام ولا سابقة له بالعمل الحكومي أو الاقتصادي، والثاني وزير الاقتصاد والتجارة الخارجية، تم تسويقه سريعاً فشغل منصب رئيس هيئة التخطيط والتعاون الدولي، لأن له علاقة بعائلة الأسد.

يبدو ان حكومة سحب الدعم عن السكر والأرز ورفع سعر البنزين بنسبة 25 في المائة والخبز بنسبة 66.6 في المائة اعجبت بشار الأسد، فهي الأقدر ربما على تنفيذ سياسة التهجير والتجويع، بعدما ارتفع عدد المهجرين السوريين عن خمسة ملايين وبات اثنين من كل ثلاثة سوريين فقيراً

المساهمون