فورة جنونية تحول لندن لغابة من ناطحات السحاب

فورة جنونية تحول لندن لغابة من ناطحات السحاب

24 يونيو 2014
236 ناطحة سحاب تحت الانشاء بالعاصمة البريطانية(سلفيا سونت- Getty)
+ الخط -

اختفت قبة كاتدرائية "سانت بولس" التي كانت تزين أفق سماء لندن في اللوحات الجدارية وصور حي السيتي، لتأخذ مكانها ناطحة سحاب "غيركن" على هيئة بيضة الرخّ في شارع آكس ستريت بالقرب من محطة ليفربول ستريت. ولكن بناية "ذي غيركن" أصبحت واقعة تحت ظل بناية "ذي شارد" التي تعد ناطحة السحاب الأطول في أوروبا.
وعلى الرغم من أن بناية "غيركن" جميلة معمارياً إلى حد ما، إلا أنها ستختفي تدريجياً خلال الأعوام المقبلة، وسط فورة إنشاءات جنونية، يغذيها مليارديرات العالم الباحثين عن الاستثمارات الآمنة والربح السريع. 
فهنالك مئات ناطحات السحاب التي ستنشأ في لندن خلال السنوات المقبلة، لتتحول العاصمة  البريطانية، تدريجياً، إلى مدينة أشبه بجزيرة مانهاتن أو سنغافورة أو حتى هونج كونج. وهذا ما يخشاه العديد من سكان بريطانيا.
وتشير إحصائيات بلدية لندن الصادرة في نهاية العام الماضي، إلى أن هنالك 236 ناطحة سحاب ستنشأ في لندن خلال الأعوام المقبلة، بعضها أجازته بلدية لندن ويجري تنفيذه، والآخر تحت الدراسة وربما يجاز قريباً.
من بين هذه الناطحات 189 بناية مخططة للسكن، لا يقل ارتفاع أي منها عن 20 طابقاً، و13 بناية مختلطة تجمع بين الشقق السكنية والمكاتب، وربما المحال التجارية والفنادق. كما أن من بينها 18 بناية مكتبية.
وتشير الخطط المعمارية التي سلمت إلى بلدية لندن حتى نهاية العام الماضي إلى أن 22 ناطحة سحاب من هذه البنايات سيفوق ارتفاعها 50 طابقاً. يذكر أن عمارة "ذي شارد" التي اكتملت قبل عامين على الجانب الآخر من معبر لندن بريدج، والمواجهة لحي السيتي من الجانب الآخر لضفاف نهر "تايمز"، تعد حتى الآن أعلى بناية في لندن وفي أوروبا. وهي من ناطحات السحاب التي تشتمل على مكاتب وفنادق ومحال تجارية. وربما تصبح "شارد" البناية الثانية أو الثالثة من حيث الارتفاع خلال ثلاث أو خمس سنوات.
ولمقارنة هذه الطفرة العمرانية التي شهدتها وتشهدها لندن، بما كانت عليه العاصمة في السابق، فإن عمارة "تيرليك تاور" التي بناها المعماري ايرنو غولد فينغر في العام 1972 كانت أطول عمارة في أوروبا، ولكن ارتفاعها لم يتعد 31 طابقاً.
بهذه المليارات الضخمة المتدفقة من كل أنحاء العالم، تنتقل العاصمة البريطانية ربما في عقود بسيطة من مدينة أفقية إلى مدينة رأسية، تناطح مبانيها السحاب ويحتاج الزائر إلى مدّ البصر نحو السماء لساعات، وهو يسير في أحياء السيتي وجنوب غربي نهر "تايمز" وشرقي لندن. 
ومن المفارقات أن أحد المسؤوليين في الحكومة البريطانية، حينما واجهته الصحافة، بأن هنالك خططاً لبناء 230 ناطحة سحاب في لندن، قال إنه "لا يصدق". ولكن السؤال الذي يطرحه العديد من المعماريين والشخصيات الاعتبارية المهتمة بمظهر لندن، هو لماذا هذه البنايات المرتفعة؟
بالتأكيد هنالك ضائقة سكن في العديد من أحياء لندن الاستراتيجية، وهنالك حاجة لبنايات مكتبية جديدة، لكن هل يمثل هذا الحل الأمثل؟ 
ولي العهد البريطاني الأمير تشارلز عارض في السابق العديد من المخططات السكنية، وتدخل شخصياً لإلغاء مخطط سكني في حي تشيلسي الراقي غربي لندن.
ولايزال الأمير تشارلز يتدخل للحفاظ على أفق لندن الجميل، ولكن دون جدوى. وأصدرت إحدى المؤسسات التي يرعاها الأمير تشارلز تقريراً خلال العام الماضي ينصح بانشاء بنايات سكنية يراوح ارتفاعها بين 5 إلى 8 طوابق. ويشارك العديد من المعماريين الذين يشاطرون الأمير تشارلز رأيه، ولكن عمدة مدينة لندن بوريس جونسون يعتقد خلافاً لذلك، ويقف وراء منح رخص البناء لهذه العمارات المرتفعة.
يقول جونسون في تصريحات بهذا الصدد، أدلى بها أخيراً لوسائل الإعلام البريطانية: "لايمكننا حماية الحزام الأخضر للندن عبر حظر إنشاء بنايات سكنية مرتفعة، إذا كنا نرغب في حل مشكلة ضائقة السكن بالعاصمة"، ويضيف: "نحن بحاجة إلى 400 ألف مسكن خلال العشر سنوات المقبلة".

دلالات

المساهمون