حظر سفر داعمي فلسطين مستمرّ رغم عقاب "إير فرانس"

حظر سفر داعمي فلسطين مستمرّ رغم عقاب "إير فرانس"

21 مايو 2014
خلال تحركات داعمة للفلسطينيين في فرنسا (فريدريك فلورين/فرانس برس/getty)
+ الخط -
لا تتوقف العنصرية عند حدود معيّنة، ولا تنحصر بسلوكيات مجتمعية أو ثقافية أو سياسية أو دينية، إذ تتعدى كل ذلك لتطال أي حق يرفعه الفلسطيني ويتعلق بأرضه المحتلة وبلده المنهوب.

ويدخل في جوقة العنصرية إضافة الى سلطة الاحتلال، شبكة واسعة من الفئات التي تضم شركات كبرى تعلن انحيازها الصريح في تنفيذ التعليمات الاسرائيلية ضد الفلسطينيين... ومَن يتضامن معهم.

ومن ضمن هذه الشركات، تبرز شركة الطيران الفرنسية "إير فرانس" التي جرى تغريمها يوم أمس بمبلغ قدره 40 ألف يورو، كونها مارست سياسة "التمييز" (وفق محكمة الاستئناف في باريس)، بعدما أجبرت إحدى الناشطات الفلسطينيات على النزول من طائرة متوجهة الى مطار تل أبيب، كونها ليست يهودية.

تفاصيل القضية

في العام 2012، كانت الناشطة حرية عنقور، من ضمن مئات الناشطين من ضمن حملة "أهلاً بكم في فلسطين"، التي تقوم على استخدام مطار "بن جوريون" للوصول الى الاراضي المحتلة، والاشهار للسلطات الأمنية الاسرائيلية عن نيتهم الذهاب الى الضفة الغربية للمشاركة في فاعليات تضامنية مع الفلسطينيين، وذلك من ضمن حملة عالمية لانتزاع حق الناشطين في الاعلان عن تضامنهم مع القضية الفلسطينية، وكسراً للحصار الذي تفرضه قوات الاحتلال على الفلسطينيين.

وتحت هذا العنوان، استقلت عنقور طائرة "إير فرانس" المتوجهة من "نيس" الفرنسية نحو مطار بن جوريون. إلا أن عدم امتلاك عنقور جواز سفر إسرائيلياً، أثار الشركة، التي سألت عبر إحدى موظفاتها عنقور إنْ كانت يهودية أم إسرائيلية، وحين أتى الجواب بالنفي، أُجبرت الأخيرة على النزول من الطائرة ومُنعت من السفر.

هكذا، توجهت عنقور نحو القضاء متهمة شركة "إير فرانس" بالتمييز، وبعد عامين من هذه الحادثة، انتهت القضية يوم أمس، بتغريم الشركة 10 آلاف يورو، إضافة الى دفعها 30 ألف يورو لعنقور كعطل وضرر. إلا أن المحكمة لم تجبر الشركة على نشر الحكم في وسائل الاعلام، ما أثار استهجان المدافعين عن قضية عنقور، وفق ما أكدت وكالة الأنباء الفرنسية.

ونقلت الوكالة عن المحامية كليمنس بكتارت، التي كانت تتولى الدفاع عن عنقور قولها: "نحن بالطبع مرتاحون لهذا الحكم إلا أننا كنا نفضّل لو أنه نُشر في الصحافة نظراً لسلوك شركة إير فرانس التي أصرّت على عدم تحمّل مسؤولياتها في هذه المسألة".

في حين قال محامي شركة الطيران فابريس برادون: "ما كان علينا أن نطرح سؤالاً حول ديانة الراكبة، هذا كان خطأ، ولو أنه حصل لأسباب إنسانية بهدف تجنيب المشتكية اعتقالها لدى وصولها من قبل السلطات الإسرائيلية، وإدارة الشركة أعطت تعليمات بتجنّب تكرار حوادث من هذا النوع".

ليست الشركة الوحيدة

إلا أن واقعة "إير فرانس" ليست الوحيدة في هذا المجال. فقد تم منع عدد من النشطاء المؤيدين للفلسطينيين من التوجه الى الاراضي المحتلة للمشاركة في فاعلية داعمة للقضية الفلسطينية، بعدما وضعت السلطات الاسرائيلية أسماء الناشطين على لائحة سوداء ووزعتها على عدد من شركات الطيران الأوروبية، وفق عدد من الصحف التي كتبت عن هذه القضية منذ عامين.

ووفق وكالة أسوشيتد برس الأميركية، فقد واجهت شركات الطيران الرئيسية في أوروبا موجة من غضب الركاب بعد إلغاء نحو 300 تذكرة لناشطين منعوا من السفر للتضامن مع القضية الفلسطينية بعد ضغوط إسرائيلية قوية مورست على الشركات.

وشهد العام 2012 منعاً لركاب عاديين من السفر الى فلسطين وذلك عن طريق الخطأ، وذلك في محاولات لوقف سفر حوالى ألف ناشط كانوا يريدون المشاركة في فاعليات "مرحباً بكم في فلسطين"، وفق الصحف الاسرائيلية.

وقد احتج المئات من الركاب في المطارات في جميع أنحاء أوروبا، ضد إلغاء تذاكرهم نحو فلسطين المحتلة، وذلك بعدما بدأت إسرائيل بتهديد شركات الطيران بفرض العقوبات المالية إذا استقبلت أشخاصاً موضوعين على اللائحة السوداء.

كذلك، ذكرت صحيفة "ذا جارديان" البريطانية، أن السلطات الإسرائيلية طالبت شركات الطيران بمنع حوالى 1200 ناشط من الوصول الى الاراضي الفلسطينية، في حين تم اعتقال نحو 80 ناشطاً في مطار بن جوريون.

 أهلاً بكم في فلسطين

وتهدف حملة "أهلاً بكم في فلسطين" إلى جذب الانتباه إلى سياسات إسرائيل الحدودية وظروف الحياة في ظل الاحتلال الإسرائيلي. ووصف عدد من المسؤولين الاسرائيليين الناشطين في الحملة بأنهم "مستفزون" و"مشاغبون"، وفق عدد من الصحف الاسرائيلية.

وقدّر منظمو الحملة عدد الناشطين الأجانب الذين شاركوا في الحملة بما بين 600 إلى 1000 ناشط من فرنسا وبريطانيا وبلجيكا والسويد وألمانيا والولايات المتحدة واليابان والعديد من الدول الأفريقية.
وقالت أوليفيا زيمور، الناشطة الفرنسية، لوكالة أسوشيتد برس، إن نحو نصف المشاركين كانوا من الفرنسيين.

ولأن الفلسطينيين ليس لهم مطار خاص بهم وإسرائيل تتحكم في كل مداخل الضفة الغربية ومخارجها، كان المطلوب من الناشطين الأجانب عند وصولهم الى مطار بن جوريون، أن يصرحوا لمسؤولي الجوازات الإسرائيليين بعزمهم على التوجه إلى الأراضي الفلسطينية المحتلة، وفق ما أشارت "ذا جارديان".

ويقول الناشطون، لـ"ذا جارديان"، إن سياسات إسرائيل الحدودية المجحفة تدفع الزائرين الذين ينوون السفر إلى المناطق الفلسطينية للكذب بشأن وجهتهم، وإن هذه المبادرة تهدف لجذب الانتباه إلى حق الفلسطينيين في استقبال الزائرين.

وقد استجوبت السلطات الإسرائيلية المئات من الركاب الذين وصلوا إلى مطار بن جوريون، واعتقلت 124 منهم. وجرى ترحيل أربعة، أما الباقون، حوالى 76 امرأة و38 رجلاً، فقد أودعوا في السجون، وفق ما ذكر عدد من الصحف الذي تابع هذه القضية.

وبعد تغريم "إير فرانس"، لا بد من طرح سؤال: ماذا عن الشركات الأخرى التي منعت المسافرين، وفق ديانتهم ورأيهم السياسي، من الوصول الى الاراضي المحتلة؟

 

المساهمون