التمويل يُفاقم أزمة الإسكان بالسعودية

التمويل يُفاقم أزمة الإسكان بالسعودية

31 ديسمبر 2014
تعاني سوق العقارات السعودية ركوداً بسبب تقليص التمويل(فرانس برس)
+ الخط -

لا تزال مؤسسة النقد العربي السعودي (ساما)، تحذّر المصارف وشركات
التمويل العقاري من مغبة عدم تطبيق قرارها الذي أصدرته مطلع نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، والذي نص على ألا تتجاوز نسبة القروض العقارية 70% من قيمة العقار المراد تمويل شرائه، على أن يوفر المشتري الـ 30% المتبقية دون اللجوء للاقتراض.
وبضغط من مؤشرات تُبدي نية بعض المصارف عدم الالتزام بالقرار للاستفادة من تمويل العقار بنسبة 100% كما كان الوضع قبل القرار الحكومي، بدأت المؤسسة هذا الأسبوع في رقابة المصارف وشركات التمويل العقاري للتأكد من عدم تجاوز هذا الحد من التمويل العقاري.
وتتراوح عقوبة المخالفين للقرار، بحسب أنظمة المؤسسة، بين الغرامة والإيقاف عن العمل، وتصل للسجن في بعض الحالات والإبعاد عن العمل في حالات أخرى. وقالت مصادر مصرفية لـ"العربي الجديد" إن هناك محاولات من بعض المصارف لتجاوز هذا القرار بعد هبوط مستوى المبيعات العقارية في الشهر الماضي لأقل مستوى منذ سبع سنوات، وهو ما دفع مؤسسة النقد لتشديد رقابتها على المصارف للتأكد من التزامها بالقرار.
وبينما تؤكد المصارف وشركات التمويل تضررها من القرار، تشدد مؤسسة النقد على أنها لن تتراجع عن قرارها، مؤكدة أن: "من غير المنطقي التراجع عن أي قرار قبل أن يأخذ وقته الكامل، وبما لا يقل عن عام على الأقل قبل المراجعة ورصد التبعات على أرض الواقع".
ويتركز معظم الطلب على العقارات بين محدودي ومتوسطي الدخل الذين لا يستطيعون برواتبهم الصغيرة التأهل للحصول على قروض مصرفية لشراء المنازل، وفي الوقت ذاته ينفقون جزءاً كبيراً من الدخل على الإيجارات التي ترتفع بين 7 و10%.


انتقادات

ويقول الرئيس السابق للغرفة التجارية في المنطقة الشرقية، عبدالرحمن الراشد، إن القرار الذي تدافع عنه مؤسسة النقد بقوة، هو ما يدفع السوق العقارية للركود كونها مبنية بالدرجة الأولى على القروض التمويلية. وأضاف، في مقابلة مع "العربي الجديد"، "مثل هذه القرارات هي ما تسبب الركود المقبل لأسعار العقارات. سيكون هناك تغيير كبير في طريقة البيع، فحركة العقار ستتأثر كثيراً وستسبب في هبوط الأسعار، لأن حركة البيع ستتوقف والمطورين لن يُنشئوا مشروعات جديدة".
وأضاف: "يجب أن تتدخل وزارة الإسكان في دعم طالبي السكن بمنحهم قروضاً إضافية عن طريق المصارف لتوفير المبلغ المطلوب. كثيرون يبحثون عن بيوت جاهزة والوزارة مطالبة بدعم المطورين لتوفير البيوت بعد أن تؤهلهم بشكل جيد".
وتسعى الحكومة السعودية منذ سنوات إلى التغلب على مشكلة نقص المعروض السكني، ولا سيما لذوي الدخل المنخفض في البلاد، التي يعيش فيها نحو ثلاثين مليون نسمة، لكن ظلت وتيرة تنفيذ برنامج الإسكان الطموح بطيئة الخطى رغم الثروة النفطية للمملكة، وفي ظل صعوبة حصول الوزارة على الأراضي اللازمة لتنفيذ مشروعاتها. وبحسب تقديرات متخصصة، يعيش نحو 60% من المواطنين السعوديين، الذين يقارب عددهم عشرين مليوناً، في شقق مستأجرة.

تباطؤ السوق

وتشهد السوق العقارية السعودية في الفترة الحالية تباطؤاً كبيراً في عمليات التمويل وتنفيذ شراء العقارات يرجعه المختصون لقرارات مؤسسة النقد المتشددة. وسجلت مبيعات الفلل السكنية الجديدة تراجعاً لأول مرة منذ تسع سنوات بلغ 34% دفعة واحدة في وقت سجلت فيه البيوت المستعملة تراجعاً كبيراً أيضاً بنسبة 11.9%، والشقق السكنية بنسبة 3%، والعمائر السكنية بنسبة 42.5%، ولم تتجاوز سقف الفلل المباعة في مختلف المدن السعودية الـ 43 فيلا فقط بنسبة تصل لـ74.2%، وفق تقارير متخصصة.

وشمل التراجع مختلف القطاعات العقارية، فسجل متوسط قيمة الصفقات الأسبوعية للقطاع السكني في السعودية تراجعاً بنسبة 0.4%، لتستقر قيمة الصفقات السكنية عند 5.6 مليارات ريال (1.5 مليار دولار).
وأمام تلك الصورة، يحذّر المخمّن العقاري، علي الكاشف، من أن تشدد مؤسسة النقد في تقليص نسبة التمويل، سيؤدي
إلى كساد في العقارات، مطالباً بمراجعته بدلاً من معاقبة المصارف عند تجاوزه. وقال الكاشف لـ"العربي الجديد": "قرار توفير الـ30% عن طريق المشتري الذي أصدرته مؤسسة النقد أثّر بشكل سلبي في قدرة المواطنين على الشراء، فغالبية المشترين لا يستطيعون توفير 500 ألف ريال (133 ألف دولار) هي ثلث قيمة مسكن خاص متوسط، وبالتالي توقفت حركة البيع".
وأضاف الكاشف أن القرار، وُضع في الأساس لحماية مصلحة المصارف، وتخوفاً من هبوط أسعار العقارات. وتابع: "عند هبوط أسعار العقار سيكون المصرف قد أمّن نفسه بشكل جيد لأنه لم يدفع سوى 70% من قيمة العقار، وبالتالي يستطيع استرجاع القرض في وقت سيتبخر فيه ما دفعه المواطن".
وبحسب تقرير لشركة "كابيتاس غروب"، تسجل أسعار الفلل الصغيرة في السعودية (أقل من 350 متراً) ارتفاعاً أسرع من أسعار الفيلات الأكبر. وأكّد التقرير الرسمي أن: "الفيلات ذات الأسعار المعقولة والتي تبلغ مساحتها 350 مترًا مربّعًا تُباع حالياً بنحو 1.2 مليون ريال، مقابل 900 ألف ريال فقط العام الماضي".
وقال رئيس مجلس إدارة شركة مساكن العقارية، عبد المجيد الشنوان، إن تشدد مؤسسة النقد سيؤدي إلى ركود عقاري مرشح للتفاقم مع الوقت. وأضاف، في تصريحات لـ "العربي الجديد"، أن القرار أثّر منذ صدوره في حركة السوق العقارية وتسبب في ضعفها، لأن 90% من المبيعات تأتي عبر التمويل العقاري، محذراً من أن الهبوط سيكون أكثر بكثير في العام المقبل.
وتزيد حدة أزمة السكن بالسعودية، بفعل ارتفاع أسعار الأراضي لأكثر من 2000 ريال كمتوسط سعر للمتر الواحد، بينما تجاوزت أسعار الفلل الصغيرة ذات مساحة 370 متراً أكثر من 2.5 مليون ريال داخل المدن، ولقرابة 1.5 مليون ريال على أطراف المدن.

الدولار يساوي 3.75 ريالات سعودية