العدوان الإسرائيلي يخنق عقارات فلسطين

العدوان الإسرائيلي يخنق عقارات فلسطين

28 أكتوبر 2014
حالة ضبابية تكتنف عقارات فلسطين(عبد الحكيم أبو رياش/العربي الجديد)
+ الخط -

تعيش أسواق العقارات في فلسطين، ركوداً في مناطق وتزدهر في أخرى، ففي حين يعيش سوق العقارات في قطاع غزة كساداً كبيراً، وينتظر خطوات عملية لإنعاشه من حالته التي انعكست على سوق الإنشاءات والتشييد بشكل عام، يعيش سوق العقارات في الضفة الغربية وضعاً معاكساً تماماً، وتزدهر فيه حركة البيع والشراء والطلب على العقارات.

وبحسب عاملين في أسواق العقارات في فلسطين، تراجعت أسعار الشقق السكنية وأراضي البناء، بعد أن كانت قد شهدت تحسناً عقب دخول مواد البناء عبر الأنفاق الحدودية مع مصر مطلع العام الجاري، لكن العدوان الإسرائيلي الأخير على قطاع غزة وتضييق الخناق على المنافذ الحدودية، عمل على تأزيم الوضع وشل حركة أسواق العقارات بشكل كبير.

غزة.. انتظار الإعمار

إن كان هناك عقارات لم تتضرر في القطاع، الذي عاش حرباً شعواء قبل أشهر، فإن بقية العقارات لا تجد من يستأجرها أو يلتفت لها، وينتظر العاملون في هذا القطاع بلهفة كبيرة، البدء في عملية إعادة إعمار غزة، بعد أن تعرض للتدمير في العدوان الإسرائيلي الأخير الذي تعرض له في يوليو/تموز الماضي، ولمدة 51 يوماً، وخلف دماراً هائلاً في العقارات والمصانع والمنشآت.


ويرتبط سوق العقارات في القطاع بشكل مباشر مع عدد كبير من الأنشطة الاستثمارية، وينتظر المستثمرون فيه بدء النشاط العمراني الذي قالوا إنه سيعمل على تنشيط حركة بيع وشراء العقارات المتوقفة منذ فترة طويلة بسبب الحالة الضبابية التي تكتنف سوق العقارات بمختلف قطاعاته.

ويجمع عدد من الخبراء الاقتصاديين والمستثمرين والسماسرة الفلسطينيين على أن الأوضاع الاقتصادية والسياسية غير المستقرة في القطاع، والتضييق الحاصل عليها، أدى إلى شلل حركة السوق العقاري، بانتظار ما ستحمله التحركات الحكومية بالتنسيق مع الأمم المتحدة لتحريك أموال المانحين البالغة 2.5 مليار دولار، لإعادة إعمار القطاع، التي تم التعهد بها في مؤتمر إعادة الإعمار في القاهرة، قبل أسبوعين.

الإسمنت.. مفتاح الحل

يقول محمود عليان، صاحب أحد مكاتب بيع وشراء العقارات في مدينة غزة، إن سوق العقارات متوقف بشكل كامل، مشيراً إلى أن سوق العقارات لم يعمل بأكثر من 1% منذ العدوان الإسرائيلي المتوسع.

ويضيف: "عملنا الآن يقتصر على سؤال الزبون وجواب التاجر، دون أن يتم تنفيذ أي صفقة أو عملية شرائية، وذلك بفعل تخوف المواطنين والأسعار المرتفعة للعقارات في ظل الوضع الاقتصادي المتردي للغاية"، وذكر أن العمل قبل الحرب على غزة كان ضعيفاً، لكنه أصبح الآن بحسبه "معدوماً".

وأكد أن "الإسمنت" هو المتحكم الأول بسوق العقارات في قطاع غزة، مشيراً إلى أنه يعمل على تنشيط الحركة الاقتصادية والإنشائية، وينعكس على حركة بيع وشراء العقارات وتبديلها، مشدداً على أهمية فتح المعابر وإدخال المستلزمات الأساسية لقطاع غزة، ليتمكن سوق العقارات من استعادة مكانته السابقة".

من جهته قال السمسار (وسيط عقاري) أبو محمد قنديل، إنه منذ بدء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة وحتى الآن، لم يتمكن من بيع أي عقار، موضحاً أن الأوضاع الصعبة التي يعيشها السوق العقاري لم يمر بها من قبل، حتى بعد حرب 2009-2008.

وأشار إلى أن عدم حصول الناس على تعويضات بعد الحرب، ساهم في توقف وشلل حركة السوق العقاري في قطاع غزة بأكمله، موضحاً أن آلاف النازحين لن يتمكنوا من شراء البيوت اللازمة لإيوائهم لعدم امتلاكهم الأموال اللازمة، وبيع أراضيهم لتوقف حركة البيع والشراء.

ويضيف قنديل: "لا يمكن لأصحاب رؤوس الأموال والمستثمرين أن يقوموا بشراء الأراضي أو العقارات في مثل هذا الوضع المريب، ويفضل الجميع انتظار ما يمكن أن تؤول إليه الأوضاع، وستنشط حركة السوق العقاري في اللحظة الأولى التي يتم فيها إدخال مواد البناء".

رؤية ضبابية

يؤكد الخبير الاقتصادي، ورئيس مؤسسة بال ثينك للدراسات الاستراتيجية، عمر شعبان، في تصريحات لـ "العربي الجديد" بأن حالة الخمول في السوق العقارية، ناتج عن عدم وضوح الرؤية، ما أدى إلى توقف بيع وشراء العقارات، ومفاقمة حدوث ركود وشلل في مختلف الأنشطة العقارية، التي ترتبط ارتباطاً وثيقاً بعدد من الاستثمارات الأخرى.

وأوضح، أن سوق العقارات، يعد أحد أهم المؤشرات التي تؤخذ بعين الاعتبار في تقييم اقتصاد منطقة أو دولة ما، حيث يعبر بشكل واضح عن النشاط الاقتصادي، إضافة إلى كونه سوقاً أساسياً يستثمر فيه مئات الملايين من الدولارات.

وأشار إلى أن سوق العقارات يعتمد على البناء والتشييد، الذي يعتبر أحد أهم مصادر فرص العمل والذي يؤثر الركود فيه بعملية خلق فرص العمل، ويضيف: "الانتظار يقتل الاقتصاد، ومع ذلك ينتظر الاقتصاد الفلسطيني إعادة الإعمار لإنعاشه".

ويوافقه الرأي الخبير الاقتصادي، معين رجب، الذي يؤكد على أن سوق العقارات يعتبر أحد أهم الأنشطة الاقتصادية لارتباطه بالأراضي والمباني والمنشآت السكنية، موضحاً أن أصحاب رؤوس الأموال، كأنوا يلجأون إلى تحويل أموالهم للعقارات، لكنهم يمتنعون الآن عن فعل هذا، بسبب حالة الركود والغموض التي تكتنف تجارة العقارات في القطاع.

الضفة الغربية.. وضع معاكس

في الضفة الغربية، وضع آخر لسوق العقارات في فلسطين، حيث يقول المقاول الفلسطيني، ربحي الحجة، إنه أنهى الشهر الماضي، بناء الشقة رقم ألف، في مدينة رام الله وسط الضفة، بعد خمس سنوات من دخوله مجال العقارات في السوق المحلية.

ويرى الحجة، في حديثه لمراسل "العربي الجديد" أن أسواق العقارات في الضفة، شهدت منذ مطلع العام 2009، ارتفاعاً كبيراً في حجم وقيمة الإنفاق على قطاع المقاولات والعقارات السكنية خاصة، لكنه يقول أن الإقبال عليها لا يزال منخفضاً.

وبحسب جريس عطا الله، رئيس اتحاد المقاولين الفلسطينيين، فإنه حتى نهاية النصف الأول من العام الجاري، فإن الضفة الغربية تمتلك أكثر من 50 ألف شقة فارغة بانتظار مشترين، سواء عن طريق البنوك، أو من خلال قروض شخصية بين المقاول والمشتري، أو الدفع النقدي.
وقال إن سوق العقارات في الضفة، على الرغم من وجود عرض عليها في الأسواق، إلا أن الطلب في ارتفاع مستمر، وأسعارها كذلك تواصل الصعود".

وأكد أن سوق العقارات، نما بنسبة 80%، خلال السنوات السبع الماضية، خاصة في مدن "رام الله وسط الضفة الغربية ونابلس شمالاً".

المساهمون