لاغارد تخالف ترامب مشيدة برفع أسعار الفائدة الأميركية

لاغارد تخالف ترامب مشيدة برفع أسعار الفائدة الأميركية

11 أكتوبر 2018
لاغارد في مؤتمرها على هامش الاجتماعات السنوية (فرانس برس)
+ الخط -

دافعت مديرة صندوق النقد الدولي كريستين لاغارد، اليوم الخميس، عن سياسة المصارف المركزية رفع أسعار الفائدة، في انتقاد ضمني للرئيس دونالد ترامب، الذي اعتبر أنّ البنك المركزي الأميركي، أو ما يُعرف باسم مجلس الاحتياط الفدرالي، "أصابه الجنون"، ويساهم في اضطرابات أسواق المال.

وتحدثت لاغارد، في وقت تشهد الأسواق المالية الآسيوية هبوطا كبيرا إثر تصريحات ترامب، وقد ألقى موقفها الضوء على التقلبات المالية التي يسعى صندوق النقد إلى معالجتها في اجتماع مشترك مع البنك الدولي، في مدينة نوسا دوا في جزيرة بالي في إندونيسيا.

وقالت لاغارد إن الزيادات التي أقرتها البنوك المركزية، مثل التي قررها الاحتياطي الفدرالي الأميركي يوم الأربعاء، مبررة، وفقا لأساسيات الاقتصاد.

وأفادت، خلال مؤتمر صحافي في بالي، بأنّ الأمر يعد "بوضوح تطورا ضروريا لتلك الاقتصاديات التي تظهر الكثير من النمو المتزايد، وارتفاعا في التضخم، وبطالة متدنية للغاية". وتابعت أن "الأمر حتمي أن تتخذ المصارف المركزية القرارات التي اتخذتها".
وقال ترامب لصحافيّين، يوم الأربعاء: "أعتقد أنّ الاحتياطي الفدرالي يرتكب خطأ. أعتقد أنّ الاحتياطي الفدرالي أصابه الجنون"، في تصريحات جاءت بعد يوم مظلم في وول ستريت، حيث هبط مؤشّر داو جونز إلى أدنى مستوى له منذ فبراير/شباط، وسط قلق المستثمرين حيال ارتفاع معدّلات الفائدة.

وخلال أسوأ جلسة منذ فبراير/شباط، انخفض مؤشّر داو جونز الصناعي 3.2%، بينما كان وصل إلى مستوى قياسي قبل 8 أيام. أما مؤشّر ناسداك فتراجع 4.1%، في أسوأ خسارة له منذ تصويت بريكست في يونيو/حزيران 2016، فيما هوى مؤشّر ستاندرد آند بورز 3.3%.

لكن وزير الخزانة الأميركي، ستيفن منوتشين، قال إن تراجع الأسواق المالية "لا يعد أمرا مرتبطا بالنظام".

وقال لوكالة "بلومبيرغ" إن "الأسواق ليست كفؤة وهي تتحرك في الاتجاهين، وأحيانا تتخطى الحدود في الاتجاهين"، وتابع "حقيقة هناك إلى حد ما تصحيح، وضعا في الاعتبار الارتفاع الذي حققه السوق ليس مفاجئا على وجه الخصوص".

وأكد أن "أسس الاقتصاد الأميركي لا تزال قوية للغاية. ولهذا أعتقد أنّ أسواق المال واصلت الأداء بنفس الجودة".

النمو في خطر

وتصريحات ترامب التي أدلى بها قُبيل انعقاد تجمّع في ولاية بنسلفانيا (شمال شرق)، استبَقتها المتحدّثة باسم البيت الأبيض ساره ساندرز، بالقول، إنّ "العوامل الأساسيّة ومُستقبل الاقتصاد الأميركي يبقيان قويَّين بشكل لا يُصدّق".
وتحدّثت ساندرز عن "النجاحات التاريخيّة لسياسة الرئيس ترامب"، مع معدّل بطالة في أدنى مستوى له منذ قرابة 50 عامًا.

ويحضر حوالي 32 ألفاً من النخبة المالية العالمية إلى منتجع بالي الإندونيسي، للمشاركة في أسبوع من المناقشات التي خيمت عليها سياسة "أميركا أولاً" التي ينتهجها ترامب.

وأفاد التقرير الصادر الأربعاء عن صندوق النقد الدولي حول الاستقرار المالي العالمي بأن النمو العالمي قد يكون في خطر إذا شهدت الأسواق الناشئة مزيداً من التدهور أو تصاعدت حدة التوترات التجارية، وهو ما يثير قلقا دوليا. وقال الصندوق، في تقريره نصف السنوي، "ظهرت نقاط ضعف جديدة ولم يتم بعد اختبار مرونة النظام المالي العالمي".

وأدى كذلك رفع أسعار الفائدة الأميركية إلى خلق حالة من البلبلة في عملات الأسواق الناشئة، حيث تجهد الدول التي اقترضت بكثافة بالدولار لتسديد ديونها بسرعة.

وقالت لاغارد، في بالي، إن على قادة العالم إصلاح الأنظمة التجارية العالمية عوضا عن تدميرها، ردا منها على النعرات القومية والحمائية المتصاعدة.

وفيما دافعت عن ارتفاع أسعار الفائدة، قالت لاغارد، اليوم الخميس، إن الزيادات غير المنسقة في الاقتصاديات المتقدمة تساهم في إغراء المستثمرين في تحويل أموالهم من الاقتصاديات الناشئة بحثاً عن عوائد أعلى، وهو ما يخلق هجرة كبيرة للأموال.

وقالت لاغارد: "بوضوح نتيجة (ارتفاع أسعار الفائدة)... سنرى وسنواصل رؤية هجرة رؤوس أموال". وأشارت إلى أن "حقيقة أن المصارف المركزية الكبيرة في الاقتصاديات المتقدمة لا تتحرك تماما بنفس الوتيرة، يسرع على الأرجح من هذه الظاهرة".

هزّة اقتصادية

وكان ترامب فرض أو هدد بفرض تعريفات جمركية أعلى على السلع المستوردة، لا سيما من الصين، وكذلك من حلفاء تقليديين مثل الاتحاد الأوروبي. وحذّر المدير العام لمنظمة التجارة العالمية، روبيرتو أزيفيدو، من أن حصول "حرب تجارية على نطاق واسع، قد يؤدي إلى تراجع (حجم) التجارة العالمية بنسبة 17.5%"، وقد يتراجع إجمالي الناتج المحلي "1.9 نقطة مئوية"، بحسب دراسة أجرتها المنظمة.


وقالت لاغارد إنها ستلتقي مسؤولين باكستانيين، اليوم الخميس، مع توقعات بأن يطلب رئيس الوزراء الباكستاني، عمران خان، من الصندوق بدء محادثات للحصول على صفقة إنقاذ محتملة لمواجهة أزمة في ميزان المدفوعات.

وتزايد العجز في ميزانية باكستان بشكل مطّرد، خلال السنوات الخمس الماضية، وتراجعت احتياطات العملة الأجنبية. وتم خفض قيمة الروبية مرارا في السنة الماضية، ما تسبب في ارتفاع التضخم.

وكان صندوق النقد الدولي خفّض توقعاته للنمو في عامي 2018 و2019، إذ توقع أن يبلغ نمو إجمالي الناتج المحلي العالمي 3.7% لكل من هذين العامين، أي أقل بـ0.2 نقطة، وهو معدل مماثل لما سجل في عام 2017.

وتعقد الاجتماعات المشتركة بين الصندوق والبنك الدولي بعد أقل من أسبوعين من زلزال أعقبه تسونامي ضرب جزيرة سوالاسي خلّف أكثر من ألفي قتيل، فيما فقد أثر آلاف أخرين.

(فرانس برس)

المساهمون