1.60 دولار للكيلوغرام.. سلطنة عمان تحطم الأرقام القياسية في تكلفة الهيدروجين المُسال

17 فبراير 2025
سيارة تعمل بالهيدروجين (Getty)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- تتميز سلطنة عمان بتكلفة منخفضة لإنتاج الهيدروجين المُسال بفضل مواردها من الطاقة الشمسية والرياح، والبنية التحتية المتطورة، مما يعزز قدرتها على التوريد للأسواق الأوروبية بحلول 2026.
- تتوقع الوكالة الدولية للطاقة أن تصل تكلفة إنتاج الهيدروجين الأخضر في عمان إلى 1.60 دولار لكل كيلوغرام بحلول 2030، مما يدعم تنويع مزيج الطاقة ويعزز أمن الطاقة.
- بدأت عمان مشاريع الهيدروجين مبكراً، مما أتاح لها بناء خبرة كبيرة، وتعاونت مع شركاء دوليين لتقليل التكاليف، مما يعزز مكانتها كوجهة استثمارية في الطاقة المستدامة.

يتميّز إنتاج الهيدروجين المُسال في سلطنة عمان بتكلفة أقل مقارنة بباقي دول المنطقة، ما يدعم توجه القطاع للتوريد إلى الأسواق الأوروبية في النصف الأول من العام المقبل (2026)، كما تخطط شركة إيكولوغ العالمية (EcoLog) لإنشاء مصنع لتسييل الهيدروجين في السلطنة بقدرة مئتي ألف طن متري سنوياً، حسب ما أعلنت رئيسة قطاع الهيدروجين في الشركة، إلين روهوتاس، خلال مشاركتها في المؤتمر العالمي للهيدروجين بالشرق الأوسط وشمال أفريقيا الذي عقد في دبي، يوم 5 فبراير/شباط الجاري.

وتُعزى تكلفة الإنتاج المنخفضة في سلطنة عُمان مقارنةً ببقية دول المنطقة إلى عوامل، منها تمتع السلطنة بموارد عالية الجودة من الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، مما يتيح إنتاج كهرباء متجددة بتكلفة منخفضة، وتوفر مساحات واسعة من الأراضي المناسبة لتطوير مشاريع الطاقة المتجددة على نطاق واسع، وامتلاك السلطنة بنية تحتية متطورة في مجال تصدير الغاز الطبيعي المُسال والأمونيا، بالإضافة إلى خبرة واسعة في التعامل مع هذه المواد، وفقاً لما أورده تقدير نشره موقع الوكالة الدولية للطاقة (IEA) الأسبوع الماضي.

ووفق التقدير ذاته، تتوقع الوكالة الدولية أن تصل تكلفة إنتاج الهيدروجين الأخضر في عُمان إلى حوالي 1.60 دولار لكل كيلوغرام بحلول عام 2030، مما يجعلها من بين الأقل عالمياً، مشيرة إلى أن خفض تكلفة الهيدروجين المُسال من شأنه تنويع مزيج الطاقة في عُمان، مما يقلل الاعتماد على الغاز الطبيعي ويعزز أمن الطاقة في السلطنة. 

كما أن زيادة إنتاج الكهرباء من مصادر متجددة من شأنها أن تؤدي إلى خفض تكاليف إنتاج الكهرباء، نظراً لانخفاض تكلفة الطاقة المتجددة مقارنة بالوقود الأحفوري، وهو ما يدعم تحول السلطنة إلى مصدر رئيسي للهيدروجين المُسال ومشتقاته، بحسب التقدير ذاته. ومع تصدُّر عُمان، كواحدة من أكبر مصدّري الهيدروجين في العالم، ستتمكن من لعب دور رئيسي في تشكيل أسعار الطاقة العالمية، خاصة في الأسواق الأوروبية التي تسعى لتحقيق الحياد الكربوني، بحسب تقدير نشرته مؤخراً منصة Green Fuel المتخصصة في مجال الطاقة المتجددة وإنتاج الهيدروجين الأخضر.

البداية المبكرة في إنتاج الهيدروجين المُسال

وفي هذا الإطار، يشير الخبير الاقتصادي العُماني، خلفان الطوقي، لـ "العربي الجديد"، إلى أن إنتاج الهيدروجين المُسال في سلطنة عمان يعد أقل كلفة مقارنة بغيرها من الدول في المنطقة لعدة أسباب رئيسية، على رأسها أن عُمان بدأت مشاريعها في هذا المجال مبكراً، إذ أطلقت شراكات مع الأوروبيين، وخاصة البلجيكيين، منذ عام 2012. 

ويوضح الطوقي أن هذه الشراكة المبكرة سمحت لعُمان ببناء خبرة كبيرة في هذا القطاع، كما جعلتها محط أنظار أوروبا بسبب موقعها الجغرافي المتميز وبيئتها الملائمة، لافتاً إلى أن عُمان تتمتع بمساحات شاسعة ومناخ صافٍ، ما يوفر بيئة مثالية لتوليد الطاقة المتجددة، خاصة طاقة الرياح. وإضافة إلى ذلك، فإن قرب هذه المناطق من السواحل وتوفر البنى التحتية المتكاملة يجعلها موقعاً مثالياً لإنتاج الهيدروجين الأخضر والغاز المُسال، وهذه العوامل مجتمعة تسهم في خفض تكاليف الإنتاج، مما يجعل عُمان وجهة جذابة للاستثمار في هذا المجال، بحسب الطوقي.

وينوه الخبير الاقتصادي العُماني إلى أن السلطنة لها تاريخ طويل في استخدام الطاقة المتجددة، خاصة في قطاع النفط والغاز، إذ تعاونت شركة تنمية نفط عُمان، وهي الشركة الرائدة في هذا القطاع، مع مقاولين دوليين لتقليل التكاليف المالية المرتبطة باستخدام الغاز الطبيعي وإيجاد بدائل أكثر استدامة. وأسفر هذا التعاون عن تجارب ناجحة، حسب تقدير الطوقي، الذي استشهد بتخصيص مساحات كبيرة لإجراء التجارب، ما ساعد في تطوير حلول مبتكرة تفيد الشركة والبلد على المدى الطويل.

ومن الأمثلة البارزة على هذه الجهود، حسبما يرى الطوقي، مشاريع في منطقة نمر البترولية، منها مشروع "أمين" و"باور نمر"، التي تهدف إلى استخدام بدائل أكثر استدامة وأقل تلويثاً للبيئة مقارنة بالغاز الطبيعي التقليدي، مؤكداً أن مشروعات كهذه تعكس التزام عُمان بتحقيق الاستدامة البيئية مع الحفاظ على الكفاءة الاقتصادية، التي تسفر في المحصلة عن كلفة أقل في إنتاج الهيدروجين المُسال.

ويخلص الطوقي إلى أن عُمان تجمع بين الموقع الجغرافي المتميز، والبنية التحتية المتطورة، والخبرة الطويلة في مجال الطاقة المتجددة، ما يجعلها رائدة في إنتاج الغاز المُسال والهيدروجين المُسال بتكلفة منخفضة، مؤكداً أن هذه العوامل تعزز من مكانة عُمان وجهةً استثماريةً مهمة في قطاع الطاقة المستدامة، مع إمكانية تحقيق فوائد اقتصادية وبيئية طويلة الأمد.

المساهمون