3 تحديات اقتصادية أمام الحكومة الجزائرية الجديدة

حكومة الأزمات بالجزائر..3 تحديات اقتصادية أمام رئيس الوزراء الجديد

26 مايو 2017
الجزائريون ينتظرون تحسّن أوضاعهم المعيشية (فرانس برس)
+ الخط -
تواجه رئيس الوزراء الجديد، عبد المجيد تبون، تحديات اقتصادية عديدة، أبرزها تقليص الاستيراد والبطالة بين الشباب وأزمة الإسكان وتآكل الاحتياطي النقدي بسبب تهاوي أسعار النفط وزيادة الأسعار.
وفي ظل تفاقم الأزمات الاقتصادية والمعيشية أطلقت الصحافة الجزائرية على وزارة "تبون" لقب "حكومة الأزمة"، مراهنة عليها في احتواء الأزمات القائمة.

وخالف الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة كل التوقعات بعدما عيّن وزير الإسكان ووزير التجارة بالنيابة عبد المجيد تبون لقيادة الحكومة، خلفا لرئيس الوزراء السابق عبد المالك سلال، الذي غادر الحكومة بعد سبع سنوات قاد فيها خمس حكومات تعثرت في مواجهة العديد من الملفات.

ويعتبر تبون، صاحب الـ 72 عاماً، حامل لواء "إسكان الجزائريين" بعدما أعاد فتح ملف مشاريع السكن الحكومية فور تعيينه على رأس قطاع السكن سنة 2012، وذلك من خلال التزامه بإقامة مليون وحدة سكنية في مختلف الصيغ التي أطلقتها الحكومة الجزائرية، بداية العشرية الماضية، وكان رئيس الوزراء الجديد تعهّد في العديد من المرات بالقضاء على أزمة السكن في الجزائر مع نهاية 2018.

وحسب خبراء اقتصاد لـ "العربي الجديد"، فإن تعيين تبون على رأس الحكومة المرتقب إعلان أسماء وزرائها، اليوم، يرجع بالأساس إلى إخفاقات سلال في تسيير العديد من الملفات، خاصة الاقتصادية، والتي أدت إلى تصادم الرجلين في العديد من المرات.

وقال الخبير الاقتصادي جمال نور الدين إن "اشتداد القبضة الحديدية مؤخرا بين تبون وسلال على خلفية تبادلهما الاتهامات حول مسؤولية تجميد مشاريع السكن الحكومية، بالإضافة إلى تسيير تبون ملف التجارة الخارجية بطريقة صارمة وتمسكه بتجميد استيراد العديد من السلع، جعلا كفّة الصراع تميل لصالحه على حساب سلال، الذي فشل في تسيير الأزمة المالية التي تمر بها البلاد".

وأضاف نور الدين لـ "العربي الجديد" أن "عبد المجيد تبون أظهر منذ أيامه الأولى في وزارة التجارة قناعاته فيما يتعلق بالتجارة الخارجية للجزائر، حيث أعلن أنه سيحارب المستوردين وسيغلق الموانئ، وتعمّد عدم تحرير رخص الاستيراد حتى الآن من أجل ربح الوقت، وهو الإجراء الذي ساعد الميزان التجاري الجزائري على امتصاص العجز بنسبة 14%، مقارنة بنفس الفترة من السنة الماضية".

وستواجه تبون متاعب إرث سلفه سلال الذي ترك له ملفات ملغمة على الصعيد الاقتصادي والاجتماعي، بداية من تسيير مرحلة بلغت فيها الأزمة المالية ذروتها وأدت إلى تأكل احتياطي البلاد من العملة الصعوبة، بالإضافة إلى امتصاص العجز الذي تعاني منه الخزينة العمومية والذي بلغ 30 مليار دولار السنة الماضية، وملفات ذات أبعاد اجتماعية كالبطالة التي بلغت 10%، وحماية القدرة الشرائية للجزائريين، بعدما ارتفعت نسبة التضخم إلى 8%.

وإلى ذلك يقول الخبير الاقتصادي ورئيس الجمعية الجزائرية للمصدرين، إسماعيل لالماس، إن "أكبر ملف ينتظر عبد المجيد تبون هو ملف تسيير احتياطي البلاد من العملة الصعبة الذي يتآكل بسرعة والمنتظر أن ينزل إلى ما تحت 100 مليار دولار، منتصف يوليو/تموز القادم، لأول مرة منذ أكثر من 10 سنوات، وقد يكون من حسن حظه أن أسعار النفط ارتفعت نوعا ما على خلفية اجتماع فيينا الأخير".

وأضاف لالماس لـ "العربي الجديد" أن ملف إعداد الموازنة العامة للسنة القادمة سيكون هو المرآة التي ستعكس خيارات وتوجهات تبون الاقتصادية والاجتماعية، ومنها خيار شد الحزام من خلال تقليص الميزانية ورفع الضرائب ثانيا، أو العودة خطوة إلى الوراء من خلال تليين بعض الإجراءات التي جاءت في الموازنات السابقة".

ويستبعد لالماس أن "يخرج تبون عن الخطوط الاقتصادية العريضة التي رسمها النظام الحاكم في الجزائر، بحكم الصلاحيات المحدودة التي يمنحها الدستور للوزير الأول (رئيس الوزراء) والتي وضعها المؤسس الدستوري بيد رئيس الجمهورية بحكم النظام الرئاسي".

وفي ظل هذه الصلاحيات المحدودة تبقى الأسئلة تطرح في الجزائر عن الأسماء المحتمل انضمامها إلى حكومة تبون، خاصة في القطاعات الاقتصادية التي تعاني من ركود، ومنها الصناعة والزراعة والاتصالات.

ويتوقّع الخبير الاقتصادي فرحات علي، في حديثه لـ "العربي الجديد"، أن يقترح تبون على الرئيس بوتفليقة بعض الأسماء لتولي القطاعات، بما يتماشى مع رؤيته واستبعاد أسماء قد تعطّله عن المسار الذي حدّده، كوزير الصناعة والمناجم عبد السلام بوشوارب الذي دخل بالعديد من المرات في حرب تصريحات مع تبون، فيما يتعلق برخص استيراد السيارات والإسمنت والحديد.

ويضيف الخبير الجزائري لـ "العربي الجديد" أن عودة وزير الطاقة السابق، شكيب خليل، إلى الحكومة ليست مستبعدة، خاصة أن تبون دافع عنه في الكثير من المرات بعد عودته من الولايات المتحدة الأميركية التي فر إليها بعد ورود اسمه في قضايا الفساد "سونطراك 1" و"سونطراك 2".

وينتظر أن تعلن الرئاسة الجزائرية عن قائمة وزراء الحكومة الجديدة، اليوم الجمعة، على أن يحدّد مجلس الوزراء أول اجتماع مع رئيس الجمهورية، في وقت لاحق من الشهر القادم، حسب الظروف الصحية للرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة.

وبالعودة لمسار رئيس الوزراء الجزائري الجديد، يعتبر تبون من بين أوائل المتخرجين من المدرسة الجزائرية للإدارة اختصاص اقتصاد ومالية سنة 1965، ليدخل عام 1975 عالم العمل السياسي بعدما عمل محافظاً في عدة ولايات قبل أن يعين عام 1992 وزيرا منتدبا للجماعات المحلية وتسند إليه بعد ذلك حقيبة وزارة الإسكان عام 1999 ثم وزارة التجارة.


المساهمون