انطلاق أعمال القمّة الاقتصادية في بيروت رسمياً

انطلاق أعمال القمّة الاقتصادية في بيروت رسمياً

20 يناير 2019
من الجلسة الافتتاحية للقمة (حسين بيضون/العربي الجديد)
+ الخط -

انطلقت رسمياً في بيروت، صباح اليوم الأحد، أعمال "القمة التنموية الاقتصادية والاجتماعية"، بحضور الرئيس اللبناني ميشال عون، ومشاركة لافتة لأمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، بثّت الروح في القمّة، بعد عزوف القادة والزعماء العرب عن المشاركة فيها، باستثناء الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز.

وأعلن عون افتتاح أعمال الدورة الرابعة من القمة التنموية العربية، قبل أن يتحدث وزير المالية السعودي، بصفته ممثلاً لرئاسة الدورة الثالثة (قمة الرياض)، تلت ذلك كلمة للرئيس اللبناني، تلتها كلمة للأمين العام للجامعة العربية، أحمد أبو الغيط.

مبادرة لبنان: مصرف عربي لإعادة الإعمار والتنمية

وفي كلمته الافتتاحية، أعلن الرئيس اللبناني التقدّم بمبادرة رامية إلى اعتماد "استراتيجية إعادة الإعمار في سبيل التنمية"، داعياً إلى وضع آليات فعالة تتماشى مع متطلبات إعادة الإعمار، وفي مقدّمتها تأسسيس مصرف عربي لإعادة الإعمار والتنمية، يتولى إعادة الإعمار في الدول المتضررة من الحروب والنزاعات، ويسهم في نموها الاقتصادي المستدام وتحقيق أهداف التنمية المستدامة.

وتساءل عون: "أين دولنا من مسيرة تحقيق الأهداف العالمية للتنمية المستدامة، من القضاء على الفقر، إلى محاربة عدم المساواة والظلم، في وقت تُهدم البيوت على رؤوس أصحابها، وتنتهك حقوق الشعوب في الحرية والعيش الكريم، وينتشر الدمار، ويغادر الملايين أوطانهم نحو دول هي أصلا تنوء تحت أحمالها وتضيق بسكانها؟".

وتابع: "لقد ضرب منطقتنا زلزال حروب متنقّلة. لسنا اليوم هنا لنناقش أسبابها والمتسبّبين فيها والمحرّضين عليها، إنّما لمعالجة نتائجها المدمّرة على الاقتصاد والنمو في بلداننا، والتي عادت بنا أشواطاً إلى الوراء".

ودعا الرئيس اللبناني، كل المؤسسات والصناديق العربية، إلى اجتماع يُعقد في بيروت، خلال الأشهر الثلاثة القادمة، لمناقشة وبلورة هذه الآليات.


وقال عون إن لبنان اقترح مشروع بيان ختامي يصدُر عن القمة حول أزمة النازحين واللاجئين، نظراً لتداعياتها الخطرة على الدول المضيفة لهم، ولما تشكله من مخاطر وجودية على النسيج الاجتماعي السائد في المنطقة.

واعتبر الرئيس اللبناني أن انعقاد هذه القمة في بيروت هو تأكيد على دور لبنان ورسالته في محيطه والعالم، مضيفاً: "كنا نتمنى أن تكون القمة مناسبة لجمع كل العرب، بحيث لا تكون هناك مقاعد شاغرة، وبذلنا كل الجهود في هذا الاتجاه، لكن العراقيل كانت أقوى".

مبادرة كويتية مدعومة قطرياً

وكان بارزاً في القمة، إعلان نائب رئيس مجلس الوزراء الكويتي، وزير الخارجية صباح الخالد الحمد الصباح، مبادرة من أمير الكويت، الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، تقضي بإنشاء صندوق الاستثمار في مجالات التكنولوجيا والاقتصاد الرقمي.

وأوضح أن رأسمال الصندوق المقترح يبلغ 200 مليون دولار، بمشاركة القطاع الخاص، وتشارك فيه الكويت بمبلغ 50 مليون دولار، أي ربع حجمه، على أن يوكل إلى الصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي، مهمة إدارة الصندوق.

ودعا البنوك ومؤسسات التمويل العربية، إلى اقتطاع نسبة من أرباحها لضمان استمرارية عمل هذا الصندوق مستقبلاً.

ثم بادر وزير المالية القطري، علي شريف العمادي، بالموافقة مباشرة على المبادرة الكويتية، معلناً توجيه أمير دولة قطر، الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، بدعم مبادرة أمير دولة الكويت، عبر مساهمة قطر بخمسين مليون دولار في رأسمال هذا الصندوق.

أبو الغيط: التنمية تحتاج نمواً حتى 7%

من جهته، أعرب أبو الغيط عن الشعور "بالحزن والأسف لعدم مشاركة وفد ليبيا، وللظروف التي أوصلت الأمور إلى هذه النقطة"، وقال: "أنا على ثقة في حكمتكم (للرئيس عون) لاحتواء تداعيات تلك الأزمة، لأن لبنان وليبيا بلدان عزيزان على العرب، ونأمل أن تبذلوا جهداً في هذا الاتجاه".

وقال أبو الغيط إنه لا استقرار مستداماً من دون نمو شامل، مضيفاً أن "السبيل إلى التنمية صار معروفاً، وهو ليس سهلاً، وقد سلكه غيرنا من قبلنا وصارت له متطلبات، أولها تحقيق معدلات عالية من النمو الاقتصادي لا تقل عن 6% أو 7% نمواً لفترة زمنية ممتدة".

ولفت إلى أن معدلات النمو الحالية ليست كافية لتحقيق الطفرة التنموية المنشودة، وهذا يبقى رهناً باستقرار سياسي وأمني تدفع ثمن غيابه بعض الدول، مضيفاً أنه "رغم جهود بذلت في السنوات الماضية من أجل النهوض الاقتصادي، لا تزال المنطقة العربية بعيدة عن إطلاق إمكاناتها الكاملة".

في السياق، أشار أبو الغيط إلى أن "البنود المطروحة على طاولة القمة تتضمن عدداً من المبادرات والمشروعات، ونتطلع إلى أن تجد طريقها نحو التنفيذ، من أجل تحقيق التكامل الاقتصادي العربي".

ولاحظ أن نصف صادرات العالم العربي من المواد البترولية، وأن الحاجة كبيرة إلى تنويع الاقتصادات، من أجل تحصينها من التقلبات المرتبطة بأسعار الطاقة، فضلاً عن الحاجة إلى تحسين بيئة الأعمال وتعزيز التنافسية وريادة الأعمال والمبادرة.

كما لفت إلى أن الدول العربية لديها أكثر سكان العالم شباباً و"هذه سمة قد تتحول إلى عبء على الاقتصادات ومحرك للاضطرابات وبيئة خصبة لشتى شؤون التطرف".

الأعلى بطالة

وبعد الجلسة الافتتاحية للقمة، عُقدت جلسة العمل الأولى، وهي جلسة علنية تحدّث فيها النائب الأول لرئيس البنك الدولي، محمود محيي الدين، حول موضوع "تمويل التنمية"، حيث أكد أن الموازنات العامة في الدول العربية شهدت تحسنا خلال العام الماضي، وبلغت 4.5% في المتوسط.

وأشار إلى أن القمة تنعقد في ظل هشاشة اقتصادية، كما نشهد تغيرا في موازين القوى الاقتصادية العالمية، بالتزامن مع الأزمة المالية العالمية.

ولفت محيي الدين في كلمته إلى أن الاقتصاد العربي يتعرض لتغيرات في عصر المربكات الكبرى (نزوح البشر، تغيرات في المناخ، تسارع وتيرة التكنولوجيا).

وأوضح أن "العالم العربي يحظى بأعلى نسبة بطالة في العالم، وأن المجتمع العربي هو مجتمع شبابي، ويجب الاستفادة من هذه المعايير بالتنمية في البشر".

واعتبر أن هناك معوقات في التجارة العربية ومشاكل في المعايير، مقترحاً أن تكون هناك استراتيجيات متكاملة للتجارة الإلكترونية. كما اعتبر أن التنمية المستدامة لن تتقدم إلا في ظل تطور العلم واستخدام التكنولوجيا.




بدوره، دعا رامي الحمد الله، رئيس الوزراء الفلسطيني، إلى تخصيص المزيد من الدعم المادي والسياسي للقدس، لمواجهة مخططات التهويد. وقال إن العائق الأكبر أمام النمو الاقتصادي الفلسطيني هو الاحتلال الإسرائيلي، كما تحدّث عن المصالحة الوطنية، قائلا "نسعى إلى تحقيق المصالحة وإنهاء الانقسام".

وتُعقد عند الثالثة بعد الظهر جلسة العمل الثانية، لتُستأنف خلالها كلمات القادة العرب، وتُلقى فيها كلمات ممثلي المنتديات.

وعند الخامسة عصراً تُعقد جلسة العمل الثالثة وتكون مغلقة، يتم خلالها اعتماد ومناقشة مشروع جدول الأعمال، واعتماد مشاريع القرارات و"إعلان بيروت".

أما الجلسة الختامية، فتُعقد اعتباراً من السابعة والنصف مساء بالتوقيت المحلي، يلقي فيها الرئيس الموريتاني كلمة، باعتبار أن بلاده ستتولى رئاسة القمة الخامسة، على أن يلقي بعدها عون كلمة ختامية للقمة.

المساهمون