واشنطن قلقة من تلويح الرئيس الإيراني بورقة بكين الاستثمارية

واشنطن قلقة من تلويح الرئيس الإيراني بورقة بكين الاستثمارية

24 يونيو 2021
فوز ساحق للتيار المحافظ في إيران في الانتخابات الرئاسية الأخيرة
+ الخط -

يعزز فوز الرئيس المحافظ إبراهيم رئيسي بالانتخابات الإيرانية النفوذ التجاري والاقتصادي للصين في المنطقة العربية، وفق مراقبين.

وكان مستشار الرئيس الإيراني الجديد للشؤون البترولية علي رضا زيغامي قد ذكر في لقاء مع نشرة "أس آند بي غلوبال"، يوم الخميس، أن طهران ستعتمد أكثر على الصين في تمويل خطط التوسع في الإنتاج النفطي.
وتقوم خطط رئيسي على تبني منظور "الاقتصاد المقاوم" وتقليص مبيعات النفط الخام والاعتماد أكثر على الشركات الصينية والقدرات المحلية في تطوير صناعة الطاقة.
وبينما يسعى التحالف الرأسمالي الغربي لعزل الصين واحتواء تمددها التجاري والاقتصادي في العالم، تركز بكين على تعزيز نفوذها الاقتصادي في منطقة الخليج الغنية بالطاقة وتربطها بها شراكات تجارية قوية مع تراجع أهمية السوق الأميركية لصادرات النفط الخليجية بعد ثورة النفط الصخري.
ووقعت الصين خلال السنوات الماضية اتفاقيات شراكة استراتيجية مع بعض دول الخليج والسعودية ومصر والسودان وإيران، كما رفعت حجم صفقات "تبادل العملات" مع الإمارات وعدة دول عربية وتركيا. كما تشارك شركات التقنية في معظم مشاريع التقنية والتحول الاقتصادي بالمنطقة، مثل مشروع "سمارت دبي" وخطة التحول الاقتصادي في السعودية.
وباتت الصين المشتري الرئيسي للنفط العربي خلال السنوات الأخيرة، إذ ارتفع حجم استهلاكها إلى نحو 13 مليون برميل يومياً، حسب البيانات الصينية في شهر مايو/ أيار الماضي. وتستورد الصين نحو 72% من النفط الذي تستهلكه من المنطقة العربية، خاصة من السعودية والإمارات.
ويتوقع محللون أن تعزز الانتخابات الإيرانية هذا التوجه مع وصول رئيس جديد محافظ إلى الحكم هو إبراهيم رئيسي، الذي لا يبدي حماسة لمفاوضات البرنامج النووي. كما يرفض رئيسي أيضاً خطة الرئيس الأميركي جو بايدن لإعادة التفاوض حول البرنامج النووي والشروط التي ترغب الإدارة الأميركية بإلحاقها بالمفاوضات الجديدة.
وحسب تحليل بمجلس العلاقات الخارجية الأميركي، يوم الثلاثاء، يتبنى الرئيس الإيراني الجديد إبراهيم رئيسي خطة التيار المحافظ القائمة على مبدأ "الاقتصاد المقاوم"، كما يرفض ربط محادثات "البرنامج النووي" بالصواريخ الإيرانية وسياسة طهران الإقليمية.
ويرى الخبير رى تقية، في تحليله بموقع "مجلس العلاقات الخارجية الأميركي"، يوم الثلاثاء، أن إيران ستعود لمفاوضات الملف النووي مع الولايات المتحدة في عهد رئيسي، ولكن فرص نجاح هذه المفاوضات تبدو ضئيلة.
لكن في المقابل، يرى محللون أن إيران لن تتخلى عن علاقاتها الغربية وربما ستستخدم شراكاتها التجارية والاستثمارية مع الصين للضغط على واشنطن، رغم التعليقات المتشددة الصادرة في طهران.

في هذا الصدد، نقلت وكالة "بلومبيرغ، الأربعاء، عن مدير مكتب الرئيس روحاني محمود واعظي قوله للصحافيين إن الولايات المتحدة وافقت من حيث المبدأ على رفع "كل العقوبات الاقتصادية" التي أعاد الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب فرضها وأضافها بعد انسحابه من الاتفاق في عام 2018، بما في ذلك العقوبات المتعلقة بقطاعات الطاقة والبتروكيماويات والبنوك والصلب.
وبنود الحظر التي تنوي إدارة بايدن رفعها تعد من القضايا الرئيسية التي تهم إيران في الوقت الراهن. وكانت متاعب الاقتصاد الإيراني هي القضايا الرئيسية التي أدت إلى فوز رئيسي بالانتخابات، وفق مراقبين.
ويعاني الاقتصاد الإيراني منذ تشديد الحظر الأميركي على عهد الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب من ارتفاع التضخم والغلاء، وتداعيات جائحة كورونا على النمو الاقتصادي، وارتفاع البطالة، وتدهور الريال الإيراني، وبالتالي فإن إيران بحاجة ماسة لنجاح هذه المفاوضات التي ستفتح أمامها فرص مبيعات النفط والحصول على الأموال التي تحتاجها بشدة. وكانت رويترز قد نسبت، يوم الثلاثاء، إلى شركات غربية قولها إن طهران تستعد لفك الحظر الأميركي على النفط والبتروكيماويات.
وتقول شركة "إف.جي.إي" البريطانية إن لدى إيران مخزوناً من النفط يبلغ حوالي 120 مليون برميل من الخام والمشتقات مخزنة براً، حوالي ثلثها في منشآت تخزين خارجية موجودة في الصين أساساً.
وفي المقابل، فإن لدى إدارة جو بايدن مصلحة في كسب إيران في وقت تخوض فيه منافسة شرسة على النفوذ العالمي مع بكين. وتتخوف الولايات المتحدة من تأثير الثقل الإيراني على المنطقة العربية وإفساد استراتيجية احتواء الصين تقنياً واقتصادياً وتغيير مسار النفوذ بالمنطقة وتحويله إلى بكين في وقت تقلق العديد من دول الخليج من خطط واشنطن الخاصة بحقوق الإنسان.
وتبدو واشنطن قلقة من تداعيات "مبادرة الحزام والطريق"، التي توفر التمويل لمشاريع البنى التحتية لبعض دول المنطقة وتفك ضائقة التمويلات الدولارية عبر رصيدها الضخم من الدولارات التي تقدر بنحو 3 تريليونات دولار، حيث شرعت بكين في توفير الدولارات لعدة دول بالمنطقة عبر برامج "تبادل العملات". وحسب رويترز، قال الرئيس التركي طيب رجب أردوغان إن الصين وافقت على زيادة اتفاقية "تبادل العملات" من 2.4 مليار دولار إلى 6 مليارات دولار.

وما يقلق واشنطن أيضا أن خطة "الاقتصاد المقاوم"، التي من المتوقع أن يتبناها رئيسي، تعمل على تقليص اعتماد الاقتصاد الإيراني على تصدير النفط الخام والتركيز على بيع المشتقات النفطية والبتروكيماويات، وعدم الاعتماد على التجارة الدولية وشركات الطاقة الغربية واستبدالها بالشركات الصينية والآسيوية.

المساهمون