الخزانة الأميركية تخفف العقوبات عن سورية.. وروبيو يعلّق إجراءات "قانون قيصر"

24 مايو 2025
احتفالات في دمشق بعد إعلان ترامب رفع العقوبات عن سورية (Getty)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- أعلنت وزارة الخزانة الأميركية عن تخفيف فوري للعقوبات على سورية لدعم الحكومة الانتقالية بقيادة أحمد الشرع، مع تعليق مؤقت للعقوبات الاقتصادية وفتح فرص استثمارية جديدة.
- القرار يتيح المعاملات المحظورة سابقاً، بما في ذلك الاستثمارات والخدمات المالية، ويشمل إعفاءً للمؤسسات المالية الأميركية للتعامل مع مصرف سورية المركزي، بهدف بناء الاقتصاد السوري.
- رحبت وزارة الخارجية السورية بالقرار، مؤكدةً استعدادها للتعاون مع المستثمرين الأوروبيين، وأعلن صندوق النقد الدولي استعداده لتقديم الدعم الفني لسورية.

أعلنت وزارة الخزانة الأميركية، الجمعة، تخفيفاً فورياً للعقوبات المفروضة على سورية، في خطوة تهدف إلى دعم الحكومة الانتقالية الجديدة بقيادة الرئيس أحمد الشرع

الذي تولى السلطة بعد إطاحة نظام بشار الأسد في ديسمبر/كانون الأول 2024. وأصدر مكتب مراقبة الأصول الأجنبية (OFAC) التابع لوزارة الخزانة الأميركية ترخيصاً عاماً يتيح تعليقاً مؤقتاً للعقوبات الاقتصادية المفروضة على سورية، مع الحفاظ على بعض القيود المتعلقة بالأفراد والكيانات المدرجة في قوائم العقوبات.

وقال وزير الخزانة الأميركية سكوت بيسنت، في بيان، الجمعة، إن القرار جاء تماشيا مع إعلان الرئيس دونالد ترامب وقف جميع العقوبات المفروضة على سورية، مؤكدا أن الترخيص العام الصادر عن مكتب مراقبة الأصول الأجنبية يجيز المعاملات المحظورة بموجب لوائح العقوبات المفروضة على سورية بما يؤدي فعليا لرفع العقوبات المفروضة عليها. وسيتيح الترخيص العام، حسبما نص البيان "فرصا استثمارية جديدة وأنشطة في القطاع الخاص بما يتماشى مع استراتيجية أميركا أولا". وأوضح البيان أن "وزارة الخارجية الأميركية أصدرت في الوقت ذاته إعفاء عن العقوبات بموجب قانون قيصر، بما سيمكن الشركاء الأجانب والحلفاء بالمنطقة من تحسين الأوضاع في سورية"، معتبرا أن هذه القرارات تمثل جزءا واحدا من الجهور الأميركية واسعة النطاق لرفع العقوبات المفروضة على سورية بالكامل بسبب انتهاكات نظام بشار الأسد.

وأضاف البيان: "كما وعد الرئيس، تنفذ وزارتا الخزانة والخارجية تفويضات لتشجيع استثمارات جديدة في سورية"، وشدد على أنه يجب على سورية مواصلة العمل لتتحول إلى "دولة مستقرة تنعم بالسلام"، معربا عن أمله أن تمهد إجراءات اليوم الطريق لها نحو مستقبل أفضل ومستقر. وأكد البيان أن رفع هذه العقوبات يمثل "فرصة لبداية جديدة، وبدء فصل جديد في حياة الشعب السوري"، وأن "حكومة الولايات المتحدة تلتزم بدعم استقرار سورية ووحدتها لتعيش في سلام مع جيرانها"، مضيفا أنه "تم تمديد تخفيف العقوبات ليشمل الحكومة السورية الجديدة بشرط ألا توفر البلاد ملاذا للمنظمات الإرهابية وأن تضمن أمن الأقليات الدينية والعرقية".

ويجيز القرار المعاملات المحظورة بموجب العقوبات الاقتصادية على سورية، بما في ذلك الاستثمارات الجديدة وتقديم الخدمات المالية وغيرها، والمعاملات المتعلقة بالنفط أو المنتجات النفطية السورية. ويجيز أيضا جميع المعاملات مع الحكومة السورية الجديدة ومع بعض الأشخاص المحظورين. كما أعلنت وزارة الخزانة الأميركية، أنه "تماشيا مع اللائحة العامة، تقدم شبكة مكافحة الجرائم المالية FinCEN إعفاء استثنائيا يسمح للمؤسسات المالية الأميركية بالاحتفاظ بحسابات مراسلة لمصرف سورية المركزي"، مضيفة أن هذه القرارات والتفويض "تهدف إلى المساعدة في بناء اقتصاد سورية وقطاعها المالي وبنيتها التحتية بما يتماشى مع مصالح السياسة الخارجية الأميركية".

إلى ذلك، أعلن وزير الخارجية الِأميركي ماركو روبيو، عن رفع عقوبات قانون قيصر على سورية لمدة 180 يوما (6 أشهر)، مستخدما سلطاته طبقا لنص القانون الذي يتيح له التنازل عن العقوبات لمدة معينة، دون الحصول على موافقة من الكونغرس الأميركي. أوضح الوزير في بيان له أن تنفيذ وعد الرئيس دونالد ترامب بتخفيف العقوبات على سورية من خلال رفع عقوبات قانون قيصر الإلزامية يضمن "عدم إعاقة قدرة شركائنا على القيام باستثمارات تساهم في الاستقرار وإعادة الإعمار، وأنها تسهل توفير الكهرباء والطاقة والمياه والصرف الصحي، وتساهم في زيادة فاعلية الاستجابة الإنسانية في جميع أنحاء سورية".

وأكد الوزير أنه قراره إضافة للترخيص العام الذي أصدرته وزارة الخزانة بالسماح بمعاملات الأشخاص الذين كانوا محظورين سابقا، يعنيان "رفع العقوبات فعليا عن سورية"، مضيفا أن "الرئيس ترامب يتيح للحكومة السورية فرصة لتعزيز الاستقرار والسلام داخل سورية وفي علاقاتها مع جيرانها".

وتعهدت الولايات المتحدة، أنها ستواصل رصد "التطورات الميدانية في سورية، ولفتت إلى أن القرار يعد "خطوة أولى أساسية لتنفيذ إعلان الرئيس في 13 مايو/ أيار بشأن رفع العقوبات عن سورية. وسيسهل القرار حسبما أكدت وزارة الخزانة، النشاط في جميع قطاعات الاقتصاد السوري، ويستثني "نظام الأسد السابق وتقديم أي دعم للمنظمات الإرهابية، ومرتكبي انتهاكات حقوق الإنسان وجرائم الحرب، وتجار المخدرات"، كما لا يسمح بالمعاملات تستفيد منها روسيا وإيران وكوريا الشمالية، مؤكدة أنهم داعمون رئيسيون لنظام الأسد السابق.

وكان الرئيس الأميركي قد أعلن في وقت سابق نيته رفع العقوبات عن سورية، مشيراً إلى أن "الشعب السوري عانى بما فيه الكفاية"، وأن "الوقت قد حان لمنحهم فرصة للنجاح". ويأتي هذا القرار في ظل تحركات دولية لدعم الحكومة السورية الجديدة، حيث أعلن كل من الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة تخفيف العقوبات المفروضة على سورية، بهدف دعم جهود إعادة الإعمار وتحقيق الاستقرار في البلاد. ومن المتوقع أن يسهم هذا التخفيف في تعزيز العلاقات بين سورية والمجتمع الدولي، وفتح المجال أمام الاستثمارات الأجنبية والمساعدات الإنسانية، مما قد يساعد في تحسين الأوضاع الاقتصادية والإنسانية في البلاد. ويُعد هذا القرار خطوة مهمة نحو إعادة دمج سورية في المجتمع الدولي، ودعم جهودها لتحقيق الاستقرار والتنمية بعد سنوات من الصراع والمعاناة.

وأمس الخميس، أعلن صندوق النقد الدولي استعداده لتقديم الدعم الفني لسورية بعد إعلان الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي رفع العقوبات عنها. وقالت جولي كوزاك مديرة إدارة الاتصالات في الصندوق "يستعد موظفونا لدعم جهود المجتمع الدولي الرامية إلى مساعدة سورية على إعادة تأهيل اقتصادها، حالما تسمح الظروف بذلك". وتضرر اقتصاد سورية بشدة جراء حرب أهلية دامت 14 عاماً وانتهت في ديسمبر/ كانون الأول بإسقاط  نظام بشار الأسد. وقالت كوزاك "ستحتاج سورية إلى مساعدة كبيرة لإعادة بناء مؤسساتها الاقتصادية... نحن على أهبة الاستعداد لتقديم المشورة والمساعدة الفنية الموجهة وذات الأولوية في مجالات خبرتنا". وأضافت أن الصندوق يتوقع أن يدعم رفع العقوبات جهود سورية في التغلب على التحديات الاقتصادية ودفع عجلة إعادة الإعمار. يذكر أن صندوق النقد أجرى آخر تقييم لسياسات سورية الاقتصادية في 2009.

ووافق وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي، الثلاثاء الماضي، على رفع العقوبات الاقتصادية المفروضة على سورية. وقالت كايا كالاس مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد في منشور على منصة التواصل الاجتماعي إكس بعد مناقشات مع الوزراء في بروكسل: "نريد مساعدة الشعب السوري في إعادة بناء سورية جديدة تتسم بالشمول ويعمها السلم". وذكرت كالاس "دائماً ما وقف الاتحاد الأوروبي إلى جانب السوريين طوال الأربعة عشر عاماً الماضية، وسيواصل فعل ذلك". وجاء في بيان إعلان القرار أن الاتحاد الأوروبي سيبقي على العقوبات المتعلقة بنظام بشار الأسد "بالإضافة إلى العقوبات القائمة على أسس أمنية، بما يشمل الأسلحة والتكنولوجيا التي قد تستخدم للقمع في الداخل". وأضاف البيان أن التكتل "سيطبق أيضاً تدابير تقييدية إضافية بحق منتهكي حقوق الإنسان ومن يذكون عدم الاستقرار في سورية".وقال وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني على موقع إكس "سيعزز هذا القرار الأمن والاستقرار والازدهار في سورية".

ونشرت وزارة الخارجية السورية بياناً قالت فيه إن رفع العقوبات يفتح آفاقاً جديدة للتعاون. وأضافت "تؤكد الحكومة السورية استعدادها لتعزيز أواصر التعاون مع الشركات والمستثمرين الأوروبيين، وتهيئة بيئة داعمة للإنعاش الاقتصادي والتنمية المستدامة". وقال وزير الخارجية الألماني يوهان فاديفول في بيان مكتوب "يريد الاتحاد الأوروبي أن يبدأ بداية جديدة مع سورية... لكننا نتوقع أيضاً سياسة شاملة داخلها تشمل جميع الأطياف السكانية والدينية". وأضاف "من المهم لنا أن تتمكن سورية الموحدة من تقرير مستقبلها".

وفي تعليق رسمي من دمشق، رحّبت وزارة الخارجية السورية، اليوم السبت، بالقرار الأميركي القاضي بإعفاء سورية من العقوبات المفروضة عليها، وقالت في بيان إن هذه "خطوة إيجابية في الاتجاه الصحيح للتخفيف من المعاناة الإنسانية والاقتصادية في البلاد". وأكدت الوزارة أن سورية تمد يدها لكل من يرغب في التعاون على أساس الاحترام المتبادل وعدم التدخل في الشؤون الداخلية، وتؤمن بالحوار والدبلوماسية لبناء علاقات متوازنة. وأشار البيان إلى أن سورية تُقدّر كل الشعوب والدول التي تقف إلى جانبها، مؤكدة أن المرحلة المقبلة ستكون مرحلة إعادة بناء ما دمره الإرهاب، واستعادة مكانة سورية الطبيعية في الإقليم والعالم.

المساهمون