هيئة الرقابة والتفتيش في سورية تسترد 5 مليارات ليرة خلال أكتوبر
استمع إلى الملخص
- يرى قانونيون أن الشفافية في قضايا الفساد تعتمد على قدرة الجهاز الرقابي على تحريك الدعاوى الكبرى، وتلعب الهيئة دوراً مهماً في متابعة الالتزام بالقوانين.
- رغم الإنجازات، تبقى النتائج محدودة بسبب ضعف آليات المحاسبة وتبعية الأجهزة الرقابية للسلطة التنفيذية، مما يتطلب تعزيز الشفافية والمساءلة.
أعلنت الهيئة المركزية للرقابة والتفتيش في دمشق، أمس الثلاثاء، عن تحصيل أكثر من 5 مليارات ليرة سورية خلال أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، وإنجاز 208 قضايا رقابية، في إطار ما وصفته بـ"جهود تعزيز الشفافية وصون المال العام". وقالت الهيئة، عبر قناتها الرسمية في تطبيق "تليغرام"، إنها تمكنت من تحصيل 5 مليارات و412 مليون ليرة سورية (حوالى 452,589 دولارا) فيما بلغت المبالغ المطالب بتحصيلها أكثر من 4.5 مليارات ليرة، مؤكدة أنها تواصل مراقبة أداء المؤسسات الحكومية، ورصد أوجه الخلل، واتخاذ الإجراءات القانونية بحق المقصرين.
ووفق بياناتها، أحالت الهيئة 32 قضية إلى القضاء، و220 شخصاً للمحاكمة، إضافة إلى 15 موظفاً للمسلكية ومعاقبة 274 شخصاً مسلكياً خلال الشهر ذاته. يأتي هذا الإعلان غداة كشف الهيئة عن مخالفات جمركية مرتبطة بتوريد مادة الحديد، قالت إنها تعود إلى زمن نظام بشار الأسد، وتبلغ قيمتها نحو 16 مليون دولار، في إشارة إلى قضايا قديمة أعيد فتحها ضمن جهود مكافحة الفساد واسترداد المال العام.
ورغم أهمية الأرقام المعلنة، يرى قانونيون أنّ الشفافية الفعلية في قضايا الفساد لا تُقاس بالمبالغ المحصّلة، بل بمدى قدرة الجهاز الرقابي على تحريك الدعاوى الكبرى المرتبطة بمراكز النفوذ المالي والإداري في الدولة، وهي الملفات التي غالباً ما تبقى خارج نطاق المساءلة.
رأي قانوني موسّع
في هذا السياق، قال المحامي يسر الهاشم، المتخصص بالقانون الإداري، لـ"العربي الجديد"، إنّ "هيئة الرقابة والتفتيش تلعب دوراً مهماً في متابعة الالتزام بالقوانين واللوائح المالية والإدارية داخل المؤسسات الحكومية، وهي جهة رسمية مخوّلة باتخاذ الإجراءات القانونية بحق المخالفين". وأوضح أنّ "الهيئة تخضع إدارياً لرئاسة الحكومة، وهو ما يعني أن عملها يتم ضمن الأطر التنظيمية للدولة، ويشمل متابعة المخالفات المالية والإدارية والإحالة للقضاء عند الحاجة".
وأشار إلى أنّ "القانون السوري يمنح الهيئة صلاحيات واسعة للتحقق من المخالفات وضمان صون المال العام، وتستند الإجراءات عادة إلى الملفات والقضايا التي يمكن التعامل معها وفق الأطر القانونية والإدارية المتاحة". وأضاف أنّ "الملفات التي تُحال إلى القضاء غالباً ما تشمل مخالفات مالية وإدارية تتعلق بمؤسسات مختلفة، وتتم متابعة تنفيذ العقوبات والإجراءات التأديبية وفق القوانين المعمول بها".
ولفت إلى أن "الهيئة تسعى من خلال نشاطها إلى تحقيق قدر من الشفافية والمساءلة، لكن تقييم الأثر الكامل يتطلب الاطلاع على نتائج التحقيقات النهائية ومتابعة تطبيق القرارات المتخذة". وختم بالقول إن "مكافحة الفساد وإدارة المال العام تعتمد على تكامل الجهود الرقابية والقضائية والإدارية، بما يضمن الالتزام بالقوانين وتحقيق النزاهة في الأداء المؤسسي".
تحديات مؤسسية في سورية
ويرى مراقبون أن الإعلان المتكرر عن إنجازات رقابية يعكس محاولة رسم صورة أكثر انضباطاً للمؤسسات الحكومية في سورية في ظل الضغوط الاقتصادية والاتهامات المستمرة بانتشار الفساد الإداري. ومع ذلك، تبقى النتائج الملموسة محدودة في ظل ضعف آليات المحاسبة واستمرار تبعية الأجهزة الرقابية للسلطة التنفيذية نفسها التي يُفترض أن تراقبها. ويرى خبراء أن الفساد في سورية مرتبط ببنية النظام الإداري والاقتصادي القائمة، ما يجعل الجهود الجزئية للرقابة والإصلاح محدودة التأثير على المستوى البنيوي، مع الحاجة إلى تعزيز الشفافية والمساءلة على مختلف المستويات الحكومية لضمان فعالية الإجراءات.