هل يلجأ النظام السوري لحذف الأصفار من العملة لمكافحة التضخم؟

هل يلجأ النظام السوري لحذف الأصفار من العملة لمكافحة التضخم؟

21 مايو 2022
فقدت الليرة السورية الكثير من قيمتها أمام الدولار الأميركي (Getty)
+ الخط -

أثارت صحيفة "الوطن" المقربة من النظام السوري مؤخراً الحديث عن خيار حذف الأصفار من العملة السورية التي فقدت الكثير من قيمتها، في خطوة لمكافحة التضخّم الذي وصل إلى مستويات تاريخية، فيما اعتُبر محاولة من الصحيفة لجسّ نبض الشارع وتمهيداً لخطوة سوف يقوم النظام باتخاذها في الأيام القادمة.

الصحيفة استضافت عدة مختصين وباحثين اقتصاديين، وجميعهم اتفقوا على أن حذف الأصفار ليس سياسة اقتصادية بل إجراء تقني يؤدي إلى تخفيض القيمة الاسمية للعملة المحلية دون تأثير في قيمتها الحقيقية، وأن قيمة العملة تعتمد على الوضع الاقتصادي للدولة وكفاءة الحكومة والاستقرار السياسي والقانوني والقضائي، والالتزام بالقانون الدولي والتوافق مع التغيرات الدولية إضافة إلى عدة عوامل أخرى، لذا فإن قيام النظام بهذه الخطوة دون أن تصاحبها سلسلة من الإصلاحات لن تكون غير فعالة فحسب بل ستكون فاشلة، بحسب تعبيرهم.
وأشاروا إلى أن الاقتصاد السوري لم يبدأ بعد بالتعافي الاقتصادي، وهناك ارتفاع مستمر ومزمن في الأسعار وعدم استقرار في سعر صرف الليرة، إضافة إلى الإفراط في المعروض النقدي الناجم عن سياسة التمويل بالعجز، فضلاً عن غياب وضعف الثقة في أي قرار حكومي، لهذا لن يكون قرار إزالة الأصفار من الليرة السورية غير فعال فقط، بل سيكون مجازفة خطيرة للاقتصاد، قد تؤدي إلى انهياره.

ورأى الباحث الاقتصادي في مركز جسور للدراسات خالد تركاوي في حديث لـ"العربي الجديد" أن من المستبعد أن يلجأ النظام السوري لمثل هذه الخطوة في الوقت الحالي، لأن البلاد تشهد حالة من عدم الاستقرار على كافة المستويات، وإذا ما لجأ إليها فإن العملة ستعاود الانخفاض لعدم وجود ركائز اقتصادية يمكن أن يشهد الاقتصاد من خلالها تعافياً حقيقياً بعد الأزمات العديدة التي ضربته خلال السنوات القليلة الماضية.

وأشار إلى أن عملية حذف الأصفار تحتاج إلى طباعة عملة جديدة وسحب العملة الحالية، وهذا يرهق الاقتصادات المستقرة، وكثير من الدول تطبع عملتها في الخارج لارتفاع تكلفة الطباعة محلياً، وإذا ما استطاع تجاوز كل هذه العقبات السابقة فكيف سيستطيع إقناع الشارع بقيمة الجديدة، حيث إن السوريين في الداخل يتم إجبارهم على التعامل بالليرة السورية رغماً عن أنوفهم، ولو استطاعوا التملًص منها لفعلوا ذلك ولجؤوا إلى عملات أكثر استقراراً. 

وأصدر المكتب المركزي للإحصاء في سورية في مايو/ أيار الجاري تقريراً قال فيه إن نسبة التضخم السنوي خلال عام 2020 وصلت إلى نحو 163.1 بالمئة مقارنة بنسبتها عام 2019، ووصلت نسبة التضخم السنوي للأغذية إلى 169.5 بالمئة، ولم يشر إلى النسبة في عامي 2021 و2022.

ويبلغ سعر صرف الليرة السورية في السوق الموازية أكثر من 3900 ليرة للدولار الأميركي الواحد، بينما تقدّر نسبة التضخّم بأكثر من 800 بالمئة، عمّا كانت عليه في عام 2010.

وتلجأ الحكومات لهذا الخيار في محاولة منها لوقف التهاوي المستمر في قيمة العملة مقابل العملات الأجنبية، ومعالجة التضخم القياسي للأسعار الناتج عن هذا الانهيار، ومحاولة استعادة ثقة المواطن في عملته عبر اللعب على الأسباب النفسية، وتقليل كمية النقود التي يحملها في جيبه.
واستخدم إجراء حذف الأصفار من العملة في العديد من الدول الأجنبية أهمها ألمانيا والبرازيل والأرجنتين وروسيا وتركيا وأوكرانيا وإيران، وبحسب الأرقام غير الرسمية فإن هناك نحو 20 دولة تخلصت من الأصفار في عملاتها المحلية مرة واحدة، فيما كررت 10 دول الخطوة مرتين. وربما ثلاثة، وقالت جامعة "نورث كارولينا" الأميركية إنه ومنذ عام ،1960 تم إجراء 70 حالة حذف أصفار من العملات.

المساهمون