هل يغادر حي المال في لندن عالم الأشباح بعد رفع تدابير الإغلاق؟

هل يغادر حي المال في لندن عالم الأشباح بعد رفع تدابير الإغلاق؟

29 اغسطس 2021
أشخاص قليلون في محيط حي المال (Getty)
+ الخط -

تعود الحياة إلى حي "سيتي" المالي في لندن، لكن مصحوبة بالآثار التي خلّفها وباء كورونا، ما يثير تساؤلات جديدة حيال مستقبله، بعدما أدت أزمة كوفيد-19 التي بدأت في المملكة المتحدة في إبريل/ نيسان من العام الماضي إلى فرض تدابير إغلاق على الصعيد الوطني حوّلت المركز المالي العالمي إلى مدينة أشباح.

وأُجبر موظفو حي المال المعروف أيضاً باسم "سكوير مايل" على العمل عن بعد، فيما تبنّى بعضهم منذ ذلك الحين أسلوباً هجيناً أو مرناً يقوم على العمل أحياناً من المنازل وأحياناً من المكاتب.

ورفعت بريطانيا كامل تدابير الإغلاق في يوليو/ تموز الماضي، بفضل برنامج التطعيم السريع الذي طبّقته، لكن لا يبدو أن العديد من الموظفين في عجلة من أمرهم للعودة إلى المكاتب في ظل المخاوف المرتبطة بتفشي سلاسلة "دلتا" المتحورة.

وقالت لورنا لانديلز، خبيرة العقارات المرتبطة بالشركات لدى مؤسسة "ريمت للاستشارات" لوكالة فرانس برس "لا يزال هناك تردد لدى العديدين في المخاطرة بالتعرّض للفيروس، إما في مكان العمل أو في الطريق إليه".

 أكثر من نصف مليون شخص ترددوا على حي المال وعملوا فيه قبل كورونا، ما بث الحياة في مقاهيه وحاناته ومطاعمه

وأثّرت العطل المدرسية وسياسة الحكومة لاحتواء كورونا على عودة الموظفين إلى المكاتب، لكن لم يعد على البريطانيين الذين يخالطون شخصاً مصاباً عزل أنفسهم في حال كانوا ملقّحين بالكامل.

مع ذلك، بلغت نسبة إشغال مكاتب وسط لندن 10.3% فقط من كامل طاقتها الاستيعابية في الأسبوع الذي انتهى في 20 أغسطس/ آب الجاري، وفق بيانات جمعتها "ريمت".

وقال نايجل ويلسن، رئيس شركة "ليغال آند جنرال" للتأمين في مقابلة أجرتها معه صحيفة "ذي غارديان" مؤخراً "عندما أطل من نافذة مكتبي، تبدو الشوارع خالية نوعاً ما"، مضيفاً "ما زلنا في الأيام الأولى (لإعادة فتح الاقتصاد) وأتوقع أن يعود المزيد من الأشخاص في سبتمبر/ أيلول".

في المقابل، يعتقد هاورد ديفيز، رئيس مصرف "ناتويست" والمدير السابق لهيئة الرقابة المالية في لندن بأن حي المال تغيّر للأبد، وقال لوكالة بلومبيرغ الأميركية: "انتهت تلك الأيام عندما كان 2500 شخص يدخلون من باب مكتبنا.. في الساعة 8.30 صباحاً ويخرجون عند الساعة 6 مساءً".

ويؤكد "سيبدو المشهد مختلفاً كثيراً خلال النهار، ولن تتردد على وسط لندن الأعداد التي كنا نراها في السابق.. الناس يشعرون بالقلق حيال مخاطر التنقل واكتشفوا بأنه يمكنهم القيام بالأمور بطريقة أخرى".

لكن وزير المال البريطاني ريشي سوناك يصرّ على ضرورة العودة إلى المكاتب، مشيراً إلى أن ذلك يساعد الشباب في مسيرتهم المهنية.

لكن المجموعات المصرفية العملاقة مثل "باركليز" وإتش إس بي سي" تراهن على أنماط العمل الهجينة على الأمد البعيد، وهو أمر خفف الحاجة أيضاً إلى مساحات مكتبية.

ويخطط نحو 80% من موظفي حي المال للعودة إلى مكاتبهم اعتباراً من سبتمبر/ أيلول، بحسب استطلاع نشرته مؤخراً شركة "مايكل بيج" للتوظيف، وفق فرانس برس. لكن لا يتوقع إلا 25% العودة إلى أسبوع العمل الكامل من المكاتب بأيامه الخمسة.

ويحاول المسؤولون عن حي المال إضفاء طابع إيجابي على التوقعات بالنسبة للمنطقة، والتي تطغى عليها الضبابية نتيجة بريكست (الخروج من الاتحاد الأوروبي).

وأفادت كاثرين ماكغينيس، رئيسة السياسات لدى "مؤسسة سيتي في لندن" في بيان لفرانس برس: "ما زال لدى المكاتب المركزية دور مهم تقوم به، سواء من أجل تطوير الموظفين أو معنويات الفريق أو التعاون والإبداع أو فرص إقامة علاقات أو أكثر من ذلك بكثير".

وتابعت "العديد من الموظفين أنفسهم يتوقون للعودة إلى المكتب لجزء من الأسبوع على الأقل، وستوفر عودتهم الإقبال الذي يحتاجه قطاعا الضيافة والتجزئة". وتدير المؤسسة المركز المالي التاريخي الذي يضم أيضاً "بنك إنكلترا" وكاتدرائية القديس بولس.

ويرى جوناثان بورتس، أستاذ الاقتصاد لدى "كينغز كوليدج لندن"، بأن حي المال سيحافظ على أهميته رغم تراجع الإقبال. وقال: "بينما ستتغير أنماط العمل بالتأكيد، وقد يعني ذلك بعض التغييرات في أجواء سيتي، أعتقد أن لندن ستبقى مركزاً مالياً عالمياً مهماً".

وتردّد أكثر من نصف مليون شخص على حي المال وعملوا فيه قبل الوباء، ما بث الحياة في مقاهيه وحاناته ومطاعمه.

(فرانس برس)

المساهمون