هل يعاقب ترامب النرويج بسبب مقاطعة "كاتربيلر"؟

12 سبتمبر 2025   |  آخر تحديث: 05:21 (توقيت القدس)
كاتربيلر لهدم بيوت الفلسطينيين في الضفة وغزة في 8 مارس 2025 (Getty)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- تُستخدم معدات شركة "كاتربيلر" في هدم منازل الفلسطينيين، مما أثار حملات مقاطعة عالمية ضدها، خاصة في الجامعات الأميركية، رغم رفض إدارة ترامب لهذه الدعوات.
- قرر صندوق الثروة النرويجي بيع حصته في "كاتربيلر" بقيمة 2.4 مليار دولار كخطوة أخلاقية، مما أثار غضب إدارة ترامب التي هددت بفرض عقوبات على النرويج.
- لم تعلن إسرائيل موقفاً رسمياً من القرار النرويجي، بينما دافع وزير المالية النرويجي عن موقف الصندوق، مما يعزز حركة مقاطعة إسرائيل.

 ارتبطت عدة رموز لشركات أميركية في الذاكرة الفلسطينية الحديثة، بسياسات القتل والهدم والتدمير التي تمارسها إسرائيل بحق الشعب الفلسطيني. أحد هذه الرموز شركة "كاتربيلر"، عملاق صناعة معدات البناء – أو الهدم في الحالة الفلسطينية تحديداً.

ترتبط صورة "كاتربيلر" دائماً بالجرافات والبلدوزرات العملاقة لجنود جيش الاحتلال وهم يهدمون منازل الفلسطينيين في غزة والضفة الغربية والقدس الشرقية. كان من الطبيعي أن تكون "كاتربيلر" على رأس جدول الشركات المطلوب مقاطعتها عالمياً في حملات الاحتجاج التي اجتاحت الجامعات الأميركية وعواصم العالم، رفضاً للحرب الإسرائيلية على الفلسطينيين، وكان من الطبيعي أن ترفض إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب

تلك الدعوات، بل وتذهب إلى حد اتهام كل من يتبناها أو يروج لها بمعاداة السامية.

وقد مثل قرار صندوق الثروة النرويجي بيع حصته التي تبلغ قيمتها 2.4 مليار دولار، تحديا لتوجهات إدارة ترامب  ليؤكد أن الربح ليس هو الأساس دائماً. وعلى الرغم من أن هذه الحصة لا تمثل أكثر من 1.2% من القيمة السوقية لكاتربيلر، بمعنى أنها لن تؤثر كثيراً بأداء شركة عملاقة بالمعايير العالمية والأميركية، فقد أثار القرار النرويجي غضب إدارة ترامب التي تجرم كل إجراءات المقاطعة لإسرائيل أو الشركات الداعمة لها.

الإدارة الأميركية أعربت عن "انزعاجها الشديد" من قرار الصندوق النرويجي، وقالت إنها ستثير المسألة مع حكومة النرويج، فيما قال السيناتور الجمهوري المتطرف في ترويج السياسات الإسرائيلية ليندسي غراهام، إن النرويج وصندوقها قد يواجهان خطر فرض عقوبات أميركية، بسبب القرار، بما في ذلك زيادة الرسوم الجمركية التجارية، أو فرض قيود على تأشيرات السفر لبعض الأفراد.

البون شاسع بين منطقين هنا، منطق الصندوق النرويجي الذي يقوم على أساس أخلاقي بمعزل عن السياسات الرسمية لبلاده، وإدارة ترامب التي تتبنى مبدأ "العصا والجزرة" في تعاملاتها التجارية الدولية لتخضعها للإملاءات السياسية الضيقة.

فالصندوق النرويجي قدم مبررات أخلاقية عندما اتخذ قراره بالكف عن الاستثمارات في "كاتربيلر"، وقال إنه باع حصته في "كاتربيلر"، الشهر الماضي، بسبب تزويد الشركة إسرائيل بجرافات تُستخدم في احتلال غزة والضفة الغربية.

وذكر الصندوق أن هناك خطراً في أن تكون "كاتربيلر" قد ساهمت في معاناة الأراضي الفلسطينية، مستشهداً بأدلة على أن السلطات الإسرائيلية استخدمت جرافاتها لتدمير ممتلكات بشكل غير قانوني. وأضاف أنه سيتخلص أيضاً من حصصه في أربعة بنوك إسرائيلية، من بينها أكبر مصرفين إسرائيليين من حيث الأصول، للأسباب نفسها.

غضب إدارة ترامب تجاه الصندوق النرويجي ربما لن يغير في الأمر شيئاً، فحكومة إسرائيل نفسها لم تعلن موقفاً ولم تعرب عن غضب كما يفعل أنصارها في واشنطن، رغم ذلك دافع وزير المالية النرويجي ينس ستولتنبرغ عن موقف الصندوق، وحاول في الوقت نفسه طمأنة إدارة ترامب، مذكراً بأن الصندوق، الذي يزيد حجمه عن تريليوني دولار وهو الأكبر عالمياً، يستثمر نصف أصوله في الولايات المتحدة.

لم ينس ستولتنبرغ تذكير إدارة ترامب بالقواعد التي يتبعها الصندوق و"مبادئه الأخلاقية" وهو أمر ربما يتعذر فهمه على إدارة تتبع مفهوم "التجارة بالإكراه" مع شركائها، الذين يستجيب كثيرون منهم في إذعان.

لم تتفاجأ الإدارات الأميركية المتعاقبة بالدعوات العالمية لمعاقبة "كاتربيلر" والتي تمتد لعقود، وقد أصبحت هذه الدعوات أكثر قوة في عام 2003، حين وثقت الكاميرات مقتل الناشطة الأميركية راشيل كوري سحقاً تحت جرافة إسرائيلية من صنع الشركة، بينما كانت تحاول منع هدم منازل فلسطينية في غزة، لكن المؤكد أن قرار الصندوق النرويجي سيمثل دعماً كبيراً لأنصار حركة مقاطعة إسرائيل، التي اكتسبت زخماً واسعاً في الجامعات الأميركية منذ شنّت إسرائيل حربها على غزة ، لكنها تحولت إلى هدف للقمع والتنكيل من قبل ترامب ووزير خارجيته ماركو روبيو.

قد تكون البداية مع "كاتربيلر"، لكن المقاطعة لو تصاعدت ستطاول رموزاً لشركات كثيرة معروفة لدى الإعلام والساسة، بدءاً من شركات السلاح وحتى عمالقة التكنولوجيا.