هل تكون "وول ستريت" المتصدي الوحيد لسياسات ترامب؟

27 فبراير 2025
"وول ستريت" احتفلت بفوز ترامب قبل أن ترى سياساته، 12 ديسمبر 2024 (سبنسر بلات/Getty)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- خلال الولاية الأولى لترامب، كان لسوق الأسهم في وول ستريت تأثير كبير على سياساته الاقتصادية، حيث اعتبر تحركات السوق مؤشراً على نجاح سياساته.
- مع بداية ولايته الثانية، بدأت الأجواء السلبية تتحول إلى تدهور اقتصادي بسبب قلق المستهلكين وتقلبات السوق، مما أثار مخاوف بشأن سياسات ترامب الاقتصادية وتأثيرها على التضخم وعدم اليقين.
- تراقب الإدارة الأميركية مؤشرات اقتصادية مثل العائد على السندات الحكومية، وتسعى لكبح أسعار الفائدة، بينما أعلن ترامب عن تعرفات جمركية جديدة، مما أثار تخوف المستثمرين.

خلال الولاية الأولى للرئيس الأميركي دونالد ترامب، كان لسوق الأسهم الأميركية في وول ستريت تأثير خاص عليه بطرق لم يكن للكونغرس أو المحاكم أو حتى الرأي العام القدرة ذاتها على فرضها، حيث بدا وكأنه يتخذ تحركات السوق مؤشراً على نجاح سياساته الاقتصادية، على الأقل عندما كانت الأمور تسير على ما يرام.

ومع دخول ولايته الثانية شهرها الثاني، بدأت الأجواء السلبية تتحول إلى تدهور اقتصادي، مدفوعًا بقلق المستهلكين، وتقلب وول ستريت مع التوسع في فرض التعرفات، واستمرار التضخم، وهو ما برر البعض جزءًا كبيرًا منه بحالة عدم اليقين المحيطة بسياسات ترامب الاقتصادية. وحتى الآن، لم يشكل الكونغرس أو القضاء رادعًا قويًّا للسلطة التنفيذية، ولا يبدو أحد قادرًا على التصدي لسياسات الرئيس الأميركي سوى وول ستريت وأخواتها من البورصات الأميركية، حيث لا يمكن التلاعب بالأسعار، أو التحكم بها لتتماشى مع السياسات الرئاسية.

والأسبوع الماضي، شهدت وول ستريت تسجيل مستويات قياسية جديدة دون أن يرافق ذلك الحماس المعتاد لمثل هذه الارتفاعات. ومنذ ذلك الحين، أصبحت الأسواق أكثر تقلبًا، بينما أظهر استطلاع آخر لثقة المستهلكين أن الناس يتوقعون مستقبلًا أكثر قتامة. لكن التوقعات ليست بيانات دقيقة دائمًا، أو بالأحرى قد تكون أقل موثوقية من المؤشرات الاقتصادية الأكثر ثباتًا.

ولا تعكس الفجوة بين البيانات الاقتصادية والشعور العام القصة كاملة، إذ يعمل ترامب وفريقه بفاعلية على إعادة تشكيل التحالفات السياسية، والتجارة العالمية، والإنفاق الحكومي، ودور السلطة التنفيذية، مع جعل الكثير من المحللين يرون أن قلق الرأي العام من التهديدات الجمركية والتضخم لا يبدو مجرد مبالغة، بل هو انعكاس لمخاوف حقيقية.

ويقول بول ستانلي، الرئيس التنفيذي للاستثمار في شركة غرانايت باي لإدارة الثروات: "إذا كان التضخم شديد التمسك بمستوياته الحالية، فقد لا يتمكن ترامب من تنفيذ خططه بالكامل خوفًا من تفاقم المشكلة". وعلى الرغم من أن مؤشر ستاندرد أند بورز 500 لا يزال أقل بنسبة 3% فقط من أعلى مستوى له على الإطلاق، إلا أن فريق ترامب لا يرى أن الرئيس سيتأثر بتقلبات الأسواق اليومية. لكن التصحيح الحاد بنسبة 10% قد يكون له وقع مختلف تمامًا.

وكتب سكوت لينسيكوم، نائب رئيس الاقتصاد العام والتجارة في معهد Cato، في مذكرة: "إذا شهدت الأسواق انهيارًا حقيقيًّا، أعتقد أننا سنرى ردة فعل من ترامب. فالتهديدات الجمركية الكبرى ستتلاشى إلى الخلفية، وسنشهد تركيزًا أكبر على تمرير حزمة ضريبية جديدة".

والأسبوع الماضي، أشار وزير الخزانة سكوت بيسنت إلى أن الإدارة الأميركية تراقب من كثب العائد على السندات الحكومية لأجل 10 سنوات، وهو مؤشر اقتصادي آخر لا يتحرك لمجرد الرغبة في تغييره. وعلى الرغم من أن الإدارة قد تدفع بسياسات لكبح أسعار الفائدة وخفض تكاليف الاقتراض، فإن التراجع الأخير في سوق السندات يعود إلى القلق المتزايد بشأن التعرفات الجمركية والآثار الاقتصادية التي قد تترتب عليها.

وقد يبدو من الغريب أن تكون الأسواق والمؤشرات الاقتصادية بمثابة "فرع رابع للحكومة"، لتعمل كحاجز يدفع ترامب إلى إعادة النظر في أجندته إذا تدهورت الأوضاع. ولكن في النهاية، الأرقام لا يمكنها أن تُفسَّر إلا كما هي، دون تلاعب أو تحريف.

وعلى صلة بالأمر، وفي تعاملات الساعة الأولى من يوم الخميس، تراجع مؤشر ستاندرد أند بورز 500 يوم الخميس مع تخوف المستثمرين بعد إعلان ترامب أن التعرفات الجمركية على كندا والمكسيك ستُنفذ كما هو مخطط لها، بالإضافة إلى فرض تعرفات جمركية أكبر على الصين. وانخفض مؤشر ستاندرد أند بورز 500 بنسبة 0.5%، بينما تراجع مؤشر ناسداك بنسبة 1.1%، مدفوعًا بانخفاض أسهم إنفيديا بنسبة 3.2%، مما أثر سلبًا على المؤشر الذي يضم شركات التكنولوجيا الكبرى. أما مؤشر داو جونز الصناعي، فقد تمكن من تحقيق ارتفاع طفيف بمقدار 83 نقطة، أي بنسبة 0.2%.

وفي منشور على منصة تروث سوشيال، أعلن ترامب أن التعرفات الجمركية المقترحة بنسبة 25% على المكسيك وكندا ستدخل حيز التنفيذ في 4 مارس/آذار بعد انتهاء فترة التجميد لمدة شهر. وزعم ترامب أن البلدين لم ينجحا بعد في الحد من تدفق المخدرات عبر الحدود بشكل كافٍ، كما صرّح بأن الصين، التي تواجه بالفعل تعرفات جمركية بنسبة 10% من الولايات المتحدة، ستخضع لرسوم إضافية بنسبة 10%.

المساهمون