هل تقترب أزمة السيارات في الجزائر من الانفراج؟

20 مارس 2025
ارتفاع كبير في أسعار السيارات بسبب وقف الاستيراد (رياض قرمدي/فرانس برس)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- شهدت الجزائر تحركات إيجابية لحل أزمة السيارات، مع استيراد 150 ألف مركبة في 2023، لكن توقفت الاستيرادات وأغلقت مصانع التجميع، مما أدى إلى ندرة وارتفاع الأسعار.
- بدأت الجزائر تعزيز الإنتاج المحلي، مع إعلان مصنع "فيات" بوهران عن زيادة الإنتاج، ومشروع جديد لـ"هيونداي" بالتعاون مع مجموعة بهوان العمانية باستثمار 400 مليون دولار لإنتاج طرازات منخفضة التكلفة.
- رغم الجهود، لا يزال السوق يعاني من ارتفاع الأسعار ونقص العرض، ويتوقع الخبراء تحسن الأسعار بعد بدء الإنتاج الفعلي للمشاريع الجديدة، مع أهمية تشجيع المنتج المحلي وفتح الاستيراد بعقلانية.

 

لاحت مؤشرات في الجزائر جعلت المواطنين يمنون النفس بحدوث انفراج فعلي في أزمة السيارات التي تمر بها البلاد منذ سنوات، في ظل غلاء وصف بـ الفاحش" في أسعار المركبات الجديدة والمستعملة على حد سواء، رافقته ندرة حادة وغير مسبوقة في العرض.

واستيراد المركبات الجديدة في الجزائر متوقف منذ عدة سنوات، باستثناء العام 2023، الذي شهد دخول أكثر من 150 ألف مركبة، لكن الاستيراد سرعان ما توقف.

وإضافة لوقف الاستيراد، أغلقت السلطات مصانع للتركيب والتجميع كانت قد أطلقت في عهد الرئيس الأسبق، الراحل عبد العزيز بوتفليقة، وصفت بأنها كانت مجرد استيراد مقنع في شكل "مستودعات لنفخ العجلات".

موديلات جديدة ورفع الإنتاج في الجزائر

بداية هذا الحراك في سوق السيارات بالجزائر ترجم من خلال إعلان مصنع العلامة الإيطالية "فيات" بوهران، المملوكة لمجموعة "ستيلانتيس"، زيادة الإنتاج وطرح طراز ثالث للتسويق جلب تدافع واهتمام الآلاف من المواطنين.
ورافق إطلاق الطراز الثالث بهذا المصنع للتسويق، تدافع وطوابير أمام صالات العرض عبر مختلف الولايات للتسجيل على أمل الظفر بسيارة "دوبلو العائلية".

وحسب ما أعلنه مصنع فيات بوهران سيبلغ إنتاجه الإجمالي هذا العام نحو 60 ألف مركبة، من خلال ثلاثة موديلات هي فيات 500 ودوبلو التجارية (نفعية) ودوبلو للعائلات (سياحية).
ويرتقب أن يطرح مصنع فيات بالجزائر طرازاً رابعاً بنهاية العام الجاري، لم يتم الكشف عنه بعد، على أن يرتفع إنتاجه إلى 90 ألف مركبة في 2026، ونسبة إدماج محلية تناهز 30% (القطع والأجزاء المصنعة محلياً).

مشاريع قادمة بشراكة عربية

مؤخراً، أعلنت الوكالة الجزائرية الحكومية لترقية الاستثمارات تسجيل مشروع جديد للعلامة الكورية الجنوبية "هيونداي" لإقامة مصنع باستثمار قدره 400 مليون دولار، ستكون مجموعة بهوان العمانية شريكاً له.
ووفق صحيفة المجاهد الحكومية الناطقة بالفرنسية فإن العلامة الكورية الجنوبية، التي تعتبر أحد أكبر المصنعين للسيارات في العالم، اختارت رسمياً الجزائر لإقامة مصنعها الرئيسي للإنتاج في المنطقة.
وينتظر أن ينتج المصنع عدة طرازات من السيارات المنخفضة التكلفة (سياحية) وأخرى تجارية (نفعية)، مع إمكانية إدراج السيارات الكهربائية في خط الإنتاج المستقبلي. وسيجعل مصنع هيونداي بشراكة عمانية في الجزائر السوق الأفريقية هدفاً له أيضاً وفق المصادر ذاتها.
وكان مصنع للعلامة الكورية الجنوبية قد أغلق في الجزائر وتحديداً بولاية تيارت، بعد ضلوع الشريك الرئيسي فيه وهو رجل الأعمال محيي الدين طحكوت، المقرب من الرئيس الأسبق عبد العزيز بوتفليقة وشقيقه السعيد، في قضايا فساد، وإدانته بالسجن لعدة سنوات.

توقعات السوق والأسعار

على صعيد الأسعار، لا يزال المستهلك الجزائري يترقب هبوطاً ملموساً في أسعار السيارات، التي شهدت قفزات خيالية خلال السنوات الماضية بسبب نقص العرض. ورغم أن استئناف التصنيع المحلي وزيادة الاستيراد قد يساهمان في كبح جماح الأسعار، فإن متابعين يرون أن التأثير الفعلي لن يظهر إلا بعد دخول المشاريع الجديدة مرحلة الإنتاج الفعلي وضمان تدفق مستمر للوحدات نحو السوق.
ودفعت الندرة وقلة العرض إلى أن يصل سعر سيارة مستعملة عمرها عشر سنوات لتباع بأعلى من قيمة شرائها مع فارق الكيلومترات المقطوعة.

ورخصت السلطات باستيراد المركبات المستعملة من الخارج التي لا يتعدى عمرها ثلاث سنوات، بمحركات بنزين أو كهرباء، لكن الإجراء لم يسهم في ضخ معروض كاف في البلاد.
في هذا السياق يرى الخبير بسوق السيارات نبيل مغيرف، أن المعطيات الحالية لسوق السيارات بالجزائر تشير إلى أنه وصل إلى بداية دخول مرحلة الانفراج، لكنه ما زال في حالة تعطش شديد للمركبات الجديدة مع نوع من الندرة.
وأوضح الخبير مغيرف في حديث لـ "العربي الجديد"، أن الطلب ما زال يفوق العرض بكثير في سوق السيارات بالجزائر، والمعروض الوحيد المتوفر هو ما ينتجه حالياً مصنع فيات بوهران من خلال ثلاثة موديلات في انتظار طرح طراز رابع بعد أشهر من الآن. وعلق بالقول: "هذا المصنع يشتغل ليل نهار من خلال ثلاث مناوبات، لكن في الحقيقة طاقة الإنتاج لا تمكنه من الاستجابة للطلب الكبير والمتزايد".

وأضاف: "وتيرة رفع الإنتاج بمصنع فيات تشي بالتوجه نحو الانفراج على المدى المتوسط، رغم أن المواطن ما زال يجد صعوبات في الحصول على المركبات، لكن الأمر الإيجابي من حيث المبدأ أن الجزائر ماضية في مشوار التصنيع".
واعتبر المتحدث أن السوق ما زال يشهد غلاء فاحشاً في الأسعار ونوعاً من الندرة، خصوصاً أن سنة 2024 كانت بيضاء لم تعرف استيراد أي مركبة.
ولموازنة السوق يؤكد مغيرف أن هناك أمرين اثنين لا مفر من المزاوجة بينهما. الأول هو تشجيع المنتج المحلي وحماية العلامات والشركات التي استثمرت أو تلك التي تريد إقامة مشاريع تصنيع، أما الثاني فهو فتح الاستيراد بنوع من العقلانية للمحافظة على احتياطات النقد الأجنبي.
وخلص إلى أن من يحدد ويملي أسعار المركبات المستعملة هو سوق السيارات الجديدة، وفي غياب سوق سيارات جديدة سنشهد التهاب الأسعار وانتشار ظاهرة السمسرة.
واعتبر خبير سوق السيارات نبيل مغيرف أن الجزائر أمام فرصة إطلاق مشروعين صناعيين من علامتين عالميتين هما هيونداي الكورية الجنوبية وفولكس فاغن الألمانية، لكن على الإدارة تغيير منهجها لتجسيد المصنعين بأسرع وقت ممكن بالنظر إلى المنافسة الشرسة.
وأضاف: "الذي جاء للجزائر يجب أن نحافظ عليه ونوفر له كل ما يلزم كي يستثمر ما سيتيح للبلاد أن تصل إلى ذروة الإنتاج بهذه المصانع بعد ثلاث سنوات".

المساهمون